مشعل : الحكام العرب مطالبون بالتعامل سياسياً مع شعوبهم

الرئيسية » بصائر الفكر » مشعل : الحكام العرب مطالبون بالتعامل سياسياً مع شعوبهم
alt

أكَّد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أنَّ كلَّ الحقائق والمعطيات والوقائع اليوم على الأرض الفلسطينية وعموم العالم العربي والإسلامي تدعو إلى مقاومة الكيان الصهيوني بالسبل والطرق كافة، وبيّن مشعل في كلمته التي ألقاها ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطينية في العاصمة الإيرانية طهران والذي يحمل شعار : (( فلسطين وطن الفلسطينيين)،  أنَّ صيانة السياسية الخارجية في بلادنا وصيانة مشروع المقاومة وحماية استقلالية القرار السياسي والاقتصادي تقضي أن نستوعب شعبونا وأن نرفق بها وأن نرحمها، وقال الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الإمام مسلم: ((ما من امرئ يتولّى أمر من أمتي فشق عليهم فشقق عليه ومن تولى أمراً من أمتي فرفق بهم فرفق به)).

ودعا خالد مشعل في كلمته حكّام العرب إلى اللجوء إلى الخيارات السياسية في التعامل مع هذا الرَّبيع العربي، كما دعاء الشعوب بقوله :  "وأدعو في المقابل شعوب أمتنا أن تظل البوصلة واضحة لا التباس فيها فلا للأجنبي ولا للتدخل الخارجي ولا للعنف الداخلي هذه تبقى سياستنا وتبقى فلسطين ومقاومة الأعداء المحتلين ورفض الهيمنة الخارجية تبقى بوصلة وبوصلة شعبونا جميعاً ".
وفيما يلي نص كلمة الأستاذ خالد مشعل :

أيّها الإخوة والأخوات ..
في صراع شعبنا وأمتنا مع المشروع الصهيوني كلّ المعطيات وكلّ الحقائق وكلّ الوقائع تقوم إلى المقاومة،
في صراع شعبنا وأمتنا مع المشروع الصهيوني كلّ المعطيات وكلّ الحقائق وكلّ الوقائع تقوم إلى المقاومة، فالاحتلال أصلاً يدعو إلى المقاومة والعدوان والقتل والتشريد واعتقال الآلاف من أسرانا البواسل الذين أضربوا منذ أيام هذه الجرائم الإسرائيلية المتتالية منذ ما يزيد عن ستين عاماً،  كلها تدعو إلى المقاومة؛ قضم الأرض وبناء المستوطنات والجدار وسرقة الأرض والمياه وما فوقها  وما تحتها، كلّ ذلك يدعو إلى المقاومة، حصار غزة الظالم والعدوان المتتالي عليها، وإحكام القبضة على الضفة الغربية واستباحتها، كلّ ذلك يدعو إلى المقاومة تهويد القدس ومحاولة تغيير بنيتها الديمغرافية وتشويه معالمها التاريخية وسرقة الجغرافية والتاريخ، كلُّ ذلك يدعو إلى المقاومة، هذا التعنت الصهيوني وهذا الصلف الإسرائيلي يدعو إلى المقاومة. انسداد الأفق السياسي ووصول مشروع المفاوضات والتسوية إلى الفشل وإلى طريق مسدود يدعو إلى المقاومة، التخلي العربي مبكراً منذ سنوات عن الخيار العسكري والرِّهان على معزوفة ما يسمَّى بالسلام بلا أوراق قوّة ومقاومة، ذلك يدعو إلى المقاومة، سقوط الرِّهان على عملية التسوية وسقوط الرِّهان على العامل الدولي  وعلى التدخل الأمريكي ورعايتها للمفاوضات أيضاً يدعو إلى المقاومة، كلّ ما حولنا يدعو إلى المقاومة. فكيف واليوم في ظل ربيعنا العربي والمزهر إن شاء الله، والربيع الإسلامي المزهر إن شاء الله، حيث برزت قوة الشعوب كما لم تبرز من قبل أصلاً نحن هنا في طهران في هذه المشهد العظيم ما جلسنا هذه الجلسة لو لا قوَّة الشعب الإيراني العظيم الذي  أسقطت الطاغية الشاه، إذاً ربيع الأمَّة اليوم حيث أعاد الاعتبار لقوَّة الجماهير وحيث الشارع العربي والإسلامي  يعطينا إشارة قوية أين منبع القوة، منبع القوَّة ليس في ضعف القيادات ورهاناتنا الضعيفة الخاسرة وإعادة إنتاج المشاريع الفاشلة،  القوة الحقيقة تنبع من الشعب من الشارع من الجماهير هي منبع القوَّة والنضال والمقاومة،  وهذا المؤتمر الذي أطلق قبل سنوات هو انحياز عملي من الجمهورية الإسلامية في إيران، ومن رموز الأمَّة التي تحضر هذه المؤتمر وحضرته من قبل، هو انحياز عملي لمشروع المقاومة ولخيار الشعوب، لذلك كنا وما زلنا وسنبقى منحازين لمشروع المقاومة متمسكين به مهما كان الثمن هو خيارنا هو قدرنا هو مشروعنا الاستراتيجي في كلِّ المراحل حتى نحرّر فلسطين كلّ فلسطين، ونقضي على المشروع الصهيوني بإذن الله تعالى.

أيّها الإخوة والأخوات ..

لئن كان ذلك الخيار خيار اختيارياً ممَّن آمن بالمقاومة مبكراً وراهن عليه، فإنَّ اليوم أصبح هذا الخيار خياراً وحيد لا بديل عنه بعد أن فشل كلّ الخيارات وكلّ الرّهانات، هذا درس نتمنى  أن يعيها، وأن يلتقطه كلّ العاملين في الساحة الفلسطينية، وكلّ القوى العربية والإسلامية أن يدركوا أنَّ بعد هذه المخاضات الصَّعبة والتجارب المريرة فشل بعد فشل لمشروع التسوية والمفاوضات لم يبق إلاَّ خيار المقاومة.

بالأمس القريب كانت خطوة طلب العضوية لدولة فلسطين في مجلس الأمن، ولا أريد أن أكرِّر ما قيل من ملاحظات وأسئلة جوهرية على تلك الخطوة، سواء ما تتعلق بمفهوم الدولة، وأين هذه الدولة التي نريد لها العضوية، وما تعلّق بالانفراد بالخطوة بعيداً عن إستراتيجية وطنية متفق عليها فلسطينياً، وبعيداً عن إستراتيجية تمثل الحراك السياسي والدبلوماسي عنصر واحد فيها إلى جانب بقية العناصر، وعلى أرسها امتلاك أوراق القوَّة والمقاومة والملاحظات التي قيلت في حينها عن مخاوف مشروعة بأن تكون مثل هذه الخطوات بصرف النظر عن النوايا خلفها محفوفة أو ملتبسة بخوف على الحقوق الفلسطينية، وملاحظات على الخلاف حول مسألة الاعتراف بإسرائيل بين من يقيم حراكه السياسي على قاعدة الاعتراف وبين من يمارس المقاومة ولا يقبل اعترافاً بشرعية واحتلال الصهيوني وأيضاً ملاحظات على مثل هذا التحرك الذي يبقى مراوحاً في مربع المفاوضات فهي خطوة في هذا الاتجاه، ولكن العين تبقى مشدودة إلى استئناف المفاوضات كل ذلك قيل ومجرّد هنا لفت النظر إليهـا.
هناك نصرٌ رمزي ومعنوي حصل لا ننكره، وهناك إحراج للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة،
لكن السؤال المنطقي، وبعد أن انتهى حفل نيويورك وخاصة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة واضحة وصريحة في جهودها لإحباط تلك الخطوة، رغم أنَّها رمزية مسلحة بالفيتو إن عجزت عن منع تسعة أصوات في مجلس الأمن، السؤال الذي ينبغي أن نسأله نحن ومن خطا تلك الخطوة وماذا بعد. وأنا أتكلّم هنا بموضوعية لأنَّه أمرنا أن نعدل وأن ننصف، وأن نرى الحقائق كما هي، لذلك أقول: نعم، هناك نصرٌ رمزي ومعنوي حصل لا ننكره، وهناك إحراج للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة، وهناك احتشاد دولي جيّد، وهناك كشف للوجه البشع للسياسية الأمريكية وللموقف الصهيوني ولكن ماذا بعد هل سنظل نعيش  تلك الخطوة المحدودة، نعم، الأخ أبو مازن رفض الضغوط الأمريكية وأصرّ على خطوته هذه، جرأة محمود نقدّرها وتحسب له، وندعو كل القيادات في السلطة وأصحاب مشروع التسوية أن يكرّروا ذلك أمام كلّ ضغط إسرائيلي  أو أمريكي أو  أوروبي يناقض المصالح الفلسطينية، يبقى السؤال، وماذا بعد هل سنبقى نتحدث عن المفاوضات كخيار الوحيد ؟ هل سنبقى نتحدث عن دولة رمزية لا واقع لها أعلنت الدولة في 88 ؟، هل سنبقى نراوح في ذات المربع، أم أنَّ المطلوب اليوم أن نعمل  بجد ؟ كيف نبني ونقيم الدَّولة على أرض محرّرة أليس السؤال المنطقي اليوم على كلِّ القوى الفلسطينية 

كيف نحرّر الأرض أولاً ثمَّ نقيم الدولة الحقيقة كيف نهبط بالدولة من فضائها الحالم إلى أرض الواقع  إلى السيادة الحقيقة على الأرض،  ولذلك وفي هذه اللحظة التاريخية وفي هذا الحضور المبارك وفي ظل اكتشفا كلّ الحقائق أدعو الأخ محمود عبَّاس أبو مازن والإخوة في حركة فتح والسلطة وجميع القوى الفلسطينية والشخصيات المستقلة إلى ثلاثة أمور:

أولاً : إلى لقاء وطني جاد لنقوم به بمراجعة سياسية شاملة عميقة للمسار السياسي الفلسطيني في ضوء مختلف المعطيات والتجارب والوقائع والحقائق لنعمل معاً بجد من أجل التوصل إلى إستراتيجية وطنية فلسطينية جيدة ملائمة لهذه المرحلة نتوافق عليها وطنياً ونسير بها معاً نحو التخلص  من الاحتلال الصهيوني وتحرير الأرض واستعادة الحقوق وانجاز حق العودة وإنجاز حق  تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية الحقيقة ذات السيادة الحقيقة على الأرض الفلسطينية.

ثانياً : أدعو الجميع إلى  تكثيف جهودنا المشتركة من أجل سرعة تنفيذ كل بنود وملفات المصالحة الوطنية لنطوي سريعاً صفحة الانقسام ونبعث الطمأنينة في نفوس شعبنا.
أدعو الجميع إلى  تكثيف جهودنا المشتركة من أجل سرعة تنفيذ كل بنود وملفات المصالحة الوطنية
ثالثاً : أدعو الجميع كذلك  إلى سرعة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية وطنية لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج وتعزيز نهج الشراكة بين جميع القوى في تحمل المسؤولية وإدارة القرار السياسي والنضال الفلسطيني  ونحن جاهزون للاحتكام للانتخابات فالديمقراطية هي الوسيلة الأنجع لترتيب أي بيت وطني من الداخل ولكن حتى في ظل الانتخابات الديمقراطية التي سنذهب إليها ونحترم نتائجها وندعو الجميع أن يحترم نتائجها لا بد من المشاركة  في مسيرة النضال ولا يحق لأحد أن ينفرد في القرار.

وأخيراً .. اسمحوا لي .. وأنا اعتبر أنَّ الرَّبيع العربي رغم ما نراه من خسائر ودماء تؤلمنا وتبكينا، ومن مخاوف هنا وهناك .. إنَّ الطاقة الشعبية العربية والإسلامية هي الطَّاقة المأمولة في مشروعنا المقاومة للكيان الصهيوني وهي الطاقة المأمولة لحماية استقلالية القرار السياسي والاقتصادي والعسكري العربي والإسلامي الرَّسمي، لذلك اسمحوا لي أنَّ أقول كلمة صريحة وصادقة ومخلصة للجميع 

إننا منحازون بالطبع لخيارات ومفاهيم وسياسيات معروفة فنحن حركة مقاومة لذلك نحن بالضرورة مع المقاومة ونحن ضد كل قوى الاحتلال وعلى رأسها الكيان الصهيوني ونحن ضد كل السياسية الأمريكية وضد التدخل الأجانب في بلادنا، ونحن مع سياسية عربية وإسلامية وطنية نابعة من إرادة الشعوب وقائمة على استقلالية القرار السياسي  والاقتصادي والعسكري والثقافي وضد التبعية للخارج والأجنبي ونحن بالتأكيد ضد أي مس بالوحدة الوطنية في كل بلد ونحن ضد إثارة النعرات المذهبية والطائفية والعرقية وكل أشكال التقسيم لأبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة.
نحن مع الشعوب جميعاً في سيعيها الدءوب والمشروع للحرية والإصلاح والعدالة والديمقراطية ومحاربة الفساد والاستبداد
ولكننا في ذات الوقت نحن مع الشعوب جميعاً في سيعيها الدءوب والمشروع للحرية والإصلاح والعدالة والديمقراطية ومحاربة الفساد والاستبداد هذا حقها الطبيعي والإنسان ولد حراً ولا بد أن يعيش حراً إن الحرية التي خلقنا الله عليها لا يجوز لأحد أن يصادرها والأوطان أوطانا العظيمة المباركة مسؤولية كلِّ أبنائها حكاماً ومحكومين هم شركاء في إدارة قرارات وفي سياساتها وبالدفاع عها، وتبقى الشعوب على الدوام هي مصدر السلطة والشرعية لذلك ما نتمناه أن يتحقق كل ذلك بسلام بحلول سياسية بعيدة عن العنف نريد لهذه الأمة أن تنهض وأن تجدد نفسها ببناء جهتها الداخلية هذا الذي نأمله، إنَّ صيانة السياسية الخارجية في بلادنا وصيانة مشروع المقاومة وحماية استقلالية القرار السياسي والاقتصادي تقضي أن نستوعب شعبونا وأن نرفق بها وأن نرحمها وقال الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الإمام مسلم : ((ما من امرئ يتولى أمر من أمتي فشق عليهم فشقق عليه ومن تولى أمراً من أمتي فرفق بهم فرفق به)).

أدعو حكام أمتنا خاصة الذين يقفون معنا في ذات الخندق أن يلجئوا إلى الخيارات السياسية في التعامل مع هذا الربيع وأدعو في المقابل شعوب أمتنا أن تظل البوصلة واضحة لا التباس فيها فلا للأجنبي ولا للتدخل الخارجي ولا للعنف الداخلي هذه تبقى سياستنا وتبقى فلسطين ومقاومة الأعداء المحتلين ورفض الهيمنة الخارجية تبقى بوصلة وبوصلة شعبونا جميعاً.

آمل في مؤتمر دعم الانتفاضة أن يجتمع الجميع على مستوى القيادات والشعوب نحو هذه الأهداف الكبيرة، وأن نخرج بربيعنا العربي أكثر منعة وقوّةً لأوطاننا تعزيزاً لسياستنا الخارجية وبناءً لسياسية داخلية قائمة على الإصلاح والعدالة والديمقراطية والشراكة ومحاربة الفساد والاستبداد
شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • إيران
  • فلسطين
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    التدجين الناعم: كيف يُختطف وعي الأمة؟ (2-2)

    تحدثنا - بفضل الله تعالى- في الجزء الأول من هذا الموضوع عن:- توطئة عن الموضوع. …