“الاستيعاب” في صفوف الحركة الإسلامية .. نظرة متعمّقة

الرئيسية » بصائر تربوية » “الاستيعاب” في صفوف الحركة الإسلامية .. نظرة متعمّقة
alt

مرَّت قضية "استيعاب العناصر الجدد" داخل الحركات الإسلامية بمراحل متعدّدة، خلال العقود الماضية، فتارة كانت بعض الحركات تفتح الباب على مصراعيه للرَّاغبين في الانضمام إليها، وتارة تكاد تغلق حركات أخرى باب الاستيعاب، وتجعله حكراً على أشخاص ذوي مميّزات خاصة. وقد استخدمت الحركات الإسلامية قديماً أساليب تقليدية معروفة في الجذب والاستيعاب، أثبتت نجاحها في بعض المراحل إلى حدٍّ كبير.لكن، هل هذه الأساليب ما تزال صالحة للاستخدام في عصرنا الحالي؟، وهل من أساليب جديدة، من الممكن أن تستخدمها تلك الحركات، لمواكبة التطوّر المذهل الذي لحق بمجتمعاتنا؟، وهل ما زالت الحركات الإسلامية، بيئة جاذبة للشباب المسلم؟.."بصائر" حاول الإجابة على هذه التساؤلات ضمن هذا التقرير.

الاصطفاء..!

يرى التربوي والدَّعوي أدهم حسن أنَّ الحركات الإسلامية في فلسطين، اعتمدت عموماً على مبدأ "الاصطفاء"، أسوة بسنة الرَّسول الكريم صلَّى الله عليه وسلّم خلال بناءه اللبنات الأولى للدَّولة الإسلامية.

ويشير إلى أنَّ الحركة الإسلامية في فلسطين، كانت تعتمد في البدايات على "الدَّعوة الفردية؛ حيث انطلق الرَّعيل الأوَّل من الدّعاة داخل المجتمع، وبدؤوا يجمعون الأنصار، بعد اختيارهم بعناية"، مؤكّداً على الاهتمام الكبير الذي منحوه لدور "المسجد" كبيئة جاذبة ثمَّ حاضنة للأنصار والعناصر الجديدة.
ويقول: "تمر قضية الاستيعاب بمراحل، ويكون التركيز على اصطفاء بعض الأفراد المميّزين داخل المجتمع، ليكونوا النواة للتحرّك في صفوف المجتمع الفلسطيني، وقيادة العمل والانطلاق".
أدهم حسن :
إن أهم ما ساعد الحركة الإسلامية في فلسطين على التوسع، هو انتهاجها فكراً وسطياً معتدلاً، بعيداً عن التكفير والتطرّف.

ويضيف " انطلقت الحركة كتيار، وليس كتنظيم مغلق أو محدود، وقد ركَّز عمله على أسلمة المجتمع، خاصة أننا في مجتمع ملتزم ومحافظ، وقد لاقوا العديد من المحن والصعوبات إلى أن بدأت القاعدة تتوسع في العمل، معتمدة في البداية على العمل الجهادي ..ثم السياسي والحكومي".

ويشير إلى أنَّ أهم ما ساعد الحركة الإسلامية في فلسطين على التوسع، هو انتهاجها فكراً وسطياً معتدلاً، بعيداً عن التكفير والتطرّف.
ويتابع:" ما يميّز بالذات كبرى الحركات الإسلامية في فلسطين، وهي جماعة الإخوان المسلمين عن كثير من الحركات أنَّها حركة وسطية غير متطرّفة، وتمتلك أبناء وعاملين يؤمنون بفكرتها ويعتمدون منهجاً شمولياً للعمل الإسلامي.

كما أنها-حسب الداعية حسن-لا تتأثر ولا تستجيب لأيّ محاولات لشراء قرارها من أيّ طرف خارجي، وتعتمد على العمل المؤسساتي الذي لا يتأثر بدخول شخص أو خروجه، بالإضافة إلى أن تمويلها في دعم أنشطتها الدَّعوية "ذاتي".

حسن :
"الحركة بحاجة إلى تطوير لأداء القيادات الدعوية داخل المجتمع، خاصة مع انتقال الحركة الإسلامية من ساحة العمل المقاوم إلى ساحة العمل الحكومي .. لذا علينا مراجعة الاستيعاب من ناحية تطوّر أداء الكادر الدَّعوي الموجود وتحديد الأولويات بالنسبة للعمل الدَّعوي داخل المجتمع".
تقييم

وفي معرض تقييمه لحالة استيعاب الحركة الإسلامية حالياً للعناصر الجدد، يرى الداعية الفلسطيني أنَّ تلك الحالة بحاجة إلى مراجعة في الأساليب والمعايير الاستيعابية التي تنتهجها.
ويقول:" الحركة بحاجة إلى تطوير لأداء القيادات الدعوية داخل المجتمع، خاصة مع انتقال الحركة الإسلامية من ساحة العمل المقاوم إلى ساحة العمل الحكومي .. لذا علينا مراجعة الاستيعاب من ناحية تطوّر أداء الكادر الدَّعوي الموجود وتحديد الأولويات بالنسبة للعمل الدَّعوي داخل المجتمع".
ويقرّ حسن، بوجود "ضعف نسبي"، في قضية استيعاب الحركة الإسلامية للعناصر الجديدة، مرجعا السبب إلى: "تغير الأولويات، وعدم الاهتمام بالموضوع التربوي كما يجب، وتركيز أبناء الحركة على العمل المقاوم واندفاعهم نحوه".

مقترحات للتّطوير

ويقدّم الدّاعية حسن، مقترحات للاهتمام الأكبر بقضية الاستيعاب ومنها:
-"يجب على أصحاب القرار الاقتناع بضرورة تطوير العمل الاستيعابي وإيجاد الحماسة لهذا التطوير".
-"العمل على إعادة الاعتبار للعملية التربوية".
-" دراسة حاجات الشباب الفلسطيني، ووضع العمل وفق هذه الحاجات".
-"الاستفادة من التقنيات الحديثة في العمل الدَّعوي".
-"تفعيل مواقع الإنترنت والاسطوانات المدمجة والرسائل القصيرة والمؤثرات والفضائيات والنشرات الالكترونية".
- "تفعيل الدَّعوة الفردية بشكل كبير".
-"إعادة الاعتبار لأهمية "الدور المسجدي".
-"الاهتمام بالعمل المنظم والمخطط، والبعد عن العمل العشوائي".

إنهاء الانقسام

ويرى الدَّاعية حسن أنَّ استمرار الانقسام على السَّاحة الفلسطينية، يلحق ضرراَ بحالة الاستيعاب، حيث إنَّ جزءاً من الشباب يتجنَّب المساجد، خوفاً من التأطير والتحزب.
ويضيف": إذا أرادت الحركة أن تستمر في هذا الانتشار والتوسع وإصلاح المجتمع وأسلمته بشكل أكبر يجب أن تعمل على إنهاء الانقسام حتّى لا يصبح التنافر السياسي بمثابة عازل يعزل بين الدّعاة والشباب الفلسطيني ".
وينبّه إلى أنَّ الجيل الحالي من الصّغار والمراهقين، قد يبتعدون بشكل عفوي وتلقائي عن الحركة الإسلامية وغيرها من الحركات، نتيجة حالة الانقسام السياسي الحاصلة.
الاستيعاب "النسائي"

واستعرضت التربوية والدَّعوية رجاء محمود مراحل استيعاب النساء في الحركة الإسلامية والتي أوضحت أنَّ الحركة الإسلامية النسائية، كانت في السَّابق، تركِّز على الأساليب التقليدية، والتي تتمثل، بالتعرّف على الأخوات الملتزمات، من خلال مشاركاتهن في الأنشطة الإسلامية العامة؛ كاللقاءات والمخيمات الصيفية والمعارض والمنتديات والأندية الصيفية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والمهرجانات ..إلخ

وتضيف": من ثمَّ تأتي مرحلة الاختيار، أو "الاصطفاء"، وتكون عملية اختيار العناصر خاضعة للتربية المسجدية، ومدى الالتزام الديني للأخت المراد استيعابها .
رجاء محمود:
الدَّاعية ليس مكانها المسجد فحسب، بل يجب أن تكون حاضرة في كل مكان، وأن تحمل همَّ الدَّعوة في داخلها، فالدَّعوة لم تعد قاصرة على جدران المسجد والمحاضن التربوية.

تطور الأساليب

أمَّا اليوم، فقد تطوَّرت هذه الأساليب، من خلال استخدام التكنولوجيا، حيث يتم استغلال "المنتديات والمواقع وأحدث وسائل الاتصال والتواصل لجذب الشباب والنّساء للدّعوة.
وتضيف كذلك أنَّ "الأخوات"، لم يعدن يقتصرن عملهن على المساجد، بل يتفقدن الناس في المناسبات الاجتماعية المختلفة.
وتشير كذلك إلى ابتكار وسائل إبداعية غير مألوفة، كالمخيمات الخاصة، التي تحتوي أموراً خارجة عن المألوف، وتحاكى اهتمامات المرأة المختلفة، مؤكّدة أنَّها جذبت العشرات من النساء للحركة.

وتستدرك قائلة: الدَّاعية ليس مكانها المسجد فحسب، بل يجب أن تكون حاضرة في كل مكان، وأن تحمل همَّ الدَّعوة في داخلها، فالدَّعوة لم تعد قاصرة على جدران المسجد والمحاضن التربوية.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …