صور مضيئة ..
رغم كل ما تتعرَّض له القدس من تضييق وحصار خانق، إلا أنها تبقى صامدة بتاريخها، وسكانها، فرغم كل ما تتعرض له المدينة المقدسة، نجدها تتزين بأولئك المصلين الذين يتحدون إرادة المحتل، فيشدّون الرِّحال لأداء الصَّلاة في مسجدها، وباحاتها المقدسة، ونجد أهل القدس، رغم غلاء المعيشة، ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، وغيرها، مصرّين على البقاء، رافضين للمساومات ومحاولات الابتزاز ومصرّين على التمسك بأرض آبائهم وأجداهم رغم الملايين التي تعرض عليهم للتنازل عنها.
أمَّا أهل فلسطين، فتجدهم يبذلون الغالي والرَّخيص للوصول للأقصى، مهما كلَّف الثمن، ومهما كانت المعاناة، رافضين لتلك الحواجز التي تحاصر أقصاهم وتلك المستوطنات التي تحيط به كالسوار للمعصم، ومؤكدين على إسلامية هوية أقصاهم، رغم كل محاولات التهويد وقلب الحقائق.
وإن تعرض الأقصى لأي خطر، رأيت كل منهم يثور على طريقته، بين متظاهر وغاضب، ومعتكف ومرابط، ومجاهد ومقاوم، ليثبتوا للعالم أن لا معنى لفلسطين دون الأقصى، وأن لا معنى للكرامة والحرية دون أن يكون الأقصى عزيزاً محرّراً.
الثورات العربية المباركة أثرت بشكل كبير على القضية الفلسطينية حيث فقد اليهود أهم الاوراق التي كانت تدعمهم لوجستياً وأمنياً.
واجبنا
الثورات العربية المباركة أثرت بشكل كبير على القضية الفلسطينية حيث فقد اليهود أهم الاوراق التي كانت تدعمهم لوجستياً وأمنياً. فممَّا لا يخفى على أحد، أنَّ الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط قد بدت معالمها بالتغيّر، وذلك بعد الثورات العربية المباركة، مما أثر على الواقع السياسي الفلسطيني، فالثورات العربية وخصوصاً ما حدث في مصر العزيزة، جعل اليهود يفقدون واحداً من أهم الأوراق التي كانت تدعمهم لوجستياً وأمنياً في البقاء والاستمرار والحفاظ على ما يقومون به من تهويد لفلسطين عموما والأقصى خصوصا.
حتى أنَّ النفوس قد تغيَّرت، بعد أن رأت الشعوب تسطر ملاحم العزة لنيل الكرامة والحرية والعدالة، وهذا بدوره أثر سلباً بشكل واضح على اليهود وسياستهم. لذا يظهر على سياستهم التخبط وعدم الاتزان والتهور، وفي نفس الوقت أثر بشكل إيجابي على الفلسطينيين خصوصا، والشعوب الإسلامية عموماً، إذ شجعهم على إعادة القدس إلى الواجهة، بعد أن غيبت بإرادة دولية، ورسمية في بعض الأحيان، وها نحن اليوم نشهد حملات تضامن مع قضية القدس، بموازاة التضامن مع قضايا الشعوب الإسلامية الأخرى، كقضية الصومال وغيرها.
إنَّ على المسلمين، أن يستغلوا حالة التحرّر التي يقوم بها المسلمون والخروج من ظلام الطغيان والعبودية في نصرة الأقصى، والوقوف إلى جانب القدس وفق الأمور التالية:
1- جعل قضية القدس قضية محورية أساسية، لا تقبل أنصاف الحلول، ولا تقبل التفاوض عليها، فليس لليهود حق في القدس مطلقاً، وكل ادّعاءاتهم عن وجود بقايا لهيكلهم المزعوم عارية عن الصحة، وهذا ما أكَّده عالم الآثار الإسرائيلي (فلنكشتاين) في (12-آب) الحالي، حيث نشر في صحيفة ( جيروزالم بوست) تقريراً يؤكد أنَّ اليهود لم يعثروا خلال الحفريات على أي من الشواهد التاريخية التي يدعونها، حتى أن الهيكل مشكوك في وجوده، وهذا ما وافقه عليه بعض علماء الآثار من اليهود منهم (رافاييل جرينبرج ) و (يوني مزراحي) حيث صرح الأخير بأن ما تقوم به إسرائيل من استخدام لعلم الآثار بشكل مخل يهدف إلى طرد الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس وفي سلوان وتحويله إلى مكان يهودي. ولهذا لا يمكن أن نفاوض اليهود على أمر ليس لهم حق فيه، وإنما هم مغتصبون سلبوا أرضاً إسلامية ونهبوا خيراتها ومقدراتها، ودنسوا مساجدها ومقدساتها.
2- دعم صمود أهل القدس بكل ما أمكن، فأهل القدس يعانون من غلاء المعيشة، والضرائب الباهظة، ورسوم بناء غالية الثمن، وإن هجرة عائلة من أهل القدس، يعني استيطان واستقرار عائلة يهودية مكانهم، فلا بد من دعمهم ليبقوا في بيوتهم صامدين، وثابتين على خط الدفاع الأول عن الأقصى.
3- الوقوف إلى جانب خيار المقاومة، ودعم المقاومة هناك، فلا حلَّ مع اليهود إلاَّ بالجهاد بالسلاح، ولا يمكن أن تسترد المقدسات بالمفاوضات، أو الشرعية الدولية المزيّفة، أو بغيرها من الوسائل التي لم تجد نفعاً، فالشعوب لا تعرف طعم الحرية إلا ببذل الدماء، وهذا ما يؤكّده التاريخ وسنن الواقع.
4- تعريف الناس بقضية الأقصى، وما يعانيه من محاولات هدم وتهويد، وما يتهدّده من مخاطر، حتى تبقى النفوس مرتبطة بالقدس، والذهاب إليها، ومناصرة قضيته حين يتطلب الأمر ذلك، والحمد لله نجد الكثير من المؤسسات تعنى اليوم، بهذا الأمر، لكنها تحتاج دعما وتأييدا وانتشارا بشكل أكبر.
5- الضغط على صناع القرار، للوقوف إلى جانب القدس وفلسطين بشكل واضح، وعدم السكوت والصَّمت عمَّا يجري من مجازر وانتهاكات وتهويد، والعمل على دعم القدس وأهل فلسطين بكل طريقة سواء اكانت في المحافل الدولية، أم عبر الدعم الاقتصادي وغيرها.