الغطرسة.. مرض نفسي يصيب أصحاب المسؤولية

الرئيسية » بصائر من واقعنا » الغطرسة.. مرض نفسي يصيب أصحاب المسؤولية
alt

أكَّد رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي الدكتور أحمد عكاشة أنَّ صاحب المسؤولية الذي يبقى مدَّة طويلة في منصبه دون أي مساءلة، تحدث له حالة توحّد مع المنصب، ويعاني مرضاً نفسياً يسمَّى "متلازمة الغطرسة".
وأوضح عكاشة أنَّ تولي المسؤولية لا تكون مرضاً نفسياً إذا كانت هناك مساءلة، إلاَّ أنَّ طول مدَّة السلطة تغيّر من شخصية الحاكم في أي مكان بالعالم.

يذكر أنَّ د.عكاشة أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس المصرية، وهو الرّئيس السَّابق للجمعية العالمية للطب النفسي، وقد ألف 47 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية منها أربعة مراجع في الطب النفسي وعلم النفس الفسيولوجي، وهو حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الإبداع الطبي من أكاديمية البحث العلمي عام 2000.
المصدر: الجزيرة. نت

التعليق:
1. أصَّــل الإسلام لمبدأ المحاسبة عن المسؤولية في العمل في الكثير من المواضع، وقد أولى الشارع الحكيم الاهتمام للمسؤولية الفردية كما أولاها للمسؤولية الجماعية؛ ففي الفردية حضَّ الله تعالى المسلم على أن يراقب نفسه وأداءه باستمرار فقال تعالى: (يوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) (آل عمران 30) وقال تعالى: ( لِيجْزِي اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) (إبراهيم 51)، وقال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهين) (الطور 21)، وغير ذلك من الآيات التي تبيّن أنَّ كلَّ إنسان مسؤول عن أقواله وأفعاله.
وتتسع دائرة المحاسبة باتساع دائرة المسؤولية، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية ، وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيدهراع وهو مسؤول عن رعيته . قال : فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل في مال أبيه راع ، وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)). (رواه البخاري)

2. نبَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر غاية في الأهمية حينما حاول أسامة بن زيد التشفع عند الجهة المسؤولة عن المحاسبة آنذاك وهو الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام، فقال راوي الحديث: فلمَّا كلَّمه أسامة فيها تلوَّن وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، فقال : (( أتكلمني في حد من حدود الله )). قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله ، فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا ، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال : (أمَّا بعد، فإنَّما أهلك الناس قبلكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). (رواه البخاري)، وهذا ثبت رسول الله مبدأ محاسبة المخطئ أيا كان ومهما كان الخطأ.

3. تُعدُّ الرقابة في علم الإدارة الحديثة أحدَ العناصر الخمسة الرئيسة لأي إدارة كانت (التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه والرقابة)، فما معنى وجود مؤسسة تضع أهدافاً وخططاً ولكنَّها إن لم تحقق الأهداف لا تحاسب ولا توجّه، ولن ينجح أيّ عمل دون وجود هاجس المحاسبة، ولهذا كان مبدأ الثواب والعقاب متمثلاً في الجنّة والنار.

4. نستذكر هنا في هذا السياق مقولة الفاروق عمر بن الخطاب حين قال: (تفقهوا قبل أن تسوّدوا) فيجب على الدَّاعية أن يتفقه وينال قدراً لا بأس مع العلوم والمعارف قبل أن يسوَّد، أو ليسوّد ويؤدّي الأمانة ويقود العمل المنوط به بكل مسؤولية، و يكون قادراً على تحمّل مشاقها وتبعاتها، ومتقبلا لمبدأ النقد والتصحيح والمحاسبة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …