إحراق المسجد الأقصى .. 42 عاماً على الجريمة (1-2)

الرئيسية » بصائر من واقعنا » إحراق المسجد الأقصى .. 42 عاماً على الجريمة (1-2)
alt

لم يكن يوم 21-8-1969 يوماً عادياً، وأولى القبلتين تحترق على يد اليهودي الحاقد (روهان)، بل كان يوماً أهينت فيه كرامة الأمَّة الإسلامية جميعها، على يد شُذَّاذ الآفاق وقتلة الأنبياء، وذلك حينما غفل المسلمون عن دينهم، ونسوا أمر ربهم، فسلَّط الله عليهم اليهود، لينتزعوا منهم أقدس ما يملكون، ويعيثوا فيه فساداً كما يشاؤون، في ظل صمت وتواطؤ دولي ملحوظ.

لم تكن جريمة إحراق الأقصى بعيدة عمَّن صرح عن نيته بتدميره، وتحويله إلى معبد يهودي، وتهويد كل المعالم التي حوله، ليطمس معالم الحضارة الإسلامية فيه، ويحاول أن يظهر الأقصى خصوصاً، وفلسطين عموماً، كمعلم من معالم الحضارة اليهودية، حتَّى لو كان علماء الآثار والتاريخ يفنّدون هذه الصّلة الوهمية، بكل دليل ساطع وحجة دامغة.

ولم يكن غريباً، والأمَّة الإسلامية، لا تتقن أي لغة سوى لغة الشجب والإدانة، بل وتطوَّرت لغتها لتتحوَّل إلى لغة الصَّمت والسكوت عمَّا يجري ليخدموا بذلك كل إجراء يقوم به الاحتلال على مدار عقود عديدة، معلقين الأمر على المجتمع الدولي المتواطئ، والشرعية الدولية المزاجية، والتي تقف مع القوي ضد الضعيف، ولا يمكن أن تعطي الضعيف أي حق، فكانت أشبه بشريعة الغاب في ظلمها وبشاعتها.

هي تلك الأجواء التي هيَّأت لليهود القيام بمثل هذا التصرف، وغيره من آلاف التصرفات التعسفية في المسجد الأقصى، سواء أكانت فوق الأرض من منع لأداء حق الصَّلاة، وارتكاب المجازر، أو من تحت الأرض بالقيام بالحفريات وتهويد المعالم الأثرية بطريقة تتنافى مع كل القيم والقوانين.


إحراق الأقصى مستمراً

إنَّ جريمة إحراق الأقصى والتي وصلت فيها النار إلى أجزاء كبيرة منه، وامتدت إلى منبر صلاح الدين، تمثل مظهراً من مظاهر الحريق الذي يتعرَّض له الأقصى منذ عقود، فكثير من معالمه قد طُمست هويتها الإسلامية، وغُيِّرت أسماؤها، واستبدل روادها الأصليون بمغتصبين لم يَعرفوا أصولهم ومنابتهم.
إنَّ الإحراق لا يتمثل بتلك النيران التي تشتعل بمحتويات الأقصى وأجزائه، فهناك إحراق من نوع جديد، هو إحراق التاريخ والصبغة الإسلامية
إنَّ الإحراق لا يتمثل بتلك النيران التي تشتعل بمحتويات الأقصى وأجزائه، فهناك إحراق من نوع جديد، هو إحراق التاريخ والصبغة الإسلامية، فقد قام اليهود بالكثير من الإجراءات التهويدية كالاستيلاء على حائط البراق، وهدم حي المغاربة، وهدم جسر باب المغاربة، والاستيلاء على الكثير من المدارس والبيوت والأحياء، وفي نفس الوقت قاموا بطرد السّكان وتهجيرهم، ومصادرة حقهم في الدخول للقدس والصلاة فيه، وقصره على من هم فوق الخمسين سنة – إن سمح لهم بالمرور من الحواجز- وكذلك مصادرة الهويات المقدسية، ونفي المقدسيين من بيوتهم أو هدم مساكنهم، ليحل اليهود مكانهم.

إنَّ العمل على تغيير القدس من ناحية المعالم والآثار، وكذلك من ناحية الديمغرافيا والسكان، هو أبرز مظاهر الإحراق المعاصر، altوالذي يسكت عليه العالم، رغم تنافيه مع أبسط الحقوق الإنسانية، والقيم البشرية. وبدلاً من توجيه الإدانة لما تقوم به سلطات الاحتلال الصهيوني، يوجه اللوم لمن يقوم بالدفاع عن أرضه، ويوضع على القوائم السَّوداء في الدول – الديمقراطية – كل من يفضح ممارسات الكيان الغاصب في القدس وغيرها، وما قضية شيخ الأقصى رائد صلاح في بريطانيا عنا ببعيد.

إنَّ الأرقام الواردة من القدس، عمَّا تقوم به سلطات الاحتلال من محاولات تهويدية له، تؤكِّد أنَّ جريمة الإحراق لهذه المدينة المقدَّسة، تسير بتصعيد واضح، وخطورة ملحوظة، ففي هذا الوقت، هناك أكثر من 70 ألف مقدسي مهدّدون بسحب هوياتهم المقدسية، مما يعني فقدانهم لحق الذهاب للقدس والإقامة فيها. إضافة لبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المصادرة من أهلها، كما حدث في مغتصبات "جيلو" جنوباً و"بسغات زائيف" شمالاً. وزيادة أعداد الحفريات تحت المسجد وأحيائه، وتشديد الحصار على البلدة القديمة، ومداخل القدس، ممَّا حال دون وصول الكثير من الفلسطينيين خصوصاً في ظل شهر رمضان المبارك، حيث يشدّ الفلسطينيون الرِّحال إلى المسجد الأقصى ليؤدّوا صلاة الجمعة، ويحيوا سنة الاعتكاف فيه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب فلسطيني، متخصص في الشريعة الإسلامية والسياسة، مهتم بالإعلام والتربية والتعليم.

شاهد أيضاً

من عوامل ثبات أهل غزة

قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …