بعد نجاح الثورات العربية وبروز دور الحركات الإسلامية وانحياز الجماهير للمشروع الإسلامي في كثير من البلدان العربية ظهرت إلى الساحة تساؤلات عدَّة بعدت أن توّلدت قضايا جدلية عن علاقة الحركات الاسلامية بالاخرين ودورها في رفعة المجتمع والارتقاء به، فاحتواء الحركات الإسلامية للمجتمع باتت قضية تحتاج إلى نقاش موسع، فإلى أيّ مدى يمكن أن ينجح هذا الاحتواء ؟ وما مقوّمات نجاحه وما مبرّرات فشله ؟ وعلى أيّ يعتمد نجاح هذا الاحتواء، المنهج أم قدرة استيعاب الرموز والدعاة للأفراد؟ وإلى أيّ مدى يمكن أن ينجح هذا الاحتواء في ظل الانفتاح الفكري وعصر السماوات المفتوحة والإنترنت؟ وللإجابة على هذه التساؤلات التقينا العديد من أهل الاختصاص.
بداية يقول: فضيلة الشيخ إبراهيم حامد نور الدين عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إ
موضحاً أنَّ قدرة استيعاب الكوادر والمسؤولين والرّموز تعتمد في الأصل على مدى توحيد الرؤية وقبول الآخر بالنسبة للتيارات الأخرى من أجل الوصول إلى رؤية موحدة لكل التيارات الإسلامية . أمَّا المنهج، فإنَّ سلامة المنهج ووضوحه وملاءمته للواقع الذي نعيش فيه يؤدّي إلى قبوله ونجاحه.
إنَّه لابد أولاً للحركات الإسلامية أن تتوحّد في الرّؤية، وأن تتعاون في المتفق عليه، وأن تتعاون على تقديم رؤية صحيحة عن الإسلام، وأن تعمل على توضيح الرّؤية عن صلاحية شرائع الإسلام لكلّ زمان ومكان، ومراعاة المطابقة بين القول والعمل.
وعن مدى نجاح هذا الاحتواء في ظل الانفتاح الفكري وعصر الفضاءات المفتوحة والانترنت، قال: لابدَّ وأن نقول: إنَّ هذا العصر هو بمثابة الانطلاقه والفتح الكبير من الله علينا، ولكنَّ المسلمين في عصرنا قد لا يحسنون استخدام هذه الأشياء، فيسيرون حفاة على أرض من الذهب، وأضاف بأنَّ هذه كلّها أدوات ووسائل تعين التيار الإسلامي بتياراته المختلفة عل أداء الرّسالة، وعلى تقديم صورة الإسلام الصَّحيحة، وهي من أنفع الوسائل لأنَّها لسان العصر الذي نتكلّم به.
أمَّا الدكتور محمد عبد ربّه النبي الأستاذ بكلية الشريعة، فيقول: إنَّه يمكن تحقيق هذا الاحتواء، إذا توافرت عدَّة عوامل :
1.نبذ لغة الاستعلاء على المجتمع.
2.تفعيل ثقافة المشاركة والتعاون على البر والتقوى.
3. رصد لغة العزلة وتفعيل لغة المشاركة.
4.الانتقال من السلبية المقيتة إلى الإيجابية الفاعلة في المجتمع؛ مثل الأخذ بيد الضعفاء والمحتاجين ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم.
5.الأخذ بيد المجتمع نحو ثقافة الائتلاف لا الاختلاف.
6. رفع راية المساواة والمواطنة داخل المجتمع دون النظر إلى الاختلاف العقدي، وهو ما أكد عليه النبي في "وثيقة المدينة" التي دعت كلَّ طوائف المجتمع إلى حماية المدينة ورد العدوان..مع احترام الخصوصيات لكلّ عقيدة.
وقال: إنَّ الأسباب التي تفشل هذا الاحتواء منها لغة الاستعلاء، والركون إلى الأبعاد السياسية والأيدلوجية، والعصبية السياسية تؤدِّي إلى فشل هذا الاحتواء، وعدم قبول الآخر.
وأضاف بأنَّ صحة المنهج وسلامة المقصد وحسن الوسيلة وسلامة العرض عليهم جميعاً يعتمد نجاح هذا الاحتواء، لافتاً إلى أنَّ هذا الانفتاح الفكري والمعلوماتي الذي نراه يؤدّي إلى تلاقح الأفكار ووضوح الرؤية وحسن البيان عن الهدف، فبعرض التفاعلات والمشاركات والمؤتمرات على وسائل الاتصال الحديثة يوجد أكثر من رأي ويعمل على انسجام العقول ويقلل من حالة الإقصاء.
أمَّا فضيلة الشيخ عبد الخالق الشريف مسؤول نشر الدَّعوة بجماعة الإخوان المسلمين يقول: أنا لا أحب أن أسمّيه احتواءً بقدر ما أسميه سعة الحركات الإسلامية للمجتمع؛ وإنَّ مجتمعنا الذي نعيش فيه هو مجتمع متدين بالفطرة، لذلك إذا أحسنت الحركات الإسلامية بالإسلوب السهل والميسر تستطيع أن تصل إلى المراد وزيادة .
أسباب التي تفشل هذا الاحتواء منها لغة الاستعلاء، والركون إلى الأبعاد السياسية والأيدلوجية، والعصبية السياسية تؤدِّي إلى فشل هذا الاحتواء، وعدم قبول الآخر.
وقال: إنّ مقوّمات نجاح هذا الاحتواء كثيرة؛ منها الرفق واللين وتقديم الأدلة واحترام الآخر وعقل الآخر، وعدم التعصب، وأنا أرى أنَّه هناك العديد من الحركات الإسلامية قد بدأت فعلاً تعي أنَّه لا يلزم فرض مذهب معيّن أو رأي معيّن على النّاس، وأضاف بأنَّ الاحتكاك مع المجتمع من أهم الوسائل ويجب علينا أن نسع الناس كما وسعهم الإسلام.
وأكَّد بأنَّه ليس صواباً أن نحدّد سبباً معيّناً في اتساع الحركة الإسلامية، وقال: حينما تتخلّى الحركات عن التعصّب لمذهب معيّن، وتقبل السّعة في الآراء المختلفة إلى التي لها دليل شرعي سنستطيع أن نحتوي الجميع.
وأضاف أيضاً: بأن على الفرد الدَّاعية أن يحدّد موقفه؛ هل هو واعظ، أم عالِم يُظهر الأحكام ويرد على الفتاوى؟
وأضاف فضيلته بأنَّ وسائل الاتصال الحديثة، وأدوات هذه العصر كما لها من مضار لها منافع أيضاً، وهي تساعد على الاحتواء وحسن استخدامها مفيد لعمل الإسلامي .