كثيراً ما يتسبَّب لعب أطفالنا في إزعاجنا نحن الوالدين، وهو ما يدفعنا في بعض الأحيان إلى التوتر والعصبية ، إلاَّ أنَّ الوالدين الذين يمتلكان قيمة تربوية، ويسخّرون كلَّ سكناتهم وأوقاتهم وحياتهم لتربية الأبناء يجعلون من كلّ تصرّف مدرسة للتعليم، والآباء المربُّون يجب أن يتعاملوا مع لعب الأطفال على أنَّه ليس مصدراً للإزعاج .
اللَّعب لدى الأطفال سلوكٌ فطريٌّ له أهمية بالغة في التربية، ومن الأهداف التعليمية للعب:
1. اكتساب المفهوم الصَّحيح للعب والتَّعبير عنه بلغة سهلة.
2. التعرّف على أهمية اللّعب للطفل وفوائده المتعدّدة (البدنية والاجتماعية والنفسية).
3. التفرّقة بين أنواع اللّعب كنشاط من الأنشطة الجدّية.
4. تفسير بعض نظريات اللّعب لسلوك الطفل.
5. معرفة خصائص اللّعب عند الأطفال ومقارنة بين اللّعب عند الصِّغار والكبار.
تعريف اللّعب : هو نشاط قد يكون موجّهاً أو غير موجّه يقوم بغرض تحقيق المتعة.
هو نشاط حرّ ليس فيه إجبار للممارسة، لأنَّه إذا كان كذلك، فلا يكون لعباً بل يصبح عملاً، ويركز التعريف على المتعة والتسلية لمن يمارسه سواء صغيراً أو كبيراً، وقد يعرف على أنَّه استغلال لطاقة الجسم الحركية في جلب المتعة النفسية للطفل، ولا يتم اللّعب دون طاقة ذهنية.
واللّعب يمتاز بالسّرعة والخفة لارتباطه بالدَّوافع الداخلية، كما أنَّه لا يتعب صاحبه كالعمل لذات السبب.
تعريف اللُّعبة: هي نشاط أو مجموعة من أنواع النشاط المنظّم الذي يمارسه الفرد في جماعة أو فرادى بغرض تحقيق غاية، ويتوافر فيها الصِّفات التالية:
1. تسير اللُّعبة على قواعد محدّدة متّفق عليها.
2. يجد من يمارسها شعور بالمتعة والفوز.
3. تتوافر فيها روح المنافسة مع الذّات والآخرين.
يمكن تصنيف اللّعبة، كما يلي :
أ- ألعاب لها صفة المنافسة أو المواجهة نحو الخصم.
ب- ألعاب تقوم على الصّدفة أو الحظ.
ت- ألعاب التقليد الإيهامية (يتظاهر الطفل بأنَّه شخصية تختلف عن الحقيقية؛ مثل الأب أو شرطي).
ث- ألعاب تقوم على الرَّغبة في الاستشارة والغرض منها محاولة الفرد التخلّص من قدراته الإدراكية للحصول على المتعة.
الأهمية التربوية للعب:
يعدُّ اللعب وسيلة رئيسة، لكي يتفاعل ويتطوَّر، فالأطفال يتعلّمون من خلال اللعب الأنماط السلوكية المختلفة (العقلية، النفسية، الاجتماعية ، الحركية) فهو : إلاَّ أنَّ الوالدين الذين يمتلكان قيمة تربوية، ويسخّرون كلَّ سكناتهم وأوقاتهم وحياتهم لتربية الأبناء يجعلون من كلّ تصرّف مدرسة للتعليم،
1. وسيلة للتطوّر.
2. وسيلة للتفاعل مع البيئة.
3. وسيلة تعلّم مهمَّة وفعَّالة.
4. وسيلة مهمَّة لاكتساب أنماط السلوك.
5. يستخدم اللّعب كمصدر تعلّم، وليس وسيلة واضحة.
6. يوفر اللّعب التمثيلي التعلّم الاستكشافي.
7. يوفر اللّعب فرص التفاعل الاجتماعي ، فيحوّله من تمركزه حول ذاته إلى الآخرين.
8. يوفر الدَّوافع الدَّاخلية للتعلّم بجانب التوافق وتقريب المفاهيم.
9. يقابل اللّعب ميول الأطفال الطبيعية.
وظائف اللّعب وفوائده:
1. تقليد الطفل في لعبه الأعمال وسلوك البالغين.
2. يلعب الأطفال أدوار الحياة الحقيقة مع المبالغة في طريقة الأداء فيها.
3. يعكس الأطفال أثناء لعبهم الأدوار المألوفة في الحياة اليومية.
4. يعكس الأطفال في لعبهم مرحلة نموهم الجسمي والفكري.
5. يعكس الأطفال خلال اللّعب التجارب التي تمرّ بهم، ونوعية العلاقات الموجودة لديهم.
6. يعبّر الأطفال خلال لعبهم عن الحاجات الملحة لديهم، ومن هنا صنّفت الوظائف إلى ثلاثة أقسام:
أ- وظائف عقلية : تؤدّي إلى التفكير والاستكشاف، فمن ممارسة اللّعب يكتشف الطفل ويتعلم ما هو قوّي وصلب وما هو لين، وأنواع الأسطح النَّاعم والخشن، والأشياء التي تؤذّي فينتجها وهكذا، فيتجمع لديه الأفكار أو تتناقض أو تتحد في موضوع واحد.
ب- وظائف اجتماعية: فهو وسيلة للعلاقات الاجتماعية، فالأطفال يتبادلون الأفكار والآراء ويتعلّمون من بعضهم والبعض يكتسب كلّ طفل من الآخر معلوماتٍ وأفكاراً، وأحياناً يصحِّحون لبعضهم الأخطاء، وهذا يؤدِّي إلى توطيد العلاقة بين الأطفال ويقوّي العلاقات الاجتماعية.
ت- وظائف نفسية: تؤدّي إلى التوازن العاطفي والانفعالي، فعندما يلعب الأطفال تحدث بينهم مشاكل تصل إلى المشاجرة والغضب والمجادلة، وممارسة ذلك للطفل تجعله يشعر بالرَّاحة والرِّضا التام، ويتم التوازن ويخفف من الضغوط نتيجة الإنفعال والغضب.
ونجد الأطفال من خلال لعبهم تتاح لهم الفرصة لإطلاق العنان لشعورهم المتوتر وانعدام الأمن والعدوان والخوف، فالطفل الذي يخاف الذهاب إلى الطبيب تلعب أمّه لعبة الطبيب، وتقوم بالكشف عليه وعلاجه، فيستطيع الطفل بعدها أن يدرك دورَ الطبيب، فيزول الخوف منه.
إنَّ شخصية الطفل تتكوّن وتتشكل من التفاعل الذي يقوم به من خلال الأنواع المختلفة من التفاعل مع البيئة التي نعيش فيها، فكل السِّمات والقدرات والميول والأنماط السلوكية تتشكل من الأنشطة التي يندمج فيها الطفل، ومن خلالها تتشكل حياته الشخصية.
ومن الفوائد الأخرى للعب التَّربوي:
1. بناء الأجسام حيث يساعد على نمو العضلات ونضجها، كما يقوّي الطفل ويساعده على التدرّب وعلى الحركة، وبذلك يتعلّم السيطرة على عضلاته الكبيرة أسرع من السيطرة على العضلات الصغيرة، فالأطفال يفضلون الكرات كبيرة الحجم على الصَّغيرة، لأنَّهم يتحكمون فيها أكثر.
2. مساعدة الطفل على اكتشاف ميوله والطفل الكبير على اكتشاف كفاءته وقدراته.
3. إتاحة الفرصة للطفل للاختيار والشعور بذاتيته وشخصيته، وهذا الاختيار يؤدِّي إلى الابتكار ونمو الذوق الفني والجمالي، وهذا يؤدِّي للإبداع والتطوّر، ويجب عدم التدخل في اختيار الأطفال حتّى لا يقتل عندهم الابتكار.
4. يعدُّ اللعب وسيلة لتخفيف الآلام الجسمية والنفسية للأطفال والكبار؛ حيث يجعل الفرد يتغلب على الملل ووقت الفراغ، فهو يستخدم كعلاج للأطفال؛ مثل ألعاب الفك والتركيب.
أنواع اللّعب:
للعب مجالات كثيرة ومتنوعة، والأدوات التي تستخدم في اللعب مختلفة، وكذلك الأماكن التي يتم فيها اللعب، ويمكن تقسيم الألعاب إلى أقسام:
1. ألعاب حركية
2. ألعاب الكلام
3. ألعاب الحواس
4. ألعاب التسلية
5. ألعاب المهارات
6. ألعاب القيادة والخطط
7. ألعاب الإدراكات المجردة
8. ألعاب التقليد
وهناك الكثير من الألعاب تكون متداخلة مع بعضها البعض؛ حيث تشمل اللعبة الواحدة على نوعين أو ثلاثة أنواع من اللعب، وقد يكون طابعها إمَّا فردياً أو جماعياً، ويتم ذلك في أيّ مكان ويمكن تقسيم هذه الأنواع إلى قسمين: الألعاب الفردية والألعاب الجماعية.
اللّعب الفردي: وهذا يحدث في المراحل الأولى من نمو الطفل من تحريك يديه ورجليه ومراقبة الأشياء ذات الألوان اللامعة وغيرها.
ومن السنة الأولى وحتّى العامين والنصف لا يكون الطفل قد بلغ النمو الجسمي والاجتماعي الذي يمكنه من التفاعل والتعاون مع غيره من الأطفال الآخرين، ولكن بعد سن الثالثة يجب أن يلعب معهم، ولذلك يجب مساعدة الطفل لجعل اللعب مشاركة وبالمناصفة مع الأطفال الآخرين، مع الحفاظ على أوقات محدِّدة لإشباع رغبات الطفل وميوله، وقد يكون هذا اللعب الفردي مفيداً في تنمية المهارات والمواهب، وعند بلوغ الطفل الخامسة من عمره يكون لعبه عادة على شكل مجموعات وقد تطول أو تقصر حسب نوعية اللعبة، وتكون هنا الصداقات.
اللعب الاجتماعي: يختلف تكرار اللعب الاجتماعي ومقداره بين السنوات المختلفة من العمر، وذلك باختلاف العادات والأساس الاجتماعي، وجماعات اللعب للأطفال من سن السادسة والسَّابعة تتغيّر وتنتظم أكثر.
وتكون الألعاب المنظمة؛ كالقدم والسلة والطائرة، منظمة حيث تكون معتمدة على قواعد وأنظمة بسيطة ومحبّبة بجانب لعبة العسكر والحرمية وغيرها من الألعاب، ومن خلال هذه الألعاب يحصل الطفل على فوائد كثيرة، فتظهر لنا أنواع من التربية الاجتماعية عندما يتنافس الفريقان أو التعاون وقوّة التحمّل والجلد والصّبر، والاعتماد على النفس والرَّغبة في التضحية واتّباع النظام وغيرها، كما تعلّم الطفل وضع خطط للعب والتوصل إلى نتائج ترضي جميع المشاركين في اللعب، وهناك ألعاب تساعد على النمو اللغوي والكلام بصراحة مثل حل الألغاز وإكمال الكلمات الناقصة وغيرها.
ومن الألعاب الشَّائعة اللعب التمثيلي ولعب التقليد أو المحاكاة؛ كتمثيل دور الأب والأم والمدرس والشرطي.
اللعب الإيهامي أو التخيّلي:
يعدًّ هذا اللعب من الألعاب المهمَّة، ويظهر بعد أن يتعلّم الطفل الكلام ، وكلَّما كبر الطفل يعطى وقتاً أطول لهذا النشاط، ويبلغ أقصاه في سن السابعة والثامنة حيث يمارس الطفل تقليد غيره من الأشخاص الذين حوله ، ويتدرج الطفل نحو الواقعية والتعقيد في لعبه، وفي الأشياء التي يستخدمها.
فتجد أطفال الرَّابعة والخامسة من العمر لا يقلدون ما يلاحظونه في المنزل فقط، بل يمتد إلى البيئة المحيطة بهم كتقليدهم لدور الوالدين ، الدكتور والبائع ويقلدون الحيوانات في أصواتها وحركاتها.
وتعتمد هذه الألعاب على نشاط الطفل العقلي فكلما كان أكثر خيالاً كان لعبه أغنى، كما تعتمد على ما توفره البيئة للطفل من وسائل لهذا النوع من اللعب.
المراجع:-
سلسة الفكر العربي في التربية البدنية والرياضية (اللعب وطفل ما قبل المدرسة)- الأستاذ الدكتور:خير الدين عويس.