“الفُكاهة الدَّعوية”.. لا إفراط ولا تفريط

الرئيسية » بصائر تربوية » “الفُكاهة الدَّعوية”.. لا إفراط ولا تفريط
alt

بينما كان "نائل السويركي" يقلِّب قنوات التلفاز، صادف برنامج "خواطر" الدَّعوي الذي يقدِّمه الإعلامي الدَّاعية "أحمد الشقيري"، جذبت نائل "ضحكات" الشقيري "المنخفضة" المتتالية، وحسَّه المرح في تلك الحلقة، فأصرّ على مشاهدتها حتى النهاية.

كان محور الحلقة يدور حول "العالم الوهميّ للنت"، فقال نائل:" استخدم الشقيري أسلوب (الفكاهة) في الوصول إلى قلوب النَّاس وإيصال المعلومة بطريقة محبّبة إلى نفوس الناس، فقد بدأ حلقته بالتحذير من عالم الإنترنت الوهميّ، فعمل مقلباً طريفاً بأحد الشباب عبر أحد مواقع الشات ليبين للناس مدى (الكذب) الذي يملأ عالم الإنترنت".

كاريكاتير

وذكر نائل أنَّ الشقيري ابتدأ حلقته بعرض كاريكاتير يمثل شخصان (من الذكور)، كليهما يجلسان على أجهزة الكمبيوتر، الأوَّل يكتب للثاني:"أنا اسمي رولا، شقراء مقيمة في الخليج، عمري 18 سنة، وأنت مين.؟".

فأجابه الرجل الآخر- الذي كان شعره "منكوش" وثيابه رثة- :" مرحبا رولا، أنا اسمي طوني أنطوان،عيوني زرق، وشعري حرير ذهبي، وأعمل مصمِّم أزياء".

الدَّاعية جودت المظلوم:َ الله سبحانه وتعالى ميّز الإنسان بالضحك كما ميّزه بالبكاء، قال تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، والإسلام يرحِّب بكلِّ ما يجعل الحياة باسمة طيّبة
فضحك نائل وقال:"الشقيري أتبع الكاريكاتير بـــ" مقلب" نفذه على مرأى ومسمع من كل المشاهدين"، فبدأ المقلب بجملة:"الشات هذا عالم وهمي، أنا الحين داخل باسم بنت "حلوة جداً "– لا أحد يدري على النت أنّي شاب ولست فتاة، وعمري 20 سنة، طلقتُ بعد 6 شهور من الزواج."

عالم وهميّ..!

نائل أكمل :"الشقيري تحدّث مع شاب يسمِّي نفسه "الثلاثيني" وتعرّفا على بعضيهما، وبعد ذلك طلب الثلاثيني رقم الهاتف المحمول الخاص بالفتاة "حلوة جداً"، فخصّص الشقيري لهذا المقلب رقم هاتف لا يستخدمه أحد –سيقوم بإلغائه في حين الانتهاء من هذا المقلب الدَّعوي.

وقام بالفعل بإعطائه ذلك الرقم، وبعد أنَّ سمع "الثلاثيني" صوت الشقيري ، "صُدِمَ"..فقد كان شاباً وليس فتاة، فأسرع في إغلاق هاتفه، وكتب له على الشات "أنت نصاب"، فأجابه الشقيري :" الشات كلّه نصابين"، وكتب أخيراً:" انتبه على نفسك".

وأضاف :"أسلوب الشقيري أدخلنا قليلاً في جوٍّ من المرح، وأقنعني فعلاً بأنَّ النت عالم وهمي كلّه نصابين، فأنا كنت مولعاً بعالم النت والشات".
استخدام أسلوب النكتة أو الفكاهة في الدَّعوة إلى الله مباحٌ مشروعٌ في الإسلام إذا كان هذا الأسلوب يحقِّق الهدف المرجو منها، فالرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم –رغم همومه الكثيرة والمتنوعة- كان يمزح ولا يقول إلاَّ الحقّ، فقد وصفه الصَّحابة بأنَّه كان من "أبسمِ" الناس

وأردف:" بعد أن انتهت تلك الحلقة المميزة، ذهبت إلى الإيميل الخاص بي، وحذفت من تعرفت عليهم عن طريق الشات، وحرصت على متابعة جميع حلقات ذلك الداعية المبدع".

الحكم الشرعي

من جانبه أوضح رئيس قسم متابعة الخطباء في وزارة الأوقاف بقطاع غزة الدَّاعية جودت المظلوم أنَّ الله سبحانه وتعالى ميّز الإنسان بالضحك كما ميّزه بالبكاء، قال تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، وأنَّ الإسلام يرحِّب بكلِّ ما يجعل الحياة باسمة طيّبة.

وأكَّد على أنَّ الإسلام دعا المسلم لأن يكون باسماً بشوشاً مبتعداً عن الشخصية الكثيبة المتطيّرة.

وبيَّن أنَّ استخدام أسلوب النكتة أو الفكاهة في الدَّعوة إلى الله مباحٌ مشروعٌ في الإسلام إذا كان هذا الأسلوب يحقِّق الهدف المرجو منها، مشيراً إلى أنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم –رغم همومه الكثيرة والمتنوعة- كان يمزح ولا يقول إلاَّ الحقّ، فقد وصفه الصَّحابة بأنَّه كان من "أبسمِ" الناس.

أثر المزاح

وقال المظلوم:" إنَّ استخدام أسلوب المزاح في الدَّعوة، يكسر حاجز الجفاء والملل، ويخفف من أعباء وهموم الحياة، ويرسم البسمة على وجوه الناس المستقبلة للدَّعوة، بالإضافة إلى تنشيط النفس ممَّا يساعد الإنسان في مواصلة عمله الطويل دون كلل".

وأكمل:"(الأسلوب الفكاهي) له وظائفه وآثاره التي تخدم تعاليم الإسلام، ويكون له الأثر في جذب المدعوين، وتحبيبهم بتعاليم الدِّين الحنيف، وقد سلك عددٌ من الدُّعاة هذا الأسلوب في مُخاطبة الناس، وقد لقي رواجًا بين عموم المسلمين، وخاصَّة طبقةَ الشباب، فأحبّوه، بل واهتدى الكثيرُ منهم بسببه".

عواقب الإكثار منه

وذكر المظلوم أنَّ استخدام المزاح بشكل زائد عن الحدِّ من قبل الدَّاعية له نتائج غير مرغوب فيها، فيخرج الموضوع عن هدفه، فيصبح الدَّاعية بين النَّاس مهرِّجاً، ممَّا يوقعه في بعض الأحيان في شباك "الإحراج"، مردفاً:" من وصايا سعد بن العاص لابنه .. :" اقتصد في مزاحك" ".

وأكَّد أنَّ ضرب الأمثلة والمزاح الذي يكون من نسج الخيال "غير جائز"، لأنَّه يشيع ثقافة الكذب بين الناس.
على الدَّاعية المبتدئ الاعتدال وعدم الإفراط في استخدام الطرافة أثناء الدَّعوة، ويجب عدم استخدام هذا الأسلوب في ذات الله ورسوله، أو في معاني الإسلام الثابتة، وخاصة في ضرب الأمثال ممَّا يؤدِّي بالعوام للاستخفاف بالدَّعوة

ونصح الدَّاعية المبتدئ بالاعتدال وعدم الإفراط في استخدام الطرافة أثناء الدَّعوة، محذّراً من استخدام هذا الأسلوب في ذات الله ورسوله، أو في معاني الإسلام الثابتة، وخاصة في ضرب الأمثال ممَّا يؤدِّي بالعوام للاستخفاف بالدَّعوة.

وتابع:" على الدَّاعية المبتدئ تجنب الكذب والسُّخرية من الآخرين، أو التحدُّث في أمور لم تحدث مطلقًا، أو افتعال أحداث ووقائع لم تقع، فمثل هذا وغيره يسوق ثقافة الكذب، كما لا يَحسن استخدام هذا الأسلوب في غير مقامه، ولا يفضل استخدامه إذا كان المبتدئ لا يَحسن استعماله، فيقع في الإحراج".

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …