التربية الصَّحيحة قاعدة انطلاق ناجحة للدَّاعية

الرئيسية » بصائر تربوية » التربية الصَّحيحة قاعدة انطلاق ناجحة للدَّاعية
alt

التربية هي أهم ما يجب أن ينشغل به الدُّعاة، وضعف الجانب التربوي شيء يستوجب الوقوف عليه وتقويمه أولا بأول، لأنَّ التربية الإيمانية هي الزاد والوقود الذي يعمل به الفرد داخل المجتمع.
فالعمل السياسي والإداري والاجتماعي كلّ هذا يحتاج إلى مخزون إيماني كبير، لأنَّه بمثابة الوقود بالنسبة للمحرِّك. وهذا العمل التربوي ليس له مرحلة معينة يتوقَّف عندها، ولكنَّه مستمر مع الفرد طوال حياته، فالأفراد يتعرَّضون لمرحلة ضعف ينحدر فيها الإيمان.

ومن أسباب ضعف الإيمان:
1-    الوقوع في المعاصي والذنوب.
2-    عدم إتقان العبادات.
3-    التكاسل عن الطَّاعة.
4-    تغلغل بعض أمراض القلوب في النفس؛ كالرِّياء والعجب وغيرهما.
5-    احتقار بعض الطاعات وعدم الحرص عليها،  وقد قال الرَّسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك من في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط)). رواه أحمد.
6-    احتقار بعض المعاصي والتساهل في اقترافها.
7-    التعلّق بالدّنيا.
8-    حبُّ النفس.
9-    مجالسة غير الصَّالحين والابتعاد عن الصّحبة الصَّالحة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)). رواه الترمذي.
10-    عدم إحساس الفرد بنضوب المخزون الإيماني لديه والإيمان يزيد وينقص لا محالة {ليزدادوا إيمانا مع إيمانيهم}، (الفتح:4) وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم)). أخرجه الحاكم.
11-    والفهم الخاطئ لأولويات الإسلام، فأوامر الإسلام ليست كلها في درجة واحدة من الأولوية، فهناك من شعائر الإسلام ما هو فرض، وهناك ما هو سنة مؤكدة، وهناك ما هو مستحب فلا يجب تقديم السنة على الفرض وتقديم الأقل أهمية على المهم.

إننا إذا اعتبرنا أنَّ الفرد هو البنية الأساسية للعمل الدَّعوي فما سبق محاولة للاهتمام بالفرد وإعداده إيمانياً، وإذا كان الفرد يعمل داخل حركة دعوية فهناك عدَّة أخطاء يمكن أن يقع فيها رجال الدَّعوة منها:

1-    اعتبار بعض الأشخاص فوق التربية، أو بدون حاجة إلى التربية، أو تجاوزوا هذه المرحلة وهذا يتعارض مع منطق الإسلام وطريقته في التربية، فكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلّم يقوم ويربّي الصَّحابة في كلِّ وقت؛ فحينما قال أبو ذر لبلال: يا ابن السوداء. قال له الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنك امرؤ فيك جاهلية))، وعلَّمه أن هذا أمر من أمور الجاهلية يتنافي مع مبادئ الإسلام وقيمه التي ينادي بها.

فمعروف أنَّ المسلم يمرّ في حياته  باختبارات وابتلاءات، ومعرَّض للفتن التي تعرض عوداً عوداً على القلب، هذه الفتن تأخذ من إيمان الفرد وتنخر فيه، فإذا لم يكن هناك تعهد بالمحاسبة والمراجعة والتناصح في الله ضعف الإيمان ونزل إلى أدنى مستوياته .

2-    عدم وضع المناهج التربوية موضع دراسة وتعديل بما يتوافق مع الاحتياجات والظروف التي تمرّ بها الدّعوة، فالمناهج التربوية ليست قواعد صمّاء تطبق بالحرف، ولكن هناك اجتهادات وابتكارات في مجال التربية بما يتناسب مع طبيعة العصر والظروف، وبما يضمن ثبات المنهج والغاية، ودليل ذلك أننا كنا قبل الثورة في مصر لا نستطيع أن نقوم ببعض الأنشطة الدَّعوية خوفاً من بطش الأجهزة الأمنية، وحتَّى بعض الأماكن كانت مغلقة في وجه الدّعاة، أمَّا الآن فنجد أنَّ الأمور تغيَّرت وأصبحت الوسائل الدَّعوية متاحة بجميع أشكالها لذلك يجب تغيير طريقة التفكير وطريقة العمل. 

3-    توقف الجانب التربوي في بعض الظروف لحساب جوانب أخرى في الدَّعوة؛ كالجانب السياسي أو الجانب الاجتماعي، مع أنَّ الجانب التربوي هو الأساس في العمل الدَّعوي، وهو وقود العمل الدَّعوي، فكيف يستطيع أن يتحرَّك الفرد دون زاد يعينه على مواصلة السير. فإذا أردنا أن نخرِّجَ أجيالاً تتحمَّل المسؤولية في كلِّ مجالات الحياة، وتراقب الله في عملها وتنطلق من فهم شامل للإسلام وتطبيق عملي للإسلام على النفس والأهل ومع النَّاس، فيجب أن نفرد لهذه الأجيال مناهج تربوية قويَّة حتَّى ترجع الأمّة إلى ما كانت عليه من قبل تصنع المعجزات وتري العالم كلّه حضارة الإسلام التي ما صنعت على القتل ولا الغدر والخيانة، وإنَّما صنعت على أكتاف رجال يفون بالعهود حتَّى ولو كانت مع أعدى أعدائهم .

4-     غياب المتابعة التربوية لجميع العاملين في مجالات الدَّعوة، فقد تقتصر المتابعة التربوية على بعض العاملين في الدَّعوة، وهذا من الخطأ لأنَّ الجميعَ محتاجون إلى هذه المتابعة حتَّى نكون على علم بمستويات الأشخاص الإيمانية، وعلى دراية بما يلحق بهم من أمراض، قد نستطيع أن نجد لها علاجاً إن تمَّ اكتشافها في وقت مبكر.

الدَّعوة إلى الله لها طرق ولها وسائل تحتاج إلى دراسة متعمّقة، وإلى متابعة لكلِّ المستحدثات، والاستفادة من كلِّ الأفكار، والانفتاح على المجتمع، ومعرفة طرق الدخول إليه وتعريفه بمنهج الإسلام الصَّحيح.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …