سعود أبو محفوظ : مطالبون بتعبئة العالم لنصرة الأقصى

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » سعود أبو محفوظ : مطالبون بتعبئة العالم لنصرة الأقصى
alt

أنين المدينة لا زال يدوِّي في أرجاء الأرض يستنهض في قلوب أهلها قضية أمّة وآلامها، فهي من حملت بين جنبيها قبلتهم الأولى، ومسرى نبيهم، وكانت شاهداً على أفراحهم وأتراحهم وانتصاراتهم وجراحهم .. في القدس هناك يقف مبنى الأقصى أعزلاً أمام استهداف ممنهج من قبل الحاقدين على وجوده، ينتهزون فرصة النّيل منه والقض من أطرافه، يعتقدون أنَّ الاعتداء عليه عبادة تقرّبهم من الجنة التي يزعمون أنَّهم أهلها زلفاً... في حين لا زال المسلمون لاهين عن سيّد المقدّسات وأوّل وجهة وقبلة.

علاقة وثيقة تجمع بين اسمه والقدس معاً، يحمل همّها بحُرقة، لا تجده إلاَّ متحدّثاً عن أخبارها وآلامها وآمالها وتطلعاتها وسبل نصرتها وسبيل الوصول إليها وتحقيق الوعد الرباني بعودتها؛  إنَّه الأستاذ سعود أبو محفوظ أحد أعلام المدينة المقدسة الرَّابضة هناك في العرين  يتحدَّث لـ " بصائر " عن الأقصى والمدينة الدَّامعة.

بصائر:  بداية، ما أبرز العوائق التي صاحب مسيرة التعريف ببيت المقدس، وجعلها قضية المسلمين الأولى، وكيف تنظر للجهود المبذولة من أجل القيام بذلك؟
كان للوضع السياسي البائس الذي مرَّت به الأمَّة في الحقب السَّابقة دورٌ في تأخير قضية القدس لتكون في صدارة اهتماماتها، وحرمها من الأولوية القصوى والنظر إليها كقضية أولى للأمَّة
سعود أبو محفوظ: الحقيقة كان للوضع السياسي البائس الذي مرَّت به الأمَّة في الحقب السَّابقة دورٌ في تأخير قضية القدس لتكون في صدارة اهتماماتها، وحرمها من الأولوية القصوى والنظر إليها كقضية أولى للأمَّة، ثمَّ انشغال الأمَّة في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، ثمَّ القطريات، ثمَّ عدم التقاء الأمَّة على قضية جامعة، والتي هي القدس التي قدمها الله سبحانه وتعالى لتكون كعبة أولى وقبلة أولى، ثمَّ الجهل المطلق في قضايا الأمَّة الكبرى، ثمَّ الانحطاط السِّياسي الذي مورس من قبل  أنظمة عديدة في العالم العربي والإسلامي، ثمَّ عدم وجود خلافة وسلطة مركزية، ثمَّ شطب الدَّولة المحورية العثمانية التي كانت رغم كل شيء تحافظ على القدس وتحفظ القدس وكيَّفت نفسها للدِّفاع عن القدس ونقلت الأمَّة من وضعية الدّفاع إلى الهجوم، وسيطرت على البحر الأبيض المتوسط، واغتالت أمل الصليبين في إمكانية العودة للقدس عام 1556م، ثمَّ جاءت بعد ذلك التجزئة والقطرية حتى  برزت إلى السَّطح بعد النكبة "منظمة التحرير الفلسطينية" كأداة عربية لتجزيء القضية وتقزيمها وتمزيقها  وحصرها في  الفلسطينيين  وما يرضى به الفلسطينيون، وسلبها من أن تكون قضية المسلمين الأولى والمركزية، فرأينا الحقيقة تراجعاً كبيراً حتّى وصلت لأن تكون غزة أريحا أولا والقدس على أجندة المفاوضات النهائية التي لم تتم حتّى اللّحظة.

وهذه العوائق عميقة مستفحلة، لكن هذا لم يمنع في الفترة الأخيرة جهود ما يقوم به طلائعيون ورواد ترجمت في المؤسسات والائتلافات وهيئات تعمل بإخلاص وصدق ليل نهار لإشاعة الثقافة المقدسية وتعميم معارفها وزرع الوعي واستزراع الفهم ثمَّ استسقاء النصر إن شاء الله، الصورة الآن أفضل بكثير من قبل، لكن يلزمنا ما هو أكثر لكي تكون القدس في مركزية المسرح ومحور القضايا، كيف لا وهي التي تعطي الأمَّة الوقود اللاَّزم للانطلاق وبهجة الاشتعال.


بصائر: البعض يعدّون القيام بمؤتمرات مقدسية وفعاليات تعريفية بالقدس أمراً يجنح للبذخ وينشغل فيه الناس عن النصرة الحقيقة للمقدسات، بظنهم أنَّ النصرة هي شعارات وهتافات.. هل فعلاً الفعاليات المقدسية أصبحت مكرّرة ويقتصر دورها على ما سبق؟ أم أنها تحمل وجهاً من وجوه النصرة؟
يجب أن نستثمر كل الآليات في سبيل إحقاق الحق الثابت والمقدس في بيت المقدس.
سعود أبو محفوظ: دعم القدس بكلِّ الوسائل لازم وضروري، الدّعم المباشر والتوعية والتنوير والمؤتمرات واللقاءات والاستنهاض والتشويق والمنتديات والملتقيات والجهد العالمي والإعلامي والرِّسالي مهم جداً.
إسرائيل لما قامت لم تقهر العرب بالسلاح فقط، بل استخدمت كلّ الوسائل المتاحة من أجل تسويق أكذوبة حقها في اغتصاب فلسطين،  ونحن يجب أن نستثمر كل الآليات في سبيل  إحقاق الحق الثابت والمقدس في بيت المقدس.

بصائر: ما رأيكم بالجهود المبذولة في توعية العامَّة ووضعهم في صورة ما يحدث داخل أسوار المدينة المقدسة؟
الدَّورات  لها دورٌ كبيرٌ في تثقيف المعارف وتوطيد المفاهيم وتنسيق الجهود بين المهتمين ومراكمة الثقافة المقدسية لكي نواجه الواقع الباطل الضّال
سعود أبو محفوظ: يلزم العوام التعبئة والتنوير والاطلاع على الوضع الذي يمرّ بالمسجد الأقصى، والدَّورات  لها دورٌ كبيرٌ  في  تثقيف المعارف وتوطيد المفاهيم وتنسيق الجهود بين المهتمين ومراكمة الثقافة المقدسية لكي نواجه الواقع الباطل الضّال، ولا يمكن مواجهته بجمل سطحية، إنّما التثقيف يحتاج إلى معرفة عميقة وتبصرة لكي يمحو نور الحق باطل الأوهام التي زرعوها ويزرعوها حتَّى في نفوس بعض المثقفين.

بصائر: في ذكرى إحراق المسجد الأقصى لا يزال اليهود يستهدفونه بكل السبل والوسائل، ما الغاية من ذلك؟ وما ردّكم على من يشكك بالنوايا الخبيثة لليهود تجاه مقدسات المدينة السليبة؟
الأقصى الآن يهدم، وينتقص من أطرافه بشكل منهجي وعلى مدار السَّاعة، وتستهدف أركانه الأربعة، فضلاً عن استهداف هويته الإسلامية.
سعود أبو محفوظ: لا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم، إسرائيل قامت لغاية دينية هي غرس الهيكل، هم أوجدوا الدولة كوسيلة لغاية، غاية غاياتهم هي هدم المسجد، وأنا على يقين أنهم على هدمه، وأقولها بكل صراحة الأقصى الآن يهدم، وينتقص من أطرافه بشكل منهجي وعلى مدار السَّاعة، وتستهدف أركانه الأربعة، فضلاً عن استهداف هويته الإسلامية. والأقصى ليس مبنى تاريخياً، الأقصى مشهد قدسي كامل متكامل تخرج منه الطائفة المنصورة التي تقيم فيه وبأكنافه، الطّائفة المنصورة هي جزء من كيان الأقصى.

والله، إنَّ ما يسمَّى بأورشليم تلتهم القدس، وتلتهم المسجد الأقصى، إنَّهم يريدون اقامة مدينة داؤود المشؤومة على ... التوراتية الفاجرة والكافرة، هم يريدون دولة يهودية وعاصمة يهودية تخلو من العرب والمسلمين،هم لا يريدون منائر القدس ولا محاريبها ولا بيوت قرآن ولا تكاياها ولا ربطها ولا مدارسها ولا مصليها ولا بوائكها. جاهل من يدَّعي  أنَّهم لا يريدون شطب المدينة المقدسة وهدم الأقصى؟! إنَّ إقامة الهيكل على أنقاض الأقصى يحتل قمَّة هرم أكاذيبهم واهتماماتهم . وأنا على يقين أنَّ كلاًّ منهم يعمل على ذلك، حتَّى العلماني اليهودي لا يناقش في قضية الهيكل، فهو مسلّمة من المسلمات، وليس فرضية من الفرضيات. بل أصبح إقامة الهيكل عقيدة عندهم. إنَّ مقولة إنَّهم مسالمون ولا يريدون هدم الأقصى، وإنَّما يريدون بناء شيء موازٍ، هذا كلام لا أصل له، إنَّما يريدون استئصال المسجد، هذا الكيان إحلالي استئصالي إلغائي بالكامل، وأوَّل ما يريدون شطبه ومسحه وكنسه وتطهيره من الجذور هو المسجد الأقصى. ومن يشكك في ذلك، فلينظر إلى آثار الإستيطان المتدحرج ومسيرة الحفريات المتدرجة، سيصل إلى النتيجة بنفسه.

كلمة أخيرة::
أقول في هذه اللَّيلة المباركة  في ساعات مباركة والدَّقائق الغالية: إنَّ على كلِّ مسلم ومسلمة في زوايا الكون الأربعة أن يضع الأقصى بين عينيه، أن يدعو له بإخلاص، وأن يستسقي النصر، وأن يستمطر الفرج.

أنا أتمنى في هذه الليالي  أن يكون الأقصى خلاصة دعوات المسلمين الصَّائمين وطاعة ربّ العزَّة تكون في ذروتها خلال هذه الأيام وهذه المرحلة، آمل أن يزول قريباً الحال القاتم المفروض على الأقصى، وما ذلك على الله بعزيز.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الأقصى
  • حوار
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

    شاهد أيضاً

    طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

    مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …