تعدُّ "القصة" من أهم الوسائل التربوية التي ينصح باستخدامها من أجل العمل على غرس القيم وبناء الاتجاهات، فهي تقدّم الأمر والنهي والخير والشر في قالب محبّب يتشربه عقل المستمع أو القارئ في اللاوعي وتراه يتمثله بعد ذلك إذا وقع في موقف مشابه يوماً ما...
ولأننا في خير الشهور..نقدِّم هذه القصة..التي ننصح بقراءتها للأبناء خلال هذه الأيام، وذلك لتشويقهم إلى "الجائزة" الربانية التي سيتلقونها بصبرهم على الصّيام والصَّلاة والطّاعة في رمضان الذي يأتي هذا العام في فصل الصيف الحار.
نترككم مع القصة.. إنَّها "رحلة إلى الجنة"؛ حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..
"رحلةٌ إلى الجنة"...
حان وقت قصة ما قبل النوم، وتسابق الصغار إلى السَّرير يتراشقون الأفكار والأماني، ودخلت الأم تحمل ما ظنّه الصغار كتاباً لقصةٍ جديدةٍ سترويها لهم، كانت تحمل بيدها مصحفاً، فتحته وقرأت الآية من سورة السجدة : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون}.
تململ الصِّغارُ متسائلين: ألن تروي لنا أمنا اليوم حكايةً كالمعتاد ؟
وجاءتهم الإجابة قبل أن تنطق أفواههم، اليوم يا أبنائي، سنشمّر استعداداً لرحلةٍ رائعة ، وسنوضب الأمتعة والزاد، فالانطلاق في وقت قريب.
تحمّس الصغار، وأعلنوا أنَّهم مستعدون لأيّ شروط لقاء الذهاب في تلك الرحلة .
قالت الأم : " أغمضوا عينيكم وتخيَّلوا ، رحلتنا اليوم إلى مكان فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، رحلتنا يا أحبابي إلى الجنة نراها بوصف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ونشتاق لها ولنعيمها، ونتعرف على أهلها وأنهارها وأشجارها وقصورها وحليها و ...
قال الأطفال : "وما هي الجنَّة يا أمِّي ...
وما السبيلُ للوصول إليها، وما الزَّاد الذي سنحضره لرحلتنا ؟
الجنة :
إنَّها دار خلود وبقاء.. لا فيها بأس ولا شقاء، ولا أحزان ولا بكاء.. لا تنقضي لذاتها ولا تنتهي مسراتها.. كل ما فيها يذهل العقل ويسحر الفكر.. ويسكر الرشد.. ويصرع اللب..
هي نور يتلألأ، وريحانة تهتز. وقصر مشيد ونهر مطرد.. وفاكهة نضيجة.. وأنهار عذبة. وحليّ متنوعة ، ونعيم لا ينتهي .
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله مم خلق الخلق؟
قال: ((من الماء قلت ما بناء الجنة ؟ قال: لبنة من الفضة، ولبنة من ذهب، ملاطها [الملاط: الطين ]المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها، الزعفران، من دخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم)). (رواه الترمذي وأحمد).
فيا لها من لذة: ويا له من نعيم ، قال تعالى:{للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد}.( آل عمران)
إذن ، هيا يا أبنائي نجهز أنفسنا للانطلاق، فلنترك الدنيا بكل ما فيها ولننطلق سوياً ،،
جاهزون؟؟؟
أجاب الأطفال بصوت واحد :" نعم جاهزون "
هيا يا أحبابي إلى ... سعادة بلا شقاء
حب بلا كراهية ...
ونعيم أبدي ...
أغلقوا عينيكم ، وافتحوا قلوبكم ، واستعدوا للانطلاق ...
ها نحن نقترب لعلكم تشمون الآن رائحة الجنة .. لعلكم ترون أبوابها
جهزوا أنفسكم للدخول، ولكن انتظروا ...
كيف سندخل الجنة ونحن بهذه الهيئة ..
انظروا هناك شجرة على باب الجنة.. ما أعظمها ما أجملها .. ينبع من أصلها عينان، تقدَّموا لنشرب من إحداها، لتجرى في وجوهنا نضرَّة النعيم، ولنتوضأ من الأخرى لنزداد حسناً وجمالاً.
الآن يمكننا الدخول .. فلنتقدم نحو الباب .. يا الله .. متعوا أعينكم بدار النعيم.. تنفسوا الآن بعمق املؤوا صدوركم بهذه الرَّائحة الزكية.. يا لها من رائحة طيبه ..
انظروا لتلك القصور ليست كقصور الدنيا، وإنما تزيد أروعها روعة وأجملها جمالاً..
أتحبون أن يكون لكم قصر من هذه القصور ، لكلّ منكم قصره الخاص، يفعل به ما يشاء . إذن .. فلتحجزوا واحداً الآن ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما من عبد يصلى لله تعالى في كل يوم اثنتي عشر ركعة تطوعاً غير الفريضة إلاَّ بنى الله له بيتاً في الجنة)).
والآن هيَّا بنا في جولة حرّةٍ نتجول في بساتين الجنة .. ما من شجرة إلاَّ وساقها من ذهب وما من نخله إلا وجذعها من الزمرد الأخضر.
هل أعجبتكم الأشجار ؟؟ أيحب أحدكم أن تكون له شجرة في الجنة باسمه ؟؟ إذن أكثروا من قول : ((سبحان الله وبحمده)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخله في الجنة)).
تنهدت الأم، وقالت : ((سبحان الله وبحمده)).