الشتاء ربيعُ المؤمن

الرئيسية » بصائر العبادة والدعاة » الشتاء ربيعُ المؤمن
alt

قال ابن مسعود  رضي الله عنه: مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام.

وعن الحسن البصري – رحمه الله- قال: نعم زمان المؤمن الشتاء ، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه ، وعن عبيد بن عمير- رحمه الله- أنه كان إذا جاء الشتاء قال: يا أهل القرآن طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا ، وقال ابن رجب :- قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف.

إنَّ المؤمن الحق من وقف مع هذه النعمة وتدبرها حق التدبر وشكر الله لأجلها قولاً وعملاً، فإن ابن رجب الحنبلي رحمه الله يقول في كتابه (لطائف المعارف) : (إنَّما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنَّه يرتفع فيه في بساتين الطاعات ، ويسرح في ميادين العبادات ، ويتنزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه ، ففيه يصلح دين المؤمن بما ييسر الله فيه من الطاعات ، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة ولا كلفة تحصل له من جوع ولا عطش ، فإن نهاره قصير بارد فلا يحس فيه بمشقة الصيام).

وكان أبو هريرة – رضي الله عنه- يقول :ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ، قالوا: بلى، فيقول : الصيام في الشتاء، ومعنى كونها غنيمة باردة ، أنها غنيمة حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة ، هذا بالنسبة للصيام، أمَّا فيما يخص القيام في ليال الشتاء فإنه لطول لياليه يستطيع المرء أن يأخذ حظه الكافي من النوم ثم يقوم بعد ذلك إلى الصلاة فيقرأ ورده كله من القرآن ، يقرأه بوعي وإدراك، لأنَّ نفسه مرتاحة، فقد أخذت قسطها الكافي من النوم.

ولهذا بكى معاذ – رضي الله عنه – عند موته، وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

وقد جاء في كلام يحيى بن معاذ – رحمه الله – ناصحاً : الليل طويل يا مسلم، فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك.

لكن قيام ليل الشتاء يشق على النفوس من وجهين أحدهما : من جهة تألم النفس بالقيام من الفراش في شدة البرد، والثاني بما يحصل بإسباغ الوضوء في شدَّة البرد من التألم...وإسباغ الوضوء في شدَّة البرد من أفضل الأعمال.

وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد فضائل أخرى للشتاء يجب ألا تغيب عن بال المسلم، فالشتاء يذكر بزمهرير جهنم ، وألا نغفل أنَّ فصل الشتاء هو موسم الأمطار؛ وهي نعمة الله عزوجل وخير البلاد والعباد ، تستحق منا الشكر ، ووقت نزول الأمطار هو من أوقات الاستجابة للدُّعاء، وممَّا ورد من الأذكار والأدعية عند نزول المطر أن يقول المسلم : مطرنا بفضل الله ورحمته"، وكذلك أن يقول : (اللهم اجعله صَيِّباً نافعاً)، ولا ننسى أن ندعو لأنفسنا عند نزول الأمطار أن يرزقنا الله جميعاً قيام الليل وصيام النهار، وأن يتقبله منا، اللهمَّ آمين.

مصادر للاستزادة:-
§    إحياء علوم الدين، للإمام الغزالي
§    صلاح الأمَّة في علو الهمَّة، للسيد عفاني
§    رهبان الليل للسيد عفاني
§    فضل قيام الليل والتهجد، للإمام أبي بكر الآجري.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • العبادة
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    alt

    بكري الطرابيشي .. أعلى إسناد على وجه الأرض

    كان شيخاً جليلاً موقراً ذا تواضع جمّ، يجلس في حلقته الكبير والصَّغير .. والعالم والمتعلّم …