يا من أتاه الناس كي يتطهروا وأتيتُ فيهم كي أعود مطهرا
لكنني دون العباد جميعهم , ذنبي عظيمٌ قد ينوء به الورى
فطمعت فيك وجئت بيتك ضارعاً متضرعاً والعيب مني قد جرى
ناديت يا الله فاقبل توبتي هذي صحيفة من تجنّى وافترى
وخلعت ثوبي والحياة وما بها ولبست ثوب الفقر أشعث أغبرا
قد جئت بابك يا رحيم بزلّتي وبكل هذا الدمع يجري أنهرا
لبيك يا الله فاقبل لائذاً من عائبٍ قد عاب ثم استغفرَ
وخطوت نحو البيت يسبقني فمي ليقبّل الحجر العتيق الأنورَ
فلثمته وشفعتها وأعدتها وكتبت في سِفرِ المحبة أسطرا
وبدأت أسعى حوله متثاقلاً فمعي ذنوب المَشرقين وما ورى
فإذا رملت أقضّ ذنبي كاهلي وإذا مشيت فمن سواي مقصرا
يا وحشتي لا شيء أحمله معي غير الذي كتب الملاك وسطرَ
يا رب إني قد أتيتك راكعاً عند المقام مسبحاً ومكبرا
فاغفر ذنوباً لا يضرُّك حجمها واستر على عبدٍ رجاك لتستره
يا ماء زمزم هل ستغسل عاصياً بالأمس عاش على الخطيئة وامترى
واليوم قد جاء الكريمَ بذنبه يرجو من الرحمن عفواً ظاهرا
وأنخت رحلي عند أحجار الصفا والرحل فيه من المعاصي ما ترى
وهناك ألقيت الذنوب على الحصى فإذا ذنوبي تعتليه وأكثر
فسعيت نحو المروِ أبكي حالتي والكل يسعى ضاحكاً مستبشرا
ورملت في بطن المسيل تأسياً ودعوت من جعل الكتاب بصائرا
فقضيت سبعاً والرجاء بخالقي أن يستر الذنب العظيم ويغفرَ
يا راحلين إلى منى هذي منى , هذي الجبال وتلك سنة من سرى
صلّوا بها خمساً كما فعل الذي قد جاءكم بالنور حتى أزهرا
فإذا قضيت الفجر فيها فانتظر حتى الشروق لكي تهب مغادرا
وازحف مع الجمع العظيم ملبياً واجمع من العرفات خيراً وافرا
وانزل بأرضٍ دبَّ فيها المصطفى واحلل على وادٍ رآه وعاصرا
واسأل صخوراً هاهنا حجّت مع المختار نوراً أنورَ
يا صخر نمرة هل سمعت خطابه أسمعت من رُزق البيان فعبّرَ
أسمعت هل بلغت تُسأل امة قالوا نعم والدين أصبح ظاهراً
أسمعت اللهم فاشهد حجّة أرأيت والقصواء كانت منبرا
وأقام مبعوث السماء صلاته جمعاً مع التقديم هدياً خيّرا
هذا الحبيب أحبتي من أجلنا قد جاء بالدين القويم ميسرا
فاتبع هداه تفز بخير شفاعةٍ من خالف المختار يحشر كافرا
عرفات يا جبل الدعاء تحية من عاشقٍ لك في هواه تحيرَ
يهواك يشهد دمعه وأنينه ولتشهد الأحجار عندك والثرى
قف ها هنا نزل الختام فمسكه اليوم أكملت فأكمل من برى
واقرأ وأتممت فقد نزلت هنا فأقرّت الإسلام ديناً آخِرا
واقرأ رضيت وقد تباعد عهدها وانظر فقد صار الكمال مبعثرا
وتفرقوا وتمذهبوا وتشرذموا والكل أصبح تائهاً او حائرا
فتحول الإفك المبين إلى هدى وتصدر الجهل الحياة وفسرَ
يا رب إني قد أتيتك بارئاً من كل ندٌّ للعباد مزوَّرا
فارحم عبيدك يا رحيم برحمةٍ واجعله في علم الشريعة مبصرا
يا ربّ إني قد رفعت يدي هنا فاقبل ولا ترجعه بيتك خاسرا
واغفر لإخواني جميعاً ذنبهم واستر عليهم يا حليم وكفِّرا
عرفات قد حان الوداع وقاربت ساعاته والقلب فيك مصورا
قد شاء رب العالمين فراقنا بعد الغروب لكي أعود القهقره
وشددت رحلي نحو جمعٍ قاصداً وديان جمع للصلاة مع الورى
جمع النبي بها الصلاة جماعةً والفجر قد أدّاه فيها مبكرا
فأتيت مشعرها ألوذ بناصري ولسان حالي قد أبان وعبّرا
وذكرت ربي عنده متمثلاً فإذا أفضتم والهداية أشكرا
ثم انتهينا والرحيل إلى منى قد حان قبل شروقها أن تظهرَ
يا راحلين إلى منى هيا بنا , هيا إليها بادئاً ومكرِّرا
قصدت جمعتها لأرمي سبعها ورفعت بالتكبير صوتاً هادرا
الله أكبر عند كل قذيفةٍ في وجه ذنبي كي أعود محررا
الله أكبر قد رميت خطيئتي الله أكبر والذنوب والذنوب على الثرى
الله أكبر نجني يا خالقي من خزي يومٍ خاب فيه من افترى
ومضيت اذبح ما تيسر مقتدٍ بكتاب ربي هادياً ومقدرا
يا ربّ هذي من عُبيدك فديةٌ قلّت وقلّ البيع قلّ المُشترى
فاقبل من العبد الفقير سؤاله قد جاء بيتك هل سيرجع أفقرا
وحلقت بعد الذبح مقتدياً به تالله لا تسأل سواه مفسرا
فاليوم يسر للحجيج أمورهم لا ذنب فيما قدَّموا أو أُخِّرَ
ورجعت نحو البيت يسبقني فمي فانا المتيم مقبلاً أو مدبرا
واسأل دهوراً كم عشقت خياله وملأت عيني منه حتى أُبصرَ
وشربت كأساً من هواه تيمناً فغسلت كلّي منه طيباً عنبرا
فبدأت أسعى بالإفاضة طائفاً متذللاً متضرعاً مستغفرا
ثم اتخذت من المقام صلاته قد جاء تنزيل الهداية آمرا
وشربت من ماء السقاية زمزماً فغسلت نفسي حامداً أو شاكرا
ثم اتجهت إلى الصفا بدءاً به وختمت بالمروِ العتيق شعائرا
يا ربّ عند المروِ أختم حجتي فاستر عبيدك بالهداية إذ عرى
واختم له بالحق عند مماته واجعل له من فيض جودك ناصرا
فأنا الصغير فقدت كل وسائلي ولقد هفوت وجئت بيتك صابرا
وشرعت بالعود الأخير إلى منى لا باس في يومين تبقى ذاكرا
أو من أراد ثلاثةً يبقى بها فكتاب ربك قد أجاز وخيّرَ
جاء الفراق لأرض مكة بعدما كان اللقاء على القلوب مؤثرا
فذهبت للبيت العتيق مودعاً فتثاقلت رجلاي أنّى أهجره
وانهلّ من تلك العيون سحائبٌ بالدمع يغلي هائجاً أو فائرا
فوضعت كفي فوق أحجار بدت للبيت أي يا بيت أرجع زائرا
يا بيت هل هذي نهاية عهدنا يا بيت ودع بالسلام مسافرا
طوفته بالدمع سبعاً داعياً عوداً من الرحمن براً طاهرا
تلك المناسك قد جمعت صحيحها فاسأل كتاب الحج واسأل جابرا
{youtube}rGrNq972-fA{/youtube}
{youtube}cnHWDR82v9M{/youtube}