في مشوار الحياة يقف بنا قطار العمر في محطات كثيرة، نلتقي بها بأناس مختلفين نصافح من نصافح، منهم من يصافحنا خطفاً أو لمساً وبأطراف أصابعه ، ومنهم من يصافح ووجه يلتفت يميناً ويساراً، ومنهم من يصافح مجاملة، ومنهم من يصافح قلبك قبل أناملك يشدّ عليها وعيناه في عينيك، فيدخل إلى قلبك ، فيرسل القلب إشارة تظهر على وجهك المحب وثغرك المبتسم.
سطح اليد مليء بالخلايا التي تنقل الأحاسيس والمشاعر، ولذلك المصافحة باليد ليست حركة شكلية أو تقليدية، بل هي حركة عميقة تحدّد المسافات بين القلوب، وهي من أول أسباب التآلف والتحاب والتواضع بين الناس.
ولقد كان لنا في رسول الله عليه أفضل الصّلاة والسّلام القدوة والمثل ، تعلمنا منه آداب المصافحة واقتدينا به.... ولنكن حريصين أن نعلمها لأبنائنا فلذات أكبادنا...
كان حبيبنا الرّسول محمّد عليه الصَّلاة والسَّلام ، كما يروي الصّحابة الكرام عنه، إذا سلم لا ينزع يده الشريفة حتّى ينزعها الذي سلم عليه، وإذا سلّم سلّم بكليته ( أي بجسمه كله)، ولا يصرف وجهه عنه، وكان هاشاً باشاً لا تلقاه إلاَّ مبتسماً، ويجلس حيث انتهى به المجلس.
لتكن الابتسامة والسلام والمصافحة هي طريقنا لكسب القلوب والتناصح والتواد، ودامت أمتنا الإسلامية متوحدة متحابة.
علينا أن نستشعر حسن النية وسلامة القلب من الضغائن والشحناء ومغفرة الذنوب عندما نصافح اخواننا ، يقول رسول الله عليه السلام : (( إنَّ المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذه بيده فصافحه، تناثرت خطاياه كما يتناثر ورق الشجر))، وقال أيضا: ((ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا))، وقد كان الرّسول يصافح أصحابه ويعانقهم.
يقول النووي: (اعلم أنَّ هذه المصافحة مستحبة عند كلّ لقاء)، فلنحرص على أن يكون لنا سبق المبادرة إلى ذلك، وشاهد الأثر الفاعل في نفوس الغرباء الذين نصادفهم في حياتنا اليومية؛ حيث يتقلب التوجس إلى ارتياح وأمان، عندما نصافحهم بحب وابتسام، يقول الحسن البصري:(المصافحة تزيد المودّة ).
للمصافحة أثر عظيم في إشاعة المحبة ، يقول الرّسول الكريم : (( ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟أفشوا السلام بينكم ))، فإذا كان مجرد السلام سبباً في حصول المحبَّة ، فمن باب أولى أن تتحقق المحبة إذا اقترنت بالسّلام مصافحة الأيدي والتحام الأكف، ولتكن المصافحة برفق ولين ، ثمّ السؤال عن الحال ... ثمّ كلمة طيبة تريح بها الأنفس مع الزوج أو الولد أو الجيران والأصدقاء وحتى الخادم ، لنستحق أن نكون من أمة محمّد ، خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتسارع في الخيرات.
وبالمقابل، لننتبّه للأحاديث النبوية الشريفة الصّحيحة : ((لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأة لا تحل له))، وحديث : ((إنّي لا أصافح النساء....))، وما روي عن السيدة عائشة – رضي الله عنها -: (( ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ، ما كان يبايعن إلا بالكلام )) ، فلا شك أنَّ مسَّ الرّجل للمرأة الأجنبية ومصافحتها من أسباب الفتنة والوقوع في الحرام.
وصيتي لي ولكم، لتكن الابتسامة والسلام والمصافحة هي طريقنا لكسب القلوب والتناصح والتواد، ودامت أمتنا الإسلامية متوحدة متحابة.