دعت مؤسسة القدس الدولية في تقريرها السنوي الخامس الذي يحمل عنوان: " عين على الأقصى" ويرصد الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى في المدَّة ما بين عامي 2010-2011 المقاومة الفلسطينية إلى التكيف مع الواقع الجديد وإعادة إنتاج نفسها بطرق مختلفة تسمح لها بالتحرّك لنصرة المسجد الأقصى، كما دعت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى عدم تقديم أي تنازل عن السيادة والحق الفلسطيني في القدس، في سبيل الحصول على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
وطالبت مؤسسة القدس الحكومة الأردنية بوصفها الوصي القانوني على المسجد الأقصى، إلى الرفض القاطع والنهائي لأي محاولة لنزع الحصرية الإسلامية عن المسجد، وحث تقرير مؤسسة القدس في توصياته الحكومات العربية والإسلامية لاستغلال الزخم الشعبي العربي، وترجمته لرفع سقفها تجاه الأقصى، وتشكيل جبهة موحدة للضغط على الاحتلال، ودعم الموقف الفلسطيني المتمسك بالحقوق العربية والإسلامية في المسجد الأقصى.
حث التقرير الجماهير العربية والإسلامية على تخصيص حيّز للمسجد الأقصى في تحرّكاتهم ورؤيتهم السياسية، وجعل الموقف من القدس والأقصى أحد المعايير التي تحكم اختيارهم للشخصيّات والبرامج والأحزاب السياسيّة في أي انتخاباتٍ قادمة.
ولم ينس التقرير حث الجماهير العربية والإسلامية على تخصيص حيّز للمسجد الأقصى في تحرّكاتهم ورؤيتهم السياسية، وجعل الموقف من القدس والأقصى أحد المعايير التي تحكم اختيارهم للشخصيّات والبرامج والأحزاب السياسيّة في أي انتخاباتٍ قادمة.
كما دعا التقرير وسائل الإعلام والإعلاميين إلى تخصيص مساحةٍ للمسجد الأقصى في تغطياتهم الإعلاميّة والتفاعل مع التطوّرات الميدانيّة الحاصلة فيه أوّلاً بأوّل لمنع الاحتلال من استغلال الانشغال العربيّ لتمرير مخطّطات التهويد والتقسيم التي يُبيّتها للمسجد الأقصى.
داعياً في الوقت ذاته الشباب والقائمين على الإعلام الإلكترونيّ لتخصيص مساحةٍ في تغطياتهم لأوضاع المسجد الأقصى وتطوّرات الأحداث فيه، والتفاعل معها بما يليق بمكانة المسجد الأقصى، إذ لا يزال هذا الموضوع غائبًا إلى حدٍّ بعيد في الإعلام الإلكترونيّ العربيّ في مقابل حضورٍ نوعيّ وكثيّفٍ له على الجانب الآخر.
الاعتداء على الأقصى ..
رصد التقرير الاعتداءات التي تعرَّض لها المسجد الأقصى خلال هذه المدَّة، والتي تتمثل بأربع مسارات رئيسة؛ حيث استعرض المسار الأوَّل تطوّر فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى مشيراً إلى أنَّ العام الماضي شهد تطوراً على جميع المستويات فيما يتعلق بالوجود اليهودي في القدس، فلقد صدر تقرير إسرائيلي، حول إمكانية فرض السيادة اليهودية على الأقصى، وإخضاعه لقانون الآثار الخاص بهم وما يستتبعه من تداعيات ونتائج.
أمَّا على المستوى الديني، فتتمثل بفتوى الحاخام (شموئيل إلياهو) بوجوب تقديم قرابين عيد الفصح في "جبل المعبد" أمام قبة الصخرة. وتعدّ هذه أول فتوى من نوعها، في جواز تقديم القرابين في هذه المنطقة.
وعلى المستوى القانوني، فتجلى في الحملة السياسية والإعلامية التي أطلقها المتطرفون اليهود بدعم من بعض نواب الكنيست والتي اتهموا فيها الشرطة بالتمييز ضد اليهود في الدخول للمسجد، حيث وعدت الشرطة الاسرائيلية من جهتها بمنح تسهيلات أكبر لدخول اليهود، وتمَّ ترجمة وعدهم بالسماح لأكثر من 500 متطرّف يهودي بدخول المسجد الأقصى بحماية الشرطة، في ذكرى خراب المعبد 9-8-2011.
أمَّا المسار الثاني في التقرير، فقد تناول قضية الحفريّات والبناء أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه؛ حيث انتقلت الحفريات أسفل المسجد الأقصى من توسيع رقعتها وزيادة أعداها، إلى ترميم المواقع الموجودة وإعدادها لاستقبال الزوار، بالإضافة إلى تجهيز البنى التحتية والخدمات اللازمة فوق الأرض، لتحويل " المدينة التاريخية اليهودية" المبنية أسفل المسجد ومحيطه إلى مزار سياحي، حيث زار هذه المدينة خلال العام المنصرم أكثر من مليون زائر.
أيضاً تقوم سلطات الاحتلال بتوسيع ساحة البراق والتي تزيد مساحتها عن 7 دونمات، حيث يعد هذا المشروع الأول من نوعه، منذ احتلال المدينة المقدسة.
أمَّا فيما يخص الحفريات، فقد انخفض عد المواقع الجديدة فيها إلى 4 فقط. إلاَّ أنَّ هذه الحفريات تعدُّ أكبر وأكثر خطورة من سابقتها، حيث وصل عدد الحفريات حول المسجد الأقصى بشكل عام إلى 38 موقعًا، 25 منها نشطة، و13 مكتملة. أمَّا من الناحية الجغرافية فتقع 17 حفرية منها جنوب المسجد، و19 حفرية غربه و 2 شماله.
على الرّغم من انخفاض عدد الاقتحامات والتصريحات المعادية للأقصى في العام المنصرم، إلاَّ أنها باتت أكبر حجماً وتنظيماً ونوعية، وذلك بهدف تحقيق الوجود اليهودي على الأرض وحمايته ومنحه صفة شرعية توازي تلك التي للوجود الإسلامي في المسجد الأقصى.
واستعرض المسار الثالث البناء ومصادرة الأراضي في محيط المسجد حيث قام الاحتلال بتحويل المنطقة المجاورة لباب الحديد ( أحد الأبواب الغربية للمسجد الأقصى) إلى ساحة شبه رسمية لصلاة اليهود، حيث أطلقت عليه اسم "المبكى الصغير" كما ناقش الكنيست الإسرائيلي، يوم 3-8-2011 مشروعا لناء تلفريك يصل بين منطقة غرب القدس وباب المغاربة، لنقل أكثر من 4000 شخص يومياً بين المنطقتين.
وتناول المسار الرابع بالتقرير تحقيق الوجود اليهودي داخل الأقصى والتدخّل المباشر في إدارته فعلى الرّغم من انخفاض عدد الاقتحامات والتصريحات المعادية في هذه المدَّة، إلاَّ أنها باتت أكبر حجماً وتنظيما ونوعية، وذلك بهدف تحقيق الوجود اليهودي على الأرض وحمايته ومنحه صفة شرعية توازي تلك التي للوجود الإسلامي في المسجد الأقصى.
وكان هذا الأمر جليّاً في طريقة تعامل الشرطة مع الاقتحامات، بحيث صارت تتساهل معه المتطرفين اليهود وتسمح لهم بممارسة الشعائر الدينية، ويشارك بعض أفراد الشرطة في هذه الطقوس، في حين تتعامل بعنف بالغ من المصلين، وذلك بهدف زرع الرعب في نفوس المصلين وإيجاد حاجز من الخوف يمنعهم من الاقتراب من اليهود، كما أشار إليه التقرير.
واستعرض تقرير القدس ردود الفعل على التطورات الجارية في المسجد الأقصى مشيراً إلى أنَّ الفصائل الفلسطينية، بقيت عاجزة عن أيّ ردّ فعلي تجاه الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية في المسجد الأقصى، مكتفية بالتحذير مما يجري وخطورته , واقتصرت ردود الأفعال على الصَّعيد العربي والإسلامي، على الإدانات الخجولة، مع غياب التحركات الشعبية، حيث ربّما يعود ذلك إلى الثورات العربية، وما فرضته من ارتباك على المستويات الداخلية، وعلى المستوى الإقليمي العام.