شبابنا المتديّن.. في مرمى سهام “إبليس”

الرئيسية » بصائر تربوية » شبابنا المتديّن.. في مرمى سهام “إبليس”
alt

" أشعر بيني وبين نفسي بأنّي منافقة .. فجميع من حولي يقدرونني ويشهدون لي بالمداومة على الطَّاعات .. لكنني لا أتوقّف عن مشاهدة الصور والمواد الإباحية على شبكة الإنترنت، وكلَّما أقلعت عن هذا العمل عُدت إليه مجدّدًا ".

يلخص هذا المشهد حال العديد من الشبان والشابات في عالمنا الإسلامي، والذين يجدون أنفسهم حيارى، وفي حالة خصومة مع الذَّات، فهم من جهة "ملتزمون" ويعشقون "الإسلام"، ويمتهن بعضهم "سبيل الدَّعوة إلى الله"، لكنَّهم في الوقت ذاته، غير قادرين على كبح جماح "الشهوة"، وعاجزين عن الصّمود في معركة "الإرادة" مع "إبليس وجنده".

يقول د.صبحي اليازجي المحاضر في كلية أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة : لقد أمر الإسلام الرجال والنساء بغض البصر، لأنَّه يعدُّ بريد الزنا، وقوله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .......} يؤكّد ذلك، فلو تأملنا هذه الآية لوجدنا أنَّ الله أمر بغض البصر للمؤمنين بداية.

ولم تقتصر الدعوة إلى الرجال فقط –حسب اليازجي-بل أتبعها بالآية التالية : {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ..} فوجه الخطاب نفسه للمؤمنات أيضًا، ممَّا يدلل لنا على أنَّه أمر واجب على الرِّجال والنساء.

وتابع:" لقد قدَّم القرآن الإبصار على سائر الجوارح، لأنَّ أكثر الحواس تأثيرًا على القلب هي العين، فالنظر إنّما هو مقدّمة لكلّ شهوة، وباب لفعل الفواحش".

وأوضح أنَّ حرمة الاطلاع على الصور العارية والغوص في المواقع الإباحية، لا تحتاج لفتوى، لمخالفتها لتعاليم الدين، ولأنَّها تفسد القلب والدّين، وستفسد الحياة الزوجية لاحقًا.

وشدَّد على ضرورة وجود نوع من الرقابة الداخلية في نفس كلِّ شاب وفتاة، تجعلهم يشعرون بمراقبة الله لهم قبل إقدامهم على ارتكاب أي معصية، حتى لا يقعوا في كثير من الانحرافات الفكرية والسلوكية، مثل ما هم عليه الآن.

التديّن ليس بالمظهر

الدَّاعية الفلسطيني عاتب الشباب المتديّن الذي يهتم بالمظهر على حساب الأخلاق، وقال:" أيّ تديّن هذا الذي يهتم بالمظهر باللحية والمداومة على فعل الطاعات أمام الناس ؟ وفي وقت الخلوة لا يخلو من المعاصي والوقوع في المحرمات ؟".
"التدين ليس بالمظهر فقط، فلابد عند الشاب والفتاة أن يكون هناك التزام بالأخلاق كما هو الالتزام بأمور الشريعة والعقيدة، ولقد شدَّد الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم على قضية الأخلاق فهو يقول:  (( أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقَا)).
ويتابع: "التدين ليس بالمظهر فقط، فلابد عند الشاب والفتاة أن يكون هناك التزام بالأخلاق كما هو الالتزام بأمور الشريعة والعقيدة، ولقد شدَّد الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم على قضية الأخلاق فهو يقول:  (( أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقَا)).

ويحذِّر د.اليازجي من مغبَّة وقوع الشباب المتديّن في المعاصي دون علم بقوله: "لابد للشاب المتدين أن يحسن في التزامه وفي قضية الرقابة، وأن يستحضر معنى رقابة الله، وأنَّ الله مطلع عليه إن هو خلا، وأنَّه بمشاهدته لتلك الصور ونقلها يعدُّ عاصياً، ويشارك في هتك عرض المجتمع المسلم".

وحول الأسباب التي تدفع بالوقوع في معصية مشاهدة المواد الإباحية، يقول اليازجي :" إنَّ من أخطر الوسائل التي لا ينتبه إليها شبابنا ويهدر بها جلَّ أوقاته الثمينة هي شبكة الإنترنت، ومن خلالها يتصفح تلك المواد الإباحية."
ويتابع" الاختلاط في الأسواق والمؤسسات والالتقاء الحاصل بين الشباب والفتيات في أغلب الاجتماعات بحجة مناقشة والعمل في قضايا تخدم المجتمع وفيها يتم الحديث بين كلا الجنسين بكل جرأة "

وحذّر من العادات والتقاليد الخاطئة المتأصلة في بعض الأسر، والتي تكثر فيها اللقاءات المختلطة؛ حيث يجتمع أبناء العمومة مع النساء دون أي قيود، مستنكرًا وصول الأمر لدى بعض الأسر بدخول الجيران على أهل المنزل دون استئذان.

ويستطرد " العيش في منزل واحد نظرًا لضيق الحال والاكتظاظ السكاني يودي بالوقوع في تلك المحرمات، إن لم يكن هناك وازع ديني قويّ لدى شبابنا".

وهذه كلّها من القضايا التي حذَّر منها رسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ((الحمو الموت))، وهي إشارة واضحة من الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم بأهمية الانضباط الأسري حتّى يبقى المجتمع متماسكًا طاهرًا نقيًا.

الموضة.. مشكلة العصر

في سياق متصل، تحدَّث اليازجي عما أسماه "مشكلة العصر"، والمتمثلة بهوس الشباب بقضية "الموضة"، موضحاً أنَّ هذه القضية "خطيرة خاصة أنَّ الفتيات بدأن لا يلتفتن لشروط الزِّيِّ الإسلامي الصَّحيح، فأصبح جلّ همِّهم ارتداء الملابس التي هي على الموضة، والتي قد تكون ملونة تجذب الأنظار، أو ضيّقة وتصف أجسادهن".

وأضاف:" قلما تجد الفتيات اللواتي يرتدين الزِّيَّ الإسلامي الذي لا يصف ولا يشف ولا يلف الأنظار".
ويتابع :"الأمر لا يتوقف عند الفتيات فحسب، فالشاب أيضًا هو الآخر يقع في المشكلة نفسها، فتكون ثيابه ضيّقة وملفتة للنظر بالنسبة للفتيات".

ويؤكّد "هذه كلّها مغريات الشيطان التي يزينها للشباب، ممَّا يدفعهم للوقوع في فتنة النظر من إطلاق لأبصارهم في الشوارع والأسواق الأمر الذي يعدُّ مقدّمات لحدوث الفواحش والزنا".

وناشد اليازجي علماءَ الأمَّة الذين انشغلوا "بالسياسة "-حسب تعبيره- على حساب تربية الجيل المسلم الصالح أن يلتفتوا إلى قضية التربية وتقويم السلوك لدى شبابنا فشبابنا بحاجة إلى قدوات ومنارات من العلماء يقتدون بها.

وشدَّد على ضرورة أن يكون الداعية على إطلاع وتواصل مع الشباب المسلم عبر شبكات الإنترنت، معتبرًا أنَّ الدَّعوة الإسلامية ليست محصورة في المساجد ومن على المنابر فقط.

وأوضح أنَّ الشباب المسلم في ظل التكنولوجيا والإنترنت أصبح بحاجة إلى علماء ودعاة يخاطبهم عبرها حتى يكون قريبًا منهم.

هي سهام إبليس تتزيّن للشباب المتدين فتخترق قلبه، وتفسد عليه دينه والتزامه، فإطلاق النظر في الشوارع وعلى شبكات الإنترنت وتناقل الصور المحرّمة، والخضوع بالقول والتزين وإظهار المفاتن للعامة، يوقع الشباب في شرك المحرمات، وينتقص من دينهم وينال من ثباتهم .
فيا رامياً بسـهام اللّحظ مجتهداً      أنت وحدك القتيل بما ترمي فاحترس

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …