استعرضنا في الحلقتين السابقتين ما تعرضت له دراسة نادرة للأستاذ عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان المسلمين حول رؤية الإسلام للدولة الدينية , وملامح الحكومة الإسلامية .. ونتناول في هذه الحلقة رؤية الإسلام لقضية طالما استغلها المغرضون للمحاولة للنيل من عظمة الدين الإسلامي ألا وهي قضية المرأة , إذ ينتقد التلمساني في دراسته من يقيمون الدنيا دون أن يقعدوها، حسرة على حاله المرأة في المجتمع الإسلامي، وضياعها فيه، وهضم كل حقوقها، وجعلها في زوايا الإهمال والنسيان، ويتساءل التلمساني مستنكراً هل هم حقًّا جادون في ذلك؟ هل قرءوا عن مكانتها في الإسلام، فوجدوها الجنس المضيع المحتقر؟ فقاموا يدافعون عنها، ليجعلوها في مكانة المرأة الغربية تبذلاً واستهانةً بكل القيم الفاضلة!!.
ثم يستعرض التلمساني مكانة المرأة في ظل الحكومة الإسلامية، ويقول أن لها مثل الذي عليها بالنسبة للرجل، كن يفتين ويتصدرن مجالس العلم، ويعلمن ويروين الحديث وينشرن الدين في كل الأوساط والمناسبات، خرجت الصديقة بنت الصديق لتحجز بين فريقين متقاتلين من المسلمين، ويتردد عليها الكثيرون من الرجال سائلين ومستفتين ومستبينين، وكانت زينب بنت أم أبي سلمة أفقه نساء عصرها
ذمة مالية ..
ويقول التلمساني أن المرأة المسلمة تتصرف في مالها كيفما تشاء دون التوقف على إذن من زوجها، وتعمل في المجالات التي تتناسب مع أنوثتها، وتكوينها الطبيعي.
ويضيف كانت امرأة عبد الله بن مسعود تعمل للإنفاق على زوجها وأولادها، وكانت أم المؤمنين زينب بنت جحش تعمل في الأدم الطائفية الممتازة، وتبيع وتتصدق، ونعم لهوها في بيتها المغزل، وليس "الريميل" و"الروج" و"المانكير
ويقول التلمساني إن القول بمساواة الرجل بالمرأة، مخالفٌ كل المخالفة الطبيعية الربانية، فالإسلام يساوي بينهما في الحقوق والواجبات، أما في مجالات العمل وضروب الحياة فلا.
الإسلام والعلم ..
ثم يستعرض التلمساني بعض أسباب تأخر المسلمين ويقول قد يتوهم البعض أن تقدم الأمم الغربية، راجعٌ إلى هجرها لدينها وتعاليمه، وأن الأمم الإسلامية تأخرت بسبب تمسكها بدينها، وهذا وَهْمٌ لا يقوم إلا في أذهان لا ترتاح إلى دينها، والحق أن العالم الغربي ما يزال متمسكًا بدينه، فالكنائس عامرةً بروادها، ويوم الأحد له اعتباره في نظرهم والبابا له قداسته والإرساليات التي تُبشِّر بالدين المسيحي تملأ الأرض وينفق عليها الملايين.
فالدين إذًا ليس هو السبب، حتى ندعي أن مَن ترك دينه تقدَّم وعز وعلم، ومَن تمسك بدينه انحط وزل، وجهل، إنما الغرب أعطى العلم قدره فنفعه العلم، وأهمل المسلمون فمنحهم الجهل، ولو قامت فينا حكومات إسلامية تُعطي العلم النافع، ما أعطاه له الإسلام، لما كان هذا حالنا، ولما كان فينا مَن يعارض قيام الحكومة التي تحكم بما أنزل الله.
مكانة أهل العلم ..
ويقول التلمساني أن الإسلام رفع العلم وأهله إلى أعلى المستويات، فقد شهد الله لنفسه بالوحدانية وأشهد معه في هذه الشهادة الملائكة وأولى العلم، وهو الغنى عن شهادة خلقه أجمعين؛ لأنه واحد واجب الوجود، شهد الناس أو أنكروا: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ﴾ (آل عمران: من الآية 18) كما عطف جل جلاله العلم على الإيمان في رفعة المكانة وعلو المنزلة الرفيعة: ﴿يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة: من الآية 11) كما فرق بين العالم والجاهل: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: من الآية 9) وقد استفاضت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بالعلم، ورفع مكانة العلماء، فقال: "من طلب علمًا فأدركه كتب له من الأجر ما كتب، ومن طلب علمًا فلم يدركه، كتب له كفل من الأجر"، وقال: "خلق الله أربعة أشياء بيده، ثم قال لسائر الحيوان كن فكان... القلم والعرش وجنة عدن وآدم عليه السلام"، وقال: "طالب العلم بين الجهال، كالحي بين الأموات" وقال: "من طلب العلم كان كفارةً لما مضى" وغير ذلك من مئات الأحاديث.
ويضيف ولو أن الحكومات الإسلامية أعطت العلم النافع حقَّه من العناية والاهتمام، لما وجد مَن ينكر قيام الحكومة الإسلامية، إننا نرسل أبناءنا إلى الكليات الغربية دون أن نحصنهم بقدرٍ وافٍ من العلوم الدينية، فتبهرهم المظاهر الغربية من القوة والحضارة فيظنون مخطئين أن السبب في ذلك هو الدين، وهذا عين الجهل والخطأ.