العوضي: نحتاج إعلاماً محترفاً يجابه الفضائيات المغرضة

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » العوضي: نحتاج إعلاماً محترفاً يجابه الفضائيات المغرضة
alt

يلحظ المتابع استنفار القنوات الفضائية بتفعيل الخطط والبرامج والأعمال التمثيلية من أجل إغراق الشاشة بالجديد في شهر رمضان الفضيل، وكثير من هذه المواد ليس له علاقة بما يحث عليه هذا الموسم من خير وروحانية، بل هي سلسلة من العروض التي تستهدف الإخلال بتفرّغ النَّاس للعبادة، وصرفهم عن ذلك بما تحمله باقاتهم الرمضانية التي تتعمَّد عرض موادٍ أقلَّ ما يقال بحقها: إنها تافهة، تكثف جهودها في استهداف عقل المشاهد ونشر سمومها الفكرية والعقدية وحتى الأخلاقية.

على هامش محاضرة برعاية جمعية المحافظة على القرآن الكريم، التقينا الدَّاعية الكويتي الدكتور محمَّد العوضي، وحظينا بعرض بعض محاورنا... وإلى نص الحوار::

بصائر: المؤامرة الإعلامية على العقل العربي، والتي تبلغ ذروة عطائها المسموم في رمضان، كيف برأيك يجب التعامل معها؟ ولماذا لم يتمكن الإعلام الإسلامي من مجابهتها وتحجيم دورها؟
الفئات المحافظة ما زالت تعاني من عدم القناعة ببذل المال من أجل إخراج قنوات قيمية أخلاقية بديلة تجمع بين المتعة والفائدة.
د. محمد العوضي: بداية، نحن نعيش في عصر الصورة المتحالف مع الحاسوب، وتقانة الصورة لدرجة أنَّ البعض قال: إنَّ بلاغة الصورة الإلكترونية بدأت تكتسح بلاغة الكلمة الجميلة، وخطورة الصورة تكمن في عدم وجود مقدمات لها، بخلاف الكلام الذي يعطي فرصة للتأمل والتأويل والمراجعة، والتصدي يكون أولاً  بوجود قناعات، وللأسف نحن حتَّى الآن نعاني في الفئات المحافظة من عدم القناعة ببذل المال من أجل إخراج قنوات قيمية أخلاقية بديلة تجمع بين المتعة والفائدة، أنا شخصياً جلست مع كثير من رجال الأعمال وأثرياء فضلاء، عندهم استعداد أن يبنو المساجد وما شابه من صور الوقف، لكنَّهم غير مستعدين أن يبذلوا  أموالهم من أجل الإعلام وتطويره والسعي لتميّزه أو انتاج مواد وفلاشات ذكية مدروسة لها رسائل عميقة.

عدم وجود القناعة تعتبر أهم الأسباب لعدم القدرة على مجابهة الحرب الإعلامية الفضائية على المسلم في رمضان وغيره من الشهور، لذا يجب عمل أرضية قوية لضخ مفهومي لقضية تفعيل البديل، علماً بأننا لو امتلكنا القناعات فمن السهل تنفيذ البديل على الشاشة، وذلك لوجود أيادٍ تقنية محلية، وحتَّى عمالة اجنبية وخبرات مُستأجرة يمكننا من خلالها تنفيذ أروع ما يمكن بكلفة قليلة.
من مشكلات القنوات المحافظة، عدم معرفة الأولويات، وعدم تقديرها من قبل القائمين عليها، وتسليم إدارتها لغير ذوي الخبرة، كما أن الإعلام المحافظ ما زال يكرر نفسه، بحيث أن ذات الداعية وذات البرنامج يتنقل بين القنوات الإسلامية.

بصائر : ما  أبرز المشكلات التي تعاني منها المحطات المحافظة السَّابحة في فضاء الإعلام العربي ؟

د. محمد العوضي: أوّل المشكلات عدم معرفة الأولويات وعدم تقديرها من قبل القائمين على هذه المحطات، بالإضافة لتسليم إدارتها لغير ذوي الخبرة، فقد تجد إدارة القناة يمسك بزمامها أحد المشايخ، لكنَّه لا يملك الخبرة والفن والقدرة على توصيل الرِّسالة المطلوبة، نحن بحاجة لمختصين في المجال لإدارة زمام العمل وليس الكلّ مؤهلاً لذلك.
ومن المشكلات أيضاً أنَّ الإعلام المحافظ أو التربوي يكرِّر نفسه، فذات الدَّاعية وذات البرنامج والنمط  يتنقل بين القنوات الإسلامية.
كما أنَّه وإلى الآن لا زال القائمون على الإعلام الإسلامي يظنون أنَّ التأثير والتركيز يكون من خلال المحاضرات  والدروس، ويتناسون ضرورة البدائل الفنية والجمالية وأداوت الترفيه والتنويع.

بصائر : يأتي شهر رمضان هذا العام في ظل تحرّك عربي شعبي مطالب بالإصلاح غير معهود، ما أبرز ما يجب أن يميّز استقبال رمضان لهذا العام؟

د. محمد العوضي: منذ بداية العهد  الإسلامي الأوَّل  ورمضان  شهر مراجعة للذَّات ، وكان هذا الشهر  يشكل نقطة مراجعة حتى عند القادة وأفراد الجيوش الإسلامية في حروبهم مع الصليبيين والمغول وغيرها، فقد كان بالنسبة لهم دفعة إيمانية وضخ لنفسية قوية قادرة على  الصمود وبذل جهد أكبر، أما على الصعيد الفردي فالإنسان يعيش اليوم في حضارة نسميها حضارة نسيان النفس "نسو الله فأنساهم أنفسهم" وهذه الحضارة سادت معظم المجتمع المعاصر وللأسف. وذلك بسبب الإختراق الفكري الذي يغزونا، باتت المعصية ليست مجرد إفراط وكسل وغلبة شهوة، بل أصبحت تبرّر بأنّها أمر طبيعي، ولا بأس به ومكافحتها نوع من التشدد والتزمت.
يجب أن يتميّز رمضان هذا بأن يكون بمراجعة الذَّات والخلوة مع النفس، والتفكير بالدَّور المنوط بالفرد من أجل إصلاح ذاته وأمته.
يجب أن يتميّز رمضان هذا بأن يكون بمراجعة الذَّات والخلوة مع النفس، والتفكير بالدَّور المنوط بالفرد من أجل إصلاح ذاته وأمته،، نحن بلا شك مطالبون بمتابعة الثورات والإصلاح وهموم الأمَّة وأخبارها سواء في فلسطين أو ليبيا أو غيرهما، لكن يجب أن لا يغفل المسلم عن متابعة نفسه أيضاً، وأن يراجع ذاته، وأخشى ما أخشاه أن نعطي الهم العام قيمه أكبر من الهم الخاص وننسى حق أنفسنا علينا.
يقول علي بن أبي طالب: أنت أسير من احتجت إليه، ونظير من استغنيت عنه.. فلننظر لما نقع في أسره من ملذات أو حاجيات أو علاقات اوغيرها،،فرمضان آت لتحريري من الداخل ..

بصائر : استغلال رمضان فيما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع كيف يكون؟

د. محمد العوضي: أولا: يجب على الإنسان أن لا يشغل  نفسه بملهيات تضعف إيمانه.
ثانياً: أن يفعل جدولاً لاستثمار هذا الزمن المبارك.. وأن لا يقضي ساعاته وأيامه بعشوائية.
ثالثاً: أن يعرف معنى الخلوة مع الذات، وكما قال ابن عطاء الله السكندري: "ما نفع العبد مثل خلوة يدخل بها ميدان فكرة" على المسلم أن يجعل له خلوة يفكر فيها بحاله وبهمومه كفرد في الأمَّة،  وما تتطلبه الحياة منه كمسلم، بدلاً من حصر أفكاره في التطلعات المادية الصغيرة..
ينقل ابن القيم عن ابن تيمية قوله: "المرء يولد مرتان؛ أمَّا الولادة الأولى فهي المعروفة، وأمَّا الولادة الثانية فهي ولادة الروح والقلب من مشيمة النفس وظلمة الطبع" .. فنحن أمام تحدي..
نفس وطباع غرائزية نواجهها بالرّوح وتقوية ايمانيات القلب، هذا المطلوب منا..

وأقول أخيراً.. رمضان سوق قام ثمَّ انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، ونحن لا زلنا في بدايات تهيئة النفس لهذا الموسم، فلنعزم على التخلص من الكثير من الآفات التي تعكّر علينا صفو ونقاء هذه الأيام..

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الإعلام
  • حوار
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

    شاهد أيضاً

    طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

    مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …