إذا كان من أعظم المهام التي يمكن أن يقوم بها "شيطان" هي أن "يفرِّق" بين زوجيْن بخلاف أو خصام أو عتاب وجدال؛ فإنَّ رمضان الذي "تتصفد" فيه الشياطين لهو موسم مهم يجب استثماره في "تزكية" العلاقة الزوجية و"تقوية" روابطها..
يقول الله عزَّ وجل: { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها} فالشعور بـ"السكينة" و"السكن" بين الزوجيْن شعور يملأ حياتهما بالراحة والسعادة والرضا..
كيف السبيل ؟
يحتاج كلا الزوجيْن إلى النظر بعين "الحب" إلى شريك حياته، هذا الشريك المطلع على كلِّ تفاصيل الحياة، هذا الشريك القريب من الرّوح والعقل، الذي يتحمّل تقلبات المزاج، ويشدّ من الأزر عند الملمات، ويعين عند الحاجات..
إنَّه شريك الحياة الذي عرفت من خلاله معنى "الأسرة"، وهو شريك الحياة الذي أذن الله عزَّ وجل أن يرزقنا الذرية لنسمع أروع كلمتيْن :أمي..أبي.. إنَّه شريك الحياة الذي سأكمل معه مسيرتي في هذه الحياة..إنّه يستحق أن أنظر له بعين "الحب" وأسكن إليه وأوفّر له شعوراً بالدّفء والأمن والمودة والرّاحة..أن أوفّر له شعوراً بالسّكن والسكينة..إنَّها دعوة لأن نوسع أفق تفكيرنا ولا نضيق ذرعاً بمشكلات يومية صغيرة لنجعلها تعكّر علينا صفو حياتنا وحياة أبنائنا من بعدنا..
تقربي..إليه:
كوني له في هذا الشهر الكريم عوناً على الطّاعة..هيّئي له سبل الراحة وذكريه وذكري نفسك بأنك تقومين بذلك ليكون لك الأجر في إعانته على العبادة في هذا الشهر العظيم، بادري بسؤاله عن صلاته وقرآنه، استحثي فيه فعل الخيرات من الصدقات وتفطير الصَّائمين والتزام الصلوات في المسجد جماعة..
إذا كانت لديه أم أو كان لديه أب، فالأجدر بك أن تبادري دوما بسؤاله عمَّا إذا كان يريد أن تأخذوا طعامكم لتفطروا معهما أو تستضيفهما للفطور عندكم، ويا لسعادتك يومها فالأجور مضاعفة: تفطير صائمين ورضا الزّوج وإعانة على البر وينالك من رضا الوالديْن على ولدهما البركة في العيش والهناء في الحياة..أي جمال وروعة لرمضان ستشعرين بها إذا قمت بذلك..
تقرب ..إليها:
تبالغ عزيزي الزّوج في إرهاق زوجتك في هذا الشهر بإعداد الولائم، معلّلا ذلك بـ"كرم" إسلامي يجب- وفق نظرتك- أن يفوق الكرم الحاتمي عدداً ونوعاً!..فأنت "تكرم" كل من حولك وتنسى أنك بذلك "تهدر" وقت زوجتك وصحتها في هذا الموسم الرّباني العظيم!!
ليست دعوة إلى "تحريم" الولائم، ولا إلى إعلان ثورة "نسائية" على الولائم الرمضانية!! بل هي دعوة لك للتعقل فيما تقوم به، وأن تنظر إلى زوجتك "الإنسان" التي يمضي عليها رمضان وهي تتمنى أن "تقوى" على الطّاعة والعبادة وقراءة القرآن، وإذ بها تقضي معظم النهار في المطبخ، ومعظم الليل كذلك، ثمَّ لا تجد لديها ثمَّة قدرة على الوقوف للحظات للصَّلاة، أو ثمة أعيناً تستطيع أن تفتحها لتقرأ في المصحف، فضلاً عن "عقل" يفهم ما يقرأ!!
ساعدها.. خفّف عنها.. تناوبا في إعداد مائدة الفطور أو السّحور.. إذا كنت مقتدراً فأرحها يوماً في الأسبوع مثلاً وأحضر طعاماً جاهزاً..اصحب أطفالك في نزهة إن كانت ظروف عملك تسمح بذلك وهيّئ لها وقتاً لتصفو وتتعبد بهدوء..ذكرها باستحضار النيّة، وحثها على أحب الأعمال إلى الله في هذا الشهر..اطلب منها أن تزيد من "مقدار" طبخها لإفطار حارس العمارة أو جاراً فقيراً أو عاملاً محتاجاً...وهنّئها في كلِّ يوم على أجر "صائم" جديد تقوم بتفطيره..
كونا..مثالاً:
الحياة بين الزوجين هي بالنسبة للأطفال كفيلم يعرض لهم صباح مساء، وهم ينظرون إليه ويخزنون كل ما يحتويه هذا الفيلم من مواقف ومشاعر وكلمات، وإذ بهم إذا كبروا يعدّون ذلك الفيلم هو "النموذج" الذي يجب أن يتكرّر في حياة كل منهم..فإذا حرصنا على أن نقدّم لأولادنا أفضل "نموذج" زوجي في رمضان – وغيره بالطبع- فإننا بذلك نسهم في أن تكون حياة أولادنا أيضاً مليئة بالهناء والسّعادة والسكينة..
إنَّها دعوة لأن نوسع أفق تفكيرنا ولا نضيق ذرعاً بمشكلات يومية صغيرة لنجعلها تعكّر علينا صفو حياتنا وحياة أبنائنا من بعدنا..إنّها دعوة لأن "نرضي" الله في علاقتنا مع أزواجنا..إنّها دعوة لأن نلتزم دعوة الصّالحين "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماماً"..رمضان..مليء بمشاعر السكينة نرجوه لكما..أيّها الزَّوجان..