أيها العرب الأحرار، والثوار الأبرار، في العالم العربي من الخليج إلى المحيط..
إنكم اليوم وأنتم تصنعون المجد، وتحيون الأمل، وتبعثون الحرية في نفوس شعوبكم من جديد، وتخطون طريق المستقبل بعزيمتكم الصابرة، وبمداد دمائكم الطاهرة، من أجل واقع سياسي عربي أفضل، بثورتكم العربية التي ضربت أروع المثل في سلميتها وإنسانيتها وتحضرها، في مقابل طغيان الطغاة وفجورهم وشدة بطشهم وإجرامهم وتخلفهم..
أيها الثوار الأحرار..
إنكم وأنتم تصنعون ذلك وتستقبلون عهدا جديدا لفي أشد الحاجة إلى مراجعة النفس والصدق معها ومحاسبتها، لمعرفة كيف بلغ الطغيان في أمتنا إلى هذا الحد حتى سالت دماء الأبرياء أنهارا، وانتهك الطغاة أعراض الحرائر مرارا وتكرارا، وتحول العالم العربي إلى إقطاع لعصابات إجرامية، ما كان لها أن تحكم أو تسود لولا أن الأمة قد أصيبت في أخلاقها بمقتل!
(وإذا أصيب القوم في أخلاقهم .... فأقم عليهم مأتما وعويلا)!
إذا كانت الثورة العربية اليوم ضرورة فرضها الواقع السياسي بعد انحطاط دام ثلاثين سنة، فإن الثورة الأخلاقية التي يجب أن تواكب الثورة السياسية ضرورة يفرضها الواقع الاجتماعي، وشرط للنهضة الحضارية المنشودة
أيها العرب الأحرار ..
إذا كانت الثورة العربية اليوم ضرورة فرضها الواقع السياسي بعد انحطاط دام ثلاثين سنة، فإن الثورة الأخلاقية التي يجب أن تواكب الثورة السياسية ضرورة يفرضها الواقع الاجتماعي، وشرط للنهضة الحضارية المنشودة، فالعرب اليوم أحوج إلى ثورة أخلاقية منهم إلى ثورة سياسية - قد تعود بعدها أوضاعهم إلى سابق عهدها ما لم يواكبها ثورة إحيائية روحية وأخلاقية - يرتقي بها الإنسان العربي إلى مقام الشهود الحضاري الذي عبر عنه قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}!
إن للقيم الروحية والأخلاقية مكانتها في كل الأديان السماوية والفلسفات الوضعية، وكما جاء في الحديث (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ولهذا كانت القيم الإنسانية النبيلة في كل الأمم هي من آثار النبوة كما جاء في الحديث الصحيح (إن مما أدرك الناس من النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت)!
إن خطورة القيم الأخلاقية تكمن في كونها هي الحد الفارق بين الطبيعة الإنسانية والطبيعة الحيوانية! فالإنسان بلا خلق ولا دين إما وحش كاسر أو ذئب غادر أو ثعلب ماكر أو قرد عاهر! وهو ما تجلى في أوضح صوره في سلوكيات أكثر الرؤساء العرب مع شعوبهم قبل الثورة وبعدها!
أيها العرب الأحرار ..
لقد كان للانحطاط السياسي الذي عاشه العرب في عصورهم الأخيرة، أسباب اجتماعية خطيرة، تحللت فيها القيم الأخلاقية حتى ساد المجتمع العربي في عامة دوله أراذله، وساسه سفهاؤه، كنتيجة طبيعية لشيوع سلوكيات تتنافى مع كل معاني الصدق والشجاعة والحرية والمجد والمروءة والشرف، التي لا يمكن للمجتمعات الإنسانية أن تنهض من كبوتها دون أن يتحقق لها قدر من تلك القيم الكريمة!
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة من إمارة السفهاء وأبرز صفاتهم كذبهم على الله وعلى الناس، وظلمهم للعباد، كما في مسند أحمد بإسناد صحيح ( أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء! قال وما إمارة السفهاء؟ قال أمراء يكونون بعدي لا يقتدون بهديي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك مني وأنا منهم).
إن أساس الحضارة الإنسانية الأول هو القيم الأخلاقية، فالإنساني مدني بطبعه ولا يتحقق له العيش في الجماعة إلا على أساس سلوك يحقق الألفة والتعاون والاجتماع الإنساني
لقد كان لكل الأمم والشعوب التي نهضت في سلم الحضارة من القيم الأخلاقية ما حفزها على بلوغ ما تصبو إليه، بل إن أساس الحضارة الإنسانية الأول هو القيم الأخلاقية، فالإنساني مدني بطبعه ولا يتحقق له العيش في الجماعة إلا على أساس سلوك يحقق الألفة والتعاون والاجتماع الإنساني، كالمحبة والإخلاص والصدق، لتستقيم به حياتهم، وكل الحضارات الإنسانية القديمة والمعاصرة لم تحقق نهضتها إلا بشيء من ذلك، وقد أدرك عمرو بن العاص داهية العرب وأمير مصر سر قوة الروم وظهورهم فقال عنهم كما في صحيح مسلم (إن فيهم لخصالا أربعا إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك)!
فالحلم والصبر والرحمة والإحسان إلى الضعيف واليتيم والامتناع من ظلم الملوك كلها صفات إنسانية نبيلة، وهذه حضارة أوربا واليابان اليوم يحل فيها الصدق في سلم القيم الحضارية لدى شعوبها، فالصدق في المعاملة فيما بينهم من أبرز صفات تلك الأمم، وقد بلغ بهم الحال أن تسقط الحكومات ويستقيل الوزراء حين يقع منهم ما يخل في تلك القيم، وكم من حكومة أو رئيس سقط لعثرة سقطها، أو كذبة كذبها، أو فضيحة أخلاقية اقترفها كتحرش جنسي ونحوه، في الوقت الذي تظهر الجرائم الأخلاقية التي يندى لها الجبين لرؤساء ولملوك عرب وبالصوت والصورة دون أن يحدث ذلك أدنى هزة سياسية لدى شعوبنا!
(وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا)
لماذا تهتز أوربا وأمريكا لوقوع المسئول السياسي في فعل يخل بالشرف كأخذ رشوة أو تحرش جنسي أو استغلال للمنصب ..الخ بينما يقع من المسئولين العرب أبشع الجرائم الإنسانية الأخلاقية، كهتك الأعراض، وسفك الدماء، ونهب الأموال، دون أن يعرق لها جبينهم أو يخشوا من حساب أو عقاب! أو يتصدى لهم عالم أو مفكر؟!
لقد جاء في الحديث - والواقع أصدق شاهد - ما يؤكد التلازم بين شيوع الفاحشة والظلم وانهيار المجتمعات، قال النبي صلى الله عليه وسلم (وما جار قوم في الحكم إلا كان البأس والقتل بينهم)، وقال (وما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع)!
وجاء في الحديث الصحيح (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)!
أيها الأحرار الأبرار ..
إن العالم العربي ظل يعيش منذ عقود أزمة أخلاقية تشكلت في ظل أنظمة حكم فاسدة، مارست ورعت الفساد بكل صوره، حتى ساد الأمة أشرارها وسفهاؤها كما في الحديث (يأتي على الناس سنون خداعات يصدق الكاذب، ويُكذّب الصادق، ويؤتمن الخائن، ويخوّن الأمين، وينطق الرويبضة الرجل الفاسق أو التافهة يتكلم في أمر العامة)!
لقد كشفت الثورة المصرية والتونسية وما جرى من محاكمات ابتدائية مدى الفساد والانحطاط الذي استشرى في العالم العربي، فرئيس يتاجر بالمخدرات، وآخر يرتشي من الصفقات، ورئيس مجلس شورى يتهم باختلاسات، ووزراء متورطون في الفساد المالي والأخلاقي ..الخ
فكيف وصل هؤلاء للحكم؟ وكيف بقوا كل هذه المدة؟ وكيف طبل لهم الإعلام والكتاب والمثقفون والشعراء والخطباء؟
إن من يقرأ ما ينشر، ويطالع ما يذكر، عن الفساد في قصور الحكم ومؤسسات الدول في العالم العربي كله يدرك أن الانحطاط والتخلف والضعف كان نتيجة طبيعية في ظل حكم هذه العصابات الإجرامية!
إن وجود مثل هؤلاء في الحكم مؤذن بفساد المجتمع وانحطاطه (فالناس على دين ملوكهم)، وكما في الأثر عن أبي بكر في صحيح البخاري حين سألته المرأة: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء به الإسلام بعد الجاهلية؟ فقال (بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم! قالت وما الأئمة؟ قال أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت بلى! قال فهم أولئك على الناس).
إن صلاح السلطة سبب في صلاح المجتمع، وفسادها سبب في إفساده، كما قال علي رضي الله عنه لعمر حين وضعوا بين يديه وهو في المسجد يفترش الحصباء والتراب كنوز كسرى بعد فتح فارس، فبكى وحمد الله وقال إن قوما أدوا هذا المال لأمناء! فقال علي (عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت رعيتك)!
أيها الأحرار الثوار ..
لقد سادت في العالم العربي خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة طبقة سياسية حاكمة - تحت سمع وبصر ورعاية الاستعمار - هي الأسوأ أخلاقيا وسلوكيا في تاريخ العرب الحديث، فمقارنة بين الرؤساء والأمراء العرب قبل وبعد حقبة (كامب ديفيد) نجد البون شاسعا بين الفريقين، فلم يشتهر أحد من الرؤساء قبلها بالسرقة أو الإثراء غير المشروع، بل كانت نظافة اليد ونزاهتها أبرز ما في تلك الحقبة، حيث كان للرؤساء آنذاك هموم وطنية فكانوا يكابدون لتحقيقها لشعوبهم، ومع استبدادهم في السلطة، لم يعرف عنهم وعن أسرهم أنهم أثروا، بينما لا يكاد يوجد أحد ممن حكم منذ كامب ديفيد إلى اليوم إلا وقد اشتهر بالفساد الأخلاقي والثراء غير المشروع، وبتعزيز نفوذ أسرته وحاشيته وبطانته وزوجاته وأبنائه، كحال قطاع الطرق وعصابات المافيا، حتى صار هم كل رئيس وملك وأمير توريث ابنه الحكم والثروة!
وإذا كان (الناس على دين ملوكهم) فقد أدى سيطرة هذه الطبقة الفاسدة على المجتمعات العربية إلى شيوع مساوئ الأخلاق في كل فئات المجتمع من كذب ونفاق وجبن وطمع ودناءة نفس وخسة طبع كما هي أخلاق هذه الطبقة وحاشيتها!
وقد جاء في الصحيح (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ملك كذاب)!
وتكاد هذه الصفة تكون الأبرز في عامة الملوك والأمراء والرؤساء العرب خاصة في ظل حقبة عصر (كامب ديفيد) فأصبح كذب الرؤساء على شعوبهم، وكذبهم فيما بينهم، وكذبهم على العالم ظاهرة تحدث عنها المسئولون الأجانب أنفسهم وأن الرؤساء العرب يقولون لهم شيئا ولشعوبهم شيئا آخر!
إن خطورة شيوع مثل هذا الخلق يكمن في كونه رأس كل خلق ذميم فمن كذب واستمرأ ذلك لا يمتنع عن النفاق الذي هو نقيض الإيمان الذي أساسه الصدق، ولا يمتنع عن الخيانة التي تنافي الأمانة التي تقوم على الصدق، ولا يمتنع عن الغدر الذي ينافي الوفاء الذي يقوم على الصدق، ولا يمتنع عن إخلاف الوعد الذي يقوم على الصدق، ولا يمتنع عن الحنث باليمين الذي ينافي الصدق! وهذا معنى حديث (أربع من كن فيه كان منافقا إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أئتمن خان، وإذا عاهد غدر)!
ولخطورة هذا الخلق الذميم جاء في الحديث (الكذب يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)!
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن كذابا؟ قال (لا يكون المؤمن كذابا)!
أيها العرب الأحرار..لا يمكن للثورة العربية أن تؤتي أكلها وتحقق غايتها ما لم تنجح في خلق ثقافة جديدة تعاد فيها للقيم الأخلاقية مكانها في سلم أولويات الثورة
إنه لا يمكن للثورة العربية أن تؤتي أكلها وتحقق غايتها ما لم تنجح في خلق ثقافة جديدة تعاد فيها للقيم الأخلاقية مكانها في سلم أولويات الثورة، فقد كانت هذه المنطقة وما تزال مهد الحضارة الروحية والأخلاقية فمنها خرجت للعالم كله الأديان السماوية الثلاث، وقيمها الأخلاقية، وستظل كذلك مهما وقع من ضعف طارئ، وهو ما يؤكد ضرورة استعادة المنطقة لهويتها ودورها الأخلاقي والإنساني من جديد، في عالم يعيش اليوم أزمة روحية وأخلاقية كبرى!
إن على كل عربي حر يؤمن بالثورة العربية ومشروعها، ويطمح لتغيير واقع العالم العربي نحو مستقبل أفضل، أن يشارك في الثورة الأخلاقية الروحية وأن يبدأ بنفسه {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فيجب أن تتغير الشخصية العربية في ظل الثورة، فقد ولى عصر الجبن والخوف، فالسعادة محرمة على الجبناء، والحياة كرامة لا يستحقها إلا الأحرار، وقد ولى زمن الأنانية والأثرة وحب الذات والفردية التي طغت حتى استفرد الطغاة بالأحرار واحدا واحدا، فكم ذهب بالسجون من أبرياء، وكم قتل من شهداء، وكم هجّر من أتقياء، في ظل سلبية المجتمع العربي تجاههم، وهو ما جاءت الثورة العربية لتغييره، فالثورة أحيت قيم العمل المجتمعي الجماعي الذي افتقدته الأمة طوال العقود الثلاثين الأخيرة!
إن الثورة العربية في حاجة اليوم لـ (ميثاق أخلاقي) يلتزم به كل عربي حر خاصة الثوار والسياسيون والكتاب والمفكرون والمعلمون في خاصة أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم يقوم على :
1- الصدق مع النفس ومع الله ومع المجتمع في القول والعمل، فلا كذب ولا نفاق، وكما في الحديث الصحيح (الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا)!
2- العفاف وسمو النفس عن الدناءة والعفة عن أموال الأمة وعن حقوق الآخرين، وكما في الحديث (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها)، وفي الحديث (ليس الغنى عن كثرة العرض، وإنما الغنى غنى النفس)!
3- السماحة والتسامح والرحمة، كما قال تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}، وقال تعالى {اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}، وفي الحديث الصحيح (ستفتحون مصر فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما)، أي لهم حق ولهم رحم حيث منهم هاجر أم العرب؟
وقد أدى التقاتل بين فئات المجتمع العربي السياسية، والصراعات الفكرية بين التيارات المختلفة، إلى استهلاك طاقة الأمة لصالح العدو الخارجي، حتى تورط الجميع في الدماء فما إن تصل فئة للحكم حتى تستحل القضاء على الأخرى باسم القومية تارة، وباسم الإسلام تارة، وباسم الوطنية تارة، والإسلام وقيم العروبة براء من ذلك كله! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغ خبر عن رأس أعدائه في المدينة أنه يخطط على إخراجه منها واستأذنه بعضهم في قتله (لا بل نحسن صحبته لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه)!
4- العفو والصفح بعد النصر والظفر، كما قال تعالى {فاعفوا واصفحوا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين الذين حاربوه وأخرجوه يوم فتح مكة، بعد أن ظفر بهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء)!
5- الرحمة والإحسان لكل إنسان مهما كان دينه ومذهبه كما قال تعالى {وقولوا للناس حسنا}، وقال تعالى {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي}..
6- الوفاء بالعهد والعدل، كما قال تعالى {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}، ومن ذلك العهود السياسية وهي أشدها خطر كما قال تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}..
7- حفظ المعروف فإن الثورة شارك فيها الجميع ويجب أن يتفيأ ظلالها الجميع، وكل تهميش وإقصاء لمن شاركوا فيها مهما كانوا أقلية، هو جحود وكفر بالمعروف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأسارى (لو كان المطعم بن عدي حيا – وكان قد مات مشركا - ثم سألني هؤلاء لوهبتهم له) حفظا لمعروفه حين أجار النبي صلى الله عليه وسلم من قريش بعد رجوعه من الطائف!
8- الحرص على قيم المواطنة وتعزيزها وتكافؤ الفرص للجميع بلا تمييز على أساس {إن خير من استأجرت القوي الأمين}، فقد انتهت عهود الشلل والمحاباة التي أدت إلى سقوط الأنظمة العربية.
لقد قامت الثورة التي شارك فيها الجميع من أجل الإنسان في العالم العربي ورفع الظلم عنه وتحريره من الخوف والذل والفقر، فالواجب الوفاء للأمة وللإنسان في كل بلد عربي بذلك، وكل غدر يقع من أي طرف هو انتكاسة للثورة وسقوط أخلاقي!
إن الثورة الأخلاقية اليوم وإحياء القيم الروحية والإنسانية هو حجر الأساس في بناء الإنسان في العالم العربي في ظل الثورة ومشروعها الإصلاحي، وحين يتحقق ذلك سيعود للأمة بإذن الله تعالى شهودها الحضاري من جديد، لتكون كما أمرها الله وكما يريد {خير أمة أخرجت للناس}..