القسّامية أحلام التميمي : ملف الأسرى قضية كلّ مسلم

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » القسّامية أحلام التميمي : ملف الأسرى قضية كلّ مسلم
alt

على ملفها كتب السَّجَّان : "خطرة.. لا يسمح بالإفراج عنها في أيّ صفقة تبادل"، وها هي رغماً عن أنفه تتنسم عبير الحرية بعد عقد من عتمة قيود الظّلم، وسطّر التاريخ اسمها في سجل الأبطال والمُناضلين.

أحلام التميمي .. هي من مهدت الطريق للاستشهادي عزّ الدين المصري، ليدمي قلوب الإسرائيليين، ووقع اختيارها ليكون قلب القدس مكاناً ليفجر فيه عزّ الدين نفسه، فتحتوي أشلاءه طهارة المكان، ولتتناثر فيه أشلاء اليهود في قلب مغتصبتهم، والبادي أظلم.

ولدت أحلام مازن التميمي في العشرين من أكتوبر لعام 1980م، بمُحافظة الزّرقاء الأردنية، وأتمت مراحلها الدراسية الأساسية فيها، انتقلت بعدها لتلتحق بقسم الصحافة والإعلام بجامعة بير زيت بالضفة الغربية، وعملت صحفية ومُذيعة في أحدى الشاشات المحلية خلال سني دراستها.

كانت أول امرأة تلتحق بكتائب القسَّام، الجناح العسكري لحركة المُقاومة الإسلامية حماس، خططت لتفجير مطعم "سبارو" في القدس المُحتلة، وأوصلت الاستشهادي عزّ الدين المصري لموقع تنفيذ العملية، واعتقلت على خلفية هذه العملية، وبعد الإفراج عنها كشفت أحلام لقناة الأقصى الفضائية عن تنفيذها لتفجير سوبر ماركت "كنغ جورج" ثأراً لاغتيال كل من القائدين جمال سليم وجمال منصور، وذلك بوضع زجاجة "بيرة " كبيرة مُفخخة في المتجر الواقع بشارع يافا في القدس المُحتلة.

تعرَّضت خلال عشر سنوات من الاعتقال للتعذيب القاسي، وحُكم عليها بالسجن 1584 مؤبداً، أضيف إليها عام آخر بعد أن حوكمت على إثر شجار وقع بينها وبين السجانة الإسرائيلية!

التقينا أحلام التميمي،  وحاولنا التطرق لبعض القضايا المُتعلقة بظروف اعتقالها وأحوال الأسرى في سجون الاحتلال بما حظينا به من وقت.. وكان هذا الحوار:

بصائر: أحلام هل لك أن تُحدثينا عن ظروف اعتقالك؟
أحلام التميمي: كانت عملية اعتقال بيتي، فقد أسروني من المنزل، نُقلت بعدها إلى مركز التحقيق "المسكوبية" التحقيق كان تحت تعذيب نفسي وجسدي، تعرضت لكلا النوعين لكن نسبة التعذيب النفسي كانت أكبر، وهم ينتهجون التعذيب النفسي بصورة أكبر، يعلمون أن الفلسطيني لا يهمّه الموت فيعذبونا نفسياً قبل أن يعذبونا جسدياً، بعد التحقيق انتقلت لسجن الرملة وبقيت هناك حتى عام 2004م، ثم نقلونا إلى سجن هشارون حتى تحريرنا.

بصائر: جماعة متطرّفة دعت لقتل أسرى محرّرين مُقابل مُكافأة مالية، كذلك عرضت عائلتان يهوديتان  200 ألف دولار لقتل أسرى تمَّ الإفراج عنهما في الصفقة الأخيرة، كيف تفسرين هذا الموقف ؟ وهل يخيفكم هذا الشيء؟
التهديد بقتل الأسرى ليس بالأمر الجديد، بل هو مكرر لأكثر من مرة، و هذه التهديدات هي مجرد أقول لا تنتقل إلى حيز الفعل، وهي لا تخيفنا، وإيماننا بالله عزوجل قويأحلام التميمي: هذا الأمر كان متوقّعاً، وهذا التهديد ليس جديداً بل كرَّروه مرات عديدة عقب صفقات ماضية، وهي مجرّد أقوال وتهديدات لا تنتقل إلى حيز الفعل، وقد قالوا عقب صفقة أسرى عام 1985م، وفي إفراجات أخرى، وكان و هذا لا يُخيفنا، فنحن وهبنا أنفسنا لله، نتوقع من العدو كل شيء، لكن إيماننا بالله عز وجل قوي، ولو فعلوه فهذا قضاء الله وقدره، نحن الآن أربعون مبعداً نعيش في عدَّة دول متوكّلين على الله، وأكرّر نحن لا نخاف، نحن من أرعبناهم بأفعالنا، ولولا ذلك لما أطلقوا مثل هذه التهديدات، لكن هم أجبن من أن يقدموا على هذه الخطوة.

بصائر: على ذكرك لقضية المُبعدين، كم كانت مُدَّة إبعادك ؟
أحلام التميمي: مدَّة إبعادي مفتوحة غير مُحددة.

بصائر: وأنتِ الآن مُحرَّرة، بماذا تطالبين من الأمَّة الإسلامية تُجاه قضية الأسرى؟
أحلام التميمي: الأمَّة الإسلامية يجب عليها أن تقطع كافة المُعاملات والتفاهمات مع الكيان الصهيوني، عليها إلغاء كافة الاتفاقيات معه، فقد أثبت اليهود منذ عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّهم ناقضون للعهود، بالنسبة للأسرى عليهم أن يتفاوضوا  في أيّ أمر مع الكيان الصهيوني، أن يجعلوا هناك ورقة المُساومة لأيّ مصلحة تهم هذه البلد هم الأسرى، يجب أن يُساوموا على إخراجهم، على سبيل المثال إن أرادت مصر إعطاء الغاز للإسرائيليين، فيجب أن تبتزهم وتُساومهم والمُطالبة بالإفراد عن عدد من الأسرى مُقابل هذا الغاز، وأن تحذو كل دولة هذا الحذو، عندها ستُحل قضية الأسرى ويُخفف من وطأة السجان عليهم، وسيكون هناك ديمومة في هذا الأمر لإخراجهم.

بصائر:  كم عدد الأسرى الأردنيون في سجون الاحتلال؟
أحلام التميمي:  كان الرقم متأرجحاً في المدة الأخيرة، لكن حسب ما أعلمه هم اثنان وعشرون أسيراً أردنياً، مُتفرقين في السجون الإسرائيلية، لم يكن هناك تواصل بيننا، هناك تقصير من طرف السفارة الأردنية بشأن الأسرى، كان عليها أن توفر مُحامي لزيارتنا بشكل دائم، وجعل هناك حلقة وصل بيننا وبين الأهل، كان على السفارة أن تعمل الكثير من أجلنا لكنها للأسف لم تفعل شيئاً هي فقط رتبت لنا زيارتين جمعتنا بعائلاتنا ولم تكن الزيارة لكافة الأسرى الأردنيين، لم يكن هناك اهتمام بنا، بينما كنا في ظروف اعتقال قاسية، ولم يكن مُمكنا التواصل مع الحكومة أو الجهات الرسمية الأردنية لعدم وجود مُحامي أو وساطة بيننا.

بصائر: من كان يزورك أثناء اعتقالك؟ وهل كان من المسموح إدخال الأغراض التي تحتاجونها؟
أحلام التميمي: بالنسبة لي كنت ممنوعة أمنياً من الزيارة خلال الثلاث سنوات الأولى من الأسر، بعد ذلك أصدروا تصريح زيارة لأختي الكُبرى والقاطنة في الضفة الغربية، زارتني مرَّة واحدة في السنة، فقط هي كانت تزورني في مُدَد قليلة ومتقطعة، باقي الأهل لم أراهم نهائياً بسبب وجودهم في الأردن، والبعض الآخر كان ممنوعاً أمنيا من زيارتي.
أيضاً يحقّ للأسير أن يُدخل الملابس الخاصة به عن طريق الأهل كل ثلاثة شهور، لكنَّ الكميات تكون محدودة، وضمن شروط يجب أن تكون مُتوفرة في الملابس والحاجيات التي تدخل للأسير، ولكنَّها كانت جيّدة نوعاً ما.

بصائر: عندما نتابع مقابلات مع الأسرى المحرّرين نستمد منهم العزيمة والشجاعة، لا يخشون العودة للسجن أو الشهادة أو أي من ذلك، لكننا لم نسمع من شاليط مثلا أيّ تهديد للمقاومة بعد خروجه بل طالب بالسلام، وكما ورد فقد وعد المقاومة بعدم حمل السلاح مرة أخرى.. ما رأيك بهذه المفارقة؟ تعرّضنا في السجون لشتى ألوان العذاب، حرمنا من الكثير من الأمور ناهيك عن ما كان يحصل لنا من تعذيب جسدي ونفسي أثناء التحقيق، أمَّا شاليط فعاش بين المُقاومة معزّزاً مُنعماً، رأى منّا كل حسن، أما نحن فخرجنا من معاناة وواقع مرير.
أحلام التميمي: شاليط عومل في أسره مُعاملة إسلامية جيّدة، رأى الجانب الحسن والصُّورة الإسلامية، ليس كما عاملونا هم، نحن في السجون تعرّضنا لشتى ألوان العذاب، حرمنا من الكثير من الأمور ناهيك عن ما كان يحصل لنا من تعذيب جسدي ونفسي أثناء التحقيق، أمَّا شاليط فعاش بين المُقاومة معزّزاً مُنعماً، رأى منا كل حسن، أما نحن فخرجنا من معاناة وواقع مرير، هناك نقيض بين معاملتهم لنا ومعاملتنا لأسيرهم.

بصائر: ما أكثر موقف أثر بكِ خلال مدَّة اعتقالك؟
أحلام التميمي: أثر فيَّ موقفان، أحدهما مُحزن، والآخر مفرح..
من أكثر ما كان يؤثر في أحداث الوفاة التي كانت تُلم بالعائلة، وكان لهذا أثرٌ مُحزنٌ نتيجة البُعد وفقداني لهؤلاء الأحبة دون أن أراهم.
أمَّا الموقف المفرح جداً كان مُقابلتي للأسير نائل البرغوثي، كنت لأوَّل مرَّة أراه أحد السجون، فقد تمَّ نقله في قسم يجاورنا وتقادير المولى شاءت أن أُقابله، وكان لذلك الأثر البالغ في نفسي.
إنَّ قضية فلسطين والأسرى ليست محصورة بالفلسطينيين أنفسهم، القضية الفلسطينية مسؤولية كل مسلم وكل حكومة، وعلى الكل أن يضع فلسطين تحت مجهره، وخاصة قضية الأسرى.
بصائر: ماذا تنتظر الأيام من أحلام في الأيام المُقبلة؟
أحلام التميمي: مبدئياً، نحن منشغلون الآن بترتيب الأمور العائلية، والترتيب لمشروع الزَّواج إن شاء الله، وأغلب التفكير يدور حول هذا الأمر، بفرحة الأهل حولنا، والكل يتمنى أن يتم هذا الفرح بزواجنا، مُستقبلاً سنُكمل أنا ونزار تعليمنا، وسيتجه كلٌّ منَّا للعمل في مضمار مجاله العلمي.

بصائر.. هل من كلمة أخيرة؟
أحلام التميمي: في الختام أقول: إنَّ قضية فلسطين والأسرى ليست محصورة بالفلسطينيين أنفسهم، القضية الفلسطينية مسؤولية كل مسلم وكل حكومة، وعلى الكل أن يضع فلسطين تحت مجهره، وخاصة قضية الأسرى.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …