الفهم الصَّحيح.. ضمانة من الأفكار الشاذة

الرئيسية » بصائر تربوية » الفهم الصَّحيح.. ضمانة من الأفكار الشاذة
alt

لاشكَّ أنَّ التحصن بالفهم الصَّحيح والتربية السليمة يكون واقياً لأبناء الحركة الإسلامية من ذوبان الهوية أمام أيّ فكر شاذ أو منهج مغلوط  خاصة في ظل ما هو معروض على الساحة السياسية من بدائل غير إسلامية، وفي ظل الانفتاح الكبير الذي نشهده على مختلف الأفكار، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن كيفية الحفاظ على أبناء الصف داخل الحركة الإسلامية في ظل هذا التعدّد والانفتاح، وخاصة في ظل عصر السماوات المفتوحة، فالانفتاح له إيجابياته وسلبياته  فكيف نربي أبناءنا على السّماع للآخر دون ذوبان الهوية، وهل انفتاح الحركات المختلفة على بعضها البعض  مطلب ضروري أم رفاهية فكرية؟. بصائر استطلع آراء العديد من العلماء حول كيفية التماسك ووحدة الصف داخل الحركة الإسلامية في ظل انفتاحها على الأفكار الأخرى.

بداية يقول فضيلة الدكتور محمد عبد ربه النبي الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر: إنَّ وضوح الهدف لدى أبناء  الحركة الإسلامية، والتأكيد على فقه الأولويات، وكذلك رفع قيمة لغة حوار الاحتواء لا الإقصاء أدعى إلى وحدة الصف.

كما أنَّ هناك عوامل عديدة تساعد في تماسك أبناء الحركة الإسلامية داخل الصف منها :

1.التربية الوقائية لأبناء الحركة المتمثلة في صحة المعتقد، والذي جوهره التوحيد
2.التربية الأخلاقية التي جوهرها الإحسان.
3.التربية العبادية من صلاة وصيام وزكاة وحج والتي جوهرها الإخلاص.
4.تقوية الثقة في نفوس أبناء الحركة الإسلامية تجاه الشريعة الإسلامية والتي جوهرها العدل والإنصاف .

وكلّ ذلك أدعى إلى  وقاية وتحصين أبنائنا من ضلالات السماوات المفتوحة في المعتقدات وحمايتهم من الانحلال الأخلاقي والانحراف السلوكي من السماوات المفتوحة التي من وسائلها الانترنت ؛ فالأخذ بمنهج الوقاية أهم من العلاج وإن كان المنهاج الرباني يجمع بين الوقاية والعلاج معاً ، غير أنَّ الوقاية أولى بالتقديم كما قال الله تعالى :(يا أيها الين آمنوا  قوا أنفسكم وأهليكم" وقال أيضا:"يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم).

وعن الانفتاح الفكري بين أبناء الحركة الإسلامية  بينهم البعض وبينهم وبين الحركات الأخرى قال: إنَّ الانفتاح أو التعاون أو التحالف بين أبناء الحركة الإسلامية أولى بالتقديم  من غيره بسبب وحدة المنهج ووحدة الهدف ، وهذا لا يعني عدم الحوار أو الانفتاح ببين أبناء الحركة الإسلامية ككل وبين التيارات الأخرى .

بل إنَّ فتح أبواب الحوار ضرورة بشرية ومبدأ شرعي، كما ورد في قول الله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى " وكما قال سبحانه أيضاً :"تعالوا إلى كلمة سواء" فالحوار بين الأبناء في ضوء الأهداف الإنسانية الكبرى كالحرية والمساواة والكرامة الإنسانية واحترام الحقوق الإنسانية ضرورة من ضرورات الحياة وسبيل إلى ما يسمَّى بالتعايش الآمن أو السلمي بين العقائد المتعددة والثقافات المتنوعة.

ويرى أنَّ الاختلاف في المعتقد لا يمنع من فتح باب الحوار والتعاون من أجل خدمة الإنسانية بل إنَّ باب الانفتاح على الآخرين يزيل عقبة الانطواء والعزلة التي قد تصيب أبناءنا - أبناء الحركة الإسلامية- وترد عملياً على من يحاولون إلصاق الشبهات بالحركات الإسلامية وتخوينها لغيرها من الحركات غير الإسلامية.
أمَّا فضيلة الشيخ محمود شاكر المالكي الدّاعية الإسلامي فيقول:  إنَّ أكبر ضمان لوحدة أبناء الصف داخل الحركة الإسلامية هو  مبدأ الشورى  والحوار فهو الأساس في مواجهة أي تشوش فكري للأفراد .

وقال: ليس معنى هذا أن ننعزل عن المجتمع؛ بالعكس يجب علينا أن نحتك بالمجتمع احتكاكاً طبيعياً، وهذه المعيشة لاحظنا أثرها الطيب في رمضان الفائت- أعاده الهك عينا بالخير والبركات_ فقد كنا ممنوعين من الاحتكاك بالناس وقد وجدنا في ظل مناخ الحرية أنَّ الناس يقبلون علينا إقبالا غير عادي، ويقولون: إنَّ هذه أول مرَّة نرى هؤلاء الشباب  الدّعاة في هذه السعة والتوسيع على الناس، وليس المشهد المتشدد أو الضعيف الميسر المتهاون في الحدود.

وقال: يجب علينا تجاه أبنائنا أن نربّيَهم على الأصول والمعاني الإسلامية الصحيحة فمن رُبي على ذلك سيكون عنده رد ودرء لأي شبه تثار حول الحركة الإسلامية، ولن تزعزع فيه الهوية فهو يعرف مهيّة خلقه، فعندها يناقش من يناقش  ويرد على من يرد  ولا يُخشى حينها على ذوبان هويته نتيجة سماعه للآخر،  وأي آخر كان.
أمَّا عن انفتاح الحركات والتيارات المختلفة على بعضها البعض، فقال: إذا كان الحوار إسلامياً- إسلامياً، فنحن في أمس الحاجة إلى أن نسمع بعضنا البعض، ولذلك النظام السَّابق  كان يفرّق ويبني حوائط ضخمة لمنع انفتاح هذه الحركات على بعضها بما يوحّد صفوف أبنائها، والحمد لله قد بدأ هذا الحوار والتواصل ونحن نلمس  خيرا ورحابة وتغيراً كثيراً.

وعن الانفتاح والتواصل الفكري للأبناء مع الآخر، فقال: إننا نحتاج هذا الحوار أيضاً ليستطيع أبناؤنا -المحصنون بتربيتهم الإسلامية- أن يبلغوا كلمة الله عزّ وجل ويردّوا الشبهات التي كانت تثار عنهم، لأنَّ الناس كانت تسمع عن الإسلام، وقد حرموا من أن يروا تطبيقه ونماذجه الوسطية المعتدلة، وكانوا يعلمون فقط عن الإسلام ما كان يوجه لهم طوال الحقبة الماضية عن أنَّ الإسلام بمفهوم" إسلام القصور"، ولم يكونوا يذكروا للناس كيف كان الإسلام خارج القصور  وحال الناس ومعايشهم، ولك أن تعلم أنَّ أول شبكة مياه في تاريخ الشرق كله كانت في القاهرة على يد صلاح الدين الأيوبي فنحن نريد أن نعلم الناس الإسلام الحقيقي وكيف وفر الحقوق وكيف أقام العدالة وكيف حافظ على كرامة الإنسان بغض النظر عن ديانته وتنفيذ معنى الآية "ولقد كرمنا بني آدم...." عملاً وقولاً . فكيف بنا نريد أن نبلغ الناس كلّ هذا ولا يتحاور أبناؤنا معهم؟!
بل إنّنا لا يجب أن نخشى على أبنائنا من ذلك ونشجعهم على خوض هذا الحوار باللين والفطنة .

أمَّا فضيلة الداعية الإسلامي الشيخ عبد الوهاب عمارة، فيقول: إنَّ وضوح الفكرة وبلورة فكرة الإسلام وجعلها نموذجَ حيٍّ يعالج الحياة  ومشكلات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هو الذي يبرز أنَّ الإسلام هو الحل لكلّ المشكلات التي تلمّ بنا، وهو العاصم لأبنائنا من أيّ استيعاب آخر.

وقال: إنَّ من طرح الجانب العملي في منهجه هو من يربح في النهاية، وكذلك من  فهم الإسلام بشموليته فهماً صحيحاً، وليس كل الناس كذلك.

وأضاف بأنَّ أبناءنا إذا تحصنوا بالفهم الصّحيح والتربية السّليمة سيكون ذلك واقياً أيضاً لهم من ذوبان هويتهم ضد أيّ فكر شاذ أو منهج مغلوط.

وعن انفتاح الحركات المختلفة على بعضها البعض،  قال: إنَّ الضروري والأشد ضرورة هو توحّد الجماعات الإسلامية،  لأنَّ النظام الفاسد السَّابق كان يعمل بمبدأ فرّق تسد حتى بين  الجماعات الإسلامية، وهذا لا ينفي أنَّ الانفتاح على الآخر  أيّا كان فكره شيء ضروري ومهم لأبنائنا حتّى لا يكونوا منغلقين، وهذا كان منهج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والقرآن الكريم أمرنا حتّى بجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …