ماشطة بنت فرعون .. مدرسة الثبات

الرئيسية » بصائر للأسرة والمرأة » ماشطة بنت فرعون .. مدرسة الثبات
alt

 في قصص الأولين ما يثبت أنَّ المرأة ليست مخلوقاً ضعيفاً، وفي سير المؤمنين والمؤمنات ما يجعلنا نثق بهذا المخلوق الضعيف، فقوّة الإنسان ليست منوطةً بجنس أو بحجم أو بعمر، وإنَّما القوة الحقيقية هي تلك التي تنبع من قلبٍ قوي  وروح راسخة الإيمان. وبهذا تكون المرأة المؤمنة أقوى من الرَّجل الكافر، حتى لو كانت أمَةً مستعبدةً وكان هو سيّداً متفرعناً.
ففي قديم الزَّمان، يحكى أنَّ رجلاً طغى وتجبّر وبغى واستكبر، ونادى في الناس قائلاً :{أنا ربكم الأعلى}. ومن أنكر ربوبيته عوقب أشد العقاب وتجرع ألوان العذاب . فخافه الرجال والنساء ، وأعلنوا له الطَّاعة والولاء.
وفي قصر ذلك الفرعون، كانت امرأةٌ ضعيفة البنية والجسد ، أنثوية المظهر والكساء، لكنَّها كانت قوية الإيمان، صلبة الإرادة، كانت تخدم آل الفرعون وتعبد الله الواحد الأحد ، ولا تنحني إلاَّ لله ...
وفي أحد الأيام، وبينما هي تمشط بنت الفرعون، شاء قدر الله أن يسقط المشط من يدها . فقالت : بسم الله ، وقد كانت تخفي إيمانها من قبل . القوة الحقيقية هي تلك التي تنبع من قلبٍ قوي  وروح راسخة الإيمان
فقالت بنت فرعون: أبي؟
قالت : بسم الله ربّي ، وربّ أبيك ، وربّ العالمين .
قالت : إذن، لأخبره بذلك .
قالت : افعلي . فذهبت وأخبرت أباها فرعون، فجاء في تجبّر وتكبّر وقال : أولك ربّاً غيري ؟
قالت : ربّي وربّك وربّ العالمين سبحانه وتعالى .
فاغتاظ وقال : أو ما أنت منتهية عن ذلك ؟
قالت : لا .
قال : إذن، أعذّب أو أقتل .
قالت : (فاقض ما أنت قاض، إنَّما تقضي هذه الحياة الدُّنيا.
فراح يعذّبها عذابا شديداً، أوتد يديها ورجليها، وصبّ عليها العذاب صبًّا ، فكانت تمزج حلاوة إيمانها بمرارة العذاب. وتشتاق فتقول : إنَّما هي ساعات . . وإلى جنّات ونَهَر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ثمَّ أمر ببقرة من نحاس، ثمَّ جيء بها وبأولادها، فيأخذ الولد الأوَّل فيرميه فتقف. فيقول لها الولد الثاني : اصبري يا أمَّاه ، فإنَّ لك عند الله كذا وكذا إن صبرت .
ثمَّ يرمي بأولادها واحداً تلو الآخر، وهي تقول : (ربِّي وربّك الله، ربّ العالمين) . ولم يبق سوى طفل رضيع على ثديها، فتتردَّد في أن تلقي بنفسها من أجل هذا الرَّضيع، فينطقه الله ويقول : (يا أمَّاه، اقتحمي .. لعذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة).
فتقتحم النَّار مع طفلها الرَّضيع، لتلقى الله تعالى راسخةً بإيمانها ، قويةً بثباتها على الحق.
وتثبت ماشطة فرعون أنَّها أقوى من رجالٍ ألّهوا بشراً خوفاً من عذاب الدنيا ، بينما خاضت هي عذاب الدنيا بقوّة إيمانها بالله وحده .
وتنتهي هنا قصة فرعون، وتبدأ قصة امرأة وضعت أقوى وأرسخ بصمةٍ في التَّاريخ، وتنتقل  إلى الرَّفيق الأعلى ببشرى ساقها لنا الإمام أحمد عن الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام، قال : (فلمَّا كانت الليلة التي أسري بي أتت عليّ رائحة طيبة .. فقلت: ما هذه الرَّائحة الطيّبة يا جبريل ؟ قال : (هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها).
وأمَّا من كان يدَّعي القوَّة والألوهية (منتهى القوَّة)، فهو متعفن الجسد بالٍ ، لا يُذكر إلاَّ ليكون عبرةً وآيةً لمن خلفه.
فذاك ما يصنعه الإيمان الرَّاسخ بالأجساد الضعيفة، وتلك القوَّة التي لا يقف أمامها الجبروت والظلم.

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

إقرار أول قانون للحماية من العنف المنزلي في السعودية

قال مسؤول في مجال حقوق الإنسان إن السعودية أقرت قانونا مهماً يهدف إلى حماية النساء …