أعدِّي بيتكْ .. َذو الحِجَّة سَيَحِلُّ ضَيفاً

الرئيسية » بصائر للأسرة والمرأة » أعدِّي بيتكْ .. َذو الحِجَّة سَيَحِلُّ ضَيفاً
alt

ضَيفٌ ما زاد وجودَه في قلوبِنا إلّا حُباً وفي أرواحِنا إلَّا تَبسماً ،، كيف وهو الوَقود الَّذي يَزيدُنا لله قُرباً، ولدعوتنا تمسُكاً وحُبًّا ..
سَيَأتي ضَيفُنا مُحمَّلاً بِنَفحاتٍ روحانية تُحلِّق معها أرواحنا ، وهو قادمٌ لا يريدُ إلاّ من يُحبُّه .. ولا يَبغي إلَّا من يَعملُ من أجلِه .. ولا يطرب إلّأ لمن يشتري وُدَّه ..
سَيَأتي وهمسات حديثه تنادي عُشّاق السّهر ، ليُطرِبَ مسامعهم بِمقاماتٍ دُرَرْ،، لِيحلو حينها مَعَهُ السَّمَرْ ..

ضَيفُنا يا عزيزتي اعتَبرك أنتِ وجه البيت الذي سيكون مسؤولاً عن مراسيم استقباله لا أحداً آخر .. وأوكل إليكِ إعدادَ زوجك لاستقباله .. وأبنائك للترحيبِ بِحلولِه، إنَّه شهر ذو الحجة ..
ضيفنا غالٍ يا أختي،  جمع بين طولِ الغربةِ ومكانةِ المنزلة، وجاءَ كمسافرٍ يبحث عن أمنِ الوطنِ بعد تَجددِ المشكلة، وجاءَ كفقير وجد مأوى يضمُّه بعد ذلِّ المسألة .!!
فَلتَفتحي يا صدورَنا أسوارَ ضلوعِك ، ولترسُمي يا أعينَنَا أنواع بهجتك ، ولتَشرعي يا ألسن الإيمان بحمد ربك .
ولنستقبله بتهليل وتكبير، وتسبيح وتمجيد، وتبتل وخضوع، ودعاء ودموع، وعطاء متزايد في الأجور، ومغفرة ورحمة من رب غفور .
ولنا للإعداد لاستقبال ضيفنِا وَقَفات :

الوِقْفَةُ الأولى :
فما أجل نعمة الله علينا أُخيتي، وما أرحمه بنا، سبحانه وتعالى يوم أن جعل مواسم لطاعته، وأوقات نتعرض لنفحاته فيها ، يرفع الله لنا ولأهل بيتنا بها الدرجات، ويضاعف الحسنات ويكفر عن السيئات.
والأَمَةُ المؤمنة تنتقلُ بين تلك المواسم والأوقات وكلها رجاء أن يقبل الله منها  يومٌ جدَّت وأجتهدت فيه ويومٌ اعانت فيه زوجها على العملِ الصَّالحِ، ويومٌ زرعت في وَلَدِها قيمة تبقى معه لِيزرعَها في قلوب أولاده غداً !!
فالأمُّ يا عزيزتي، تقع عليها حمل وامانة أثقل وتبعات اكثر من أي فرد آخر فلتحسني حمل الأمانة في هذه الأيام بأن تجدّدي نيتك وعهدك مع الله وتُذكري أولادك وزوجك بذلك .

وعليكِ تجديد العهد مع الله، لأنَّ الإنسان قد تصيبه الغفلة وقد تؤثر فيه الفتن، وقد يسلبه الشيطان كل خير، فتأتي هذه المواسم فيئوب ويتوب ويرجع ويعود ، بنفس مقبلة ، ودمعة هاطلة، وتوبة صادقة ، فلك الحمد يا ربنا على ما أنعمت به علينا ولك الحمد أولاً وأخراً ولك الحمد من قبل ومن بعد.

الوِقْفَة الثانية:
هذه العشر يا أختاه  فرصة عظيمة في هذه الحياة، ومكسب وفير في هذه الدنيا، والمؤمن مطالب بأن يكون نهّازاً للفرص، حريصاً على اغتنامها وكسبها، جاداً في طلب ما تحمله من خير ونعمة، وهذه العشر قد تجلّى خيرها وفضلها في قول الحبيب عليه الصّلاة والسَّلام :  (( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام )). يعني العشر، قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ، قال :  (( ولا الجهاد في سبيل الله إلاَّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )). رواه البخاري .
 وتعود هذه الأفضلية الرّفيعة لما فيها من عبادات متنوعة وقرابين للرب مختلفة، قال ابن حجر في الفتح :  (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها وهي الصلاة والصدقة والصيام والحج ولا يتأتى ذلك في غيره).

ويتجلّى فضل هذه الأيام أيضاً كونها أفضل أيام الدّنيا؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : ((أفضل أيام الدنيا أيام العشر )) .

فهي دعوة لك أختي المؤمنة بأن تستعدِّي في الاستقبال، وأن يرى الله منك تجاهها خير الحال، وأعلمي بأنها أيام تذهب من عمرك سريعاً، وتأخذ منك كثيراً فخذي الكتاب بقوّة، فإنّك وإن عشتها هذا العام، قد لا تكون ممَّن يعيشها في العام القادم .!!
ولتَزرعي هذه الفضائل في بيتك ،زوجك وأبنائك، وقد تقومي مثلاً بكتابة حديث الحبيب في فضل ذي الحجة على لوحة تعلقيها في بيتك أو تطلبي من الأولاد فعل ذلك، وتهيّئي لهم الألوان والزينة حتى يستمتعوا في فعل ذلك، فيكون ما قاموا حافزاً لهم لصيام ذي الحجة، بل وتشجيعك على ذلك..

الوِقْفَة الرَّابعة:ولنستقبله بتهليل وتكبير، وتسبيح وتمجيد، وتبتل وخضوع، ودعاء ودموع، وعطاء متزايد في الأجور، ومغفرة ورحمة من رب غفور

تحدّثنا كثيراً عن هذا الضيف وتحدثنا عن فضله وعلوّ مكانته، ولكنّ يا حبيبة، غفلنا عن أمر مهم وهو كيف بأنّه أنا الأمُّ التي يقع عليَّ حِمل استقبال هذا الضيف وكيف أُعِدُّ لذلك ؟!
فالأم الفَطِنة لا تغفل أنَّ لها دوراً في التأثير على أولادها وزوجها أكبر تأثير، إن كانت قد احسنت انتقاء الأسلوب والفكرة ، فقد تقومين يا عزيزة بعد أن تحدثي لأولادك عن فضل هذه الأيام أن تحدثيهم عن خير الأعمال المستحبة فيها _والتي سأوردها لكِ هنا _ وبعد ذلك تقومون سويّاً بإعداد برامج لاستغلال هذه الأيام خير استغلال، وتقترحين ويقترحون وبالطبع على البرامج أن لا تخلو من التنافس والمتعة أيضاً، بل والمحفزات والجوائز للمتميز منهم ..

الوِقْفَة الخامسة :
وعدتك يا غالية أن أورد لك الأعمال المستحب القيام بها في هذه الأيام حتى تشجعي أهل بيتك عليها؛ وهي:
1-  ضرورة التوبة إلى الله تعالى والرّجوع إليه، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، والإقبال على فعل الصَّالحات .
2-  أداء الصّلوات الخمس في أوقاتها، فهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، وعلى المؤمن أن يحافظ عليها جماعة مع المسلمين، وأن يكثر من النوافل في هذه العشر فإنها من أفضل القربات.. فتحفزين زوجك وأولادك على القيام بها جماعة في المسجد.
3-  الصيام سواء صيام تسع ذي الحجة جميعها أو بعضها وبالأخص يوم عرفة، روى مسلم عن أبي قتادة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:  ((صيام يوم عرفة ، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده))، وعن حفصة قالت : ((أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء ، والعشر ، وثلاث من كل شهر وركعتين قبل الغداة )). رواه أحمد والنسائي .
4-  التكبير والتحميد والتهليل والذكر .. وتشجيع الأطفال على الجهر بها مع زملائهم وأصدقائهم.
5-  إخراج صدقة .. وتشجيع أولادك القيام بذلك من خلال حسم جزء من مصروفهم مهما قلّ وما تجود به نفوسهم للتبرع بها في آخر الأيام .. فهنا تزرعين فيهم هذه القيمة العظيمة وتربي فيهم الكثير.
6-  الجلوس كحلقة قبل المغرب بدقائق وتطلبين من أحدهم أن يدعو وتؤمنوا خلفه .. فهذه أيضاً تزرع فيهم الثقة والقوة والكثير الكثير ..
7- فلنسامح يا أختاه كلَّ من أساء إلينا ولنزرع ذلك أيضاً في قلوب أطفالنا، فإن لم يعتد أن يسامح الآن أخاه إن اخطأ في حقه، وهو صغير فكيف سيفعل ذلك وهو كبير، وإن لم تكوني أنت قدوة له في ذلك أنَّى لكِ أن تطلبي منه ذلك !!

الوِقفة السَّادسة :
((خير الدّعاء دعاء يوم عرفة ))  صحَّ هذا الحديث عن رسولنا عليه الصلاة والسلام .

فإذا ما أقبلت آخر ساعاته، فأوصيكِ أن تخلي بربك ، وتنفرد بنفسك ، وتعتزل الناس، لا تضيعن وقتك في الأسواق لشراء ملابس العيد، فتسطيعين فعل ذلك قبل ذي الحجة ، ولا تضيعين وقتك يا عزيزة بإعداد الطعام، وتجهيز السفرة ، فيمكن إعداد هذه الأشياء مبكراً .
تفرغي لمناجاة المليك ، والانطراح بين يدي الكريم ، سليه حاجتك ، وأظهري فقرك ، ارفعي رغباتك ، فساعات الإجابة حلّت ، ولحظات العطاء وجبت .

فالإجابة في هذا اليوم العظيم قريبةٌ من السائلين ، والعطاء يدنو من الطالبين .
اسأل ربّك بصدق ، وألحِ عليه في آخر ساعة من هذا اليوم أن تشملك رحمته أنت وأهل بيتك، وأن تحل عليكم بركته ، وأن يجعلكم في عِداد عباده المعتوقين .
alt
ادعيه وأنت موقنةُ في الإجابة ، وقد أتيتِ بأسبابها، وتأدبتِ بآداب الدّعاء – من حضور القلب ، والثناء على الله ، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام – وأبشري بالخير ، وأمِّلِّي بربك جوداً وعطاءً .

جدّدي في هذه اللحظات التوبة ، واعقدي العزم على التخلص من الذنوب .
طهري قلبك من كلّ خلقٍ مذموم .
سامحي كلّ من أخطأ في حقك ، واعفِ عن من ظلمك ليعفو الله عنكِ فإنَّ الجزاء من جنس العمل .
جعلنا الله وإياكم جميعاً ممَّن يحسنون استقبال هذا الضيف لننعم بخيره وفضله ...

مراجع للاستزادة :
رياض الصالحين - النووي
فتح الباري - ابن حجر العسقلاني
فقه السنة - السيّد سابق

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

إقرار أول قانون للحماية من العنف المنزلي في السعودية

قال مسؤول في مجال حقوق الإنسان إن السعودية أقرت قانونا مهماً يهدف إلى حماية النساء …