كلَّما اشتد تأثير "التكنولوجيا" في حياتنا، وزاد الشعور بأنَّ السِّمة الوحيدة الثابتة في هذا الكون هي (التغيير) أصاب الارتباك الكثيرين من العاملين في الحقل الإسلامي، لعجزهم عن التعامل مع هذا "المستجد"، وضعف القدرة على توظيفه في خدمة الدَّعوة الإسلامية، ممَّا أكسب الخطاب الإسلامي السِّمة "التقليدية" التي أصبحنا نشكو منها.
لكن إذا ما وضعنا في الاعتبار الترابط أو التزاوج الذي يمكن أن يحدث بين المستحدثات التكنولوجية وفن الدَّعوة الإسلامية، واستشعرنا عدم التعارض بينهما فسنتوصل إلي حقيقة مهمَّة، وهي إمكانية توظيف هذا العلم لخدمة هذه الرسالة السامية بشكل فعال ، فكيف يحدث هذا؟ وما هي الهواتف الذكية؟
ضرورة ملحة
أحمد منصور شاب من مدينة خانيونس، جعل من الهاتف الذكي صفحته الإلكترونية المتنقلة كرفيق ومرشد بلا منازع .
يقول لــ"بصائر": "لقد بات الهاتف الذكي جزءاً مهمًّا في حياتي خلال السنوات الأربع الماضية، وسمح لي iOS بالتواصل بسهولة مع أصدقائي وعائلتي، خصوصاً أثناء عملي، وأنا الآن أتفقد رسائلي عبر الانترنت وأستطيع تحديث صفحتي على فيسبوك وتوتير، من مكان واحد هو هاتفي الذكي الذي بدونه أشعر أنني ضائع".
وأردف قائلاً :" أقوم من خلال الـ iOS بتصميم ومونتاج الصّور ومقاطع الفيديو، وأقرأ الكتب الالكترونية وأتصفح الانترنت".
شاب: لقد بات الهاتف الذكي جزءاً مهمًّا في حياتي خلال السنوات الأربع الماضية، وأنا الآن أتفقد رسائلي عبر الانترنت وأستطيع تحديث صفحتي على فيسبوك وتوتير، من مكان واحد هو هاتفي الذكي الذي بدونه أشعر أنني ضائع
قدرات ضخمة
وعن ماهية الهواتف الذكية، قال محمد البايض؛ والذي يعمل مساعد تقني: ( إنَّ عالم الاتصالات والتكنولوجيا يقدّم هواتف صغيرة الحجم، يطلق عليها اسم الهواتف الذكية أو Smartphone، مزوّدة بقدرات ضخمة في إرسال واستقبال وتوثيق المعلومات والصور).
وأضاف: "بات الهاتف الخلوي المتطوّر الذكي يشكل جزءاً مهمّاً وأساسيّاً في حياتنا اليومية، ولم يعد مجرّد وسيلة اتصال، بل حاسوباً محمولاً، يتميَّز بالسُّرعة، والذاكرة الواسعة، ويمكن من القيام بمهام وتطبيقات متعدّدة".
وأوضح البايض وجود أنظمة تشغيل بأشكال مختلفة لهذه الهواتف الذكية مثل Blackberry، iOS، و Android ذات أنظمة عالية الدقة قادرة على تقديم خدمات متعدّدة في وقت واحد.
وبيَّن أنَّ من أهم الأمور التي تجعل الهواتف الذكية تتمتع بشعبية كبيرة هي قدرتها على تحميل التطبيقات أو ما يسمَّى Apps وهي برامج خدمية صغيرة قادرة مثلاً على تنزيل الكتب والألعاب وتمكن المستخدم من مشاهدة القنوات التلفزيونية وتصفّح مواقع معينة في الإنترنت على الهاتف الذكي بيسر وسهولة.
المخاطر الكامنة
ونوَّه البايض إلى مخاطر الهواتف الذكية على المتصفح " فالهواتف الذكية التي تستخدم فيها الشبكة العنكبوتية يمكن أن تتسبب بإجهاد العين وبالصّداع، والأشخاص الذين يقرؤون الرسائل ويتصفحون الانترنت على هواتفهم النقالة يميلون إلى تقريب الأجهزة من أعينهم أكثر من الكتب والصحف ما يجبر العين على العمل بشكل متعب أكثر من العادة.
واستكمل حديثه بالقول :" إنَّ قرب الأجهزة من العين بالإضافة إلى صغر الخط في هذه الهواتف يزيد من تعب الأشخاص الذين يضعون النظارات أو العدسات اللاصقة، مضيفاً أن الأشخاص المستخدمين سيعانون من أعراض مثل أوجاع الرأس وتعب العين وجفافها وعدم وضوح الرؤية".
وأضاف أنَّ الكثير من مستخدمي الهواتف الذكية لديهم هوس مراجعة هواتفهم لفحص الرّسائل الإلكترونية أو معرفة آخر الأخبار بشكل متكرّر طوال اليوم، الأمر الذي يسبب تشتت الانتباه ويقلل التحكم في الوعي، مشيراً إلى أنّها سلوكيات تلقائية تؤثّر على فرص التحكم في الوعي الذي تحتاجه مواقف بعينها، وكما أن استخدام الهاتف الذكي ينتج عنه حوادث الطرق وضعف توازن القدرة على العمل، على حد قوله.
وأكد البايض أنَّ مستخدمي الهواتف الذكية يعانون من ما يعرف بــ "بلاك الإبهام"، وهو شكل من أشكال إصابة الأيدي بسبب الإفراط في استخدام الأصابع للكتابة مرارا وتكرارا.
وبالنسبة للمخاطر الاجتماعية، أشار البايض إلى أنَّها تتمثل بعزل الإنسان عن محيطه الأمر الذي يترتب عليه الانطوائية، ويتحول الإنسان بدلاً من أن يعرض مشكلاته على من حوله ليساعدوه يتجه للتواصل مع الموجودين عبر هاتفه الذكي".
ونوَّه إلى أنَّ الهواتف الذكية تتعرَّض كغيرها لعمليات الاختراق والقرصنة التي قد تضر بالدُّعاة الذين يتركون بياناتٍ ومعلوماتٍ مهمَّة على هواتفهم الذكيَّة ويستغلها البعض بشكل سلبي.
وحذَّر البايض من المخاطر الأمنية المحتملة التي يمكن أن تشكلها أجهزة الهواتف الذكية على شبكات وبيانات الشركات، ولاسيّما مع استخدام الموظفين لهذه الأجهزة للقيام بالأنشطة الشخصية والعملية في آن واحد، مشيراً إلى أنَّ كلاًّ من الإمارات والسعودية قامت بمنع بعض خدمات هواتف (بلاك بيري) منذ السادس من أغسطس لعام 2010،"كما أنَّ البحرين كانت في وقت سابق قد حذرت من استخدام برنامج المراسلة بلاك بيري مسنجر في مجال نقل ونشر أخبار محلية".
طرق الحماية
وأكَّد البايض أنَّ أفضل أسلوب لحماية المعلومات عليه في حال فقدانه، هو عدم حفظ المعلومات الحساسة عليه، "وإذا توجب عليك حفظ مثل هذه المعلومات، استخدم كلمة مرور، وقم بترميز المعلومات، ويمكن إعداد الهاتف بحيث يطلب منك كلمة مرور في كلّ مرَّة ترسل فيها بريداً إلكترونياً، واستخدام كلمة مرور قويّة لا يمكن للغريب تخمينها".
وأضاف " من يريد حماية هاتفه الذّكي عليه تحميل برامج الحماية المضادة للفيروسات، وعمل نسخة احتياطية بشكل دوري للحدّ من الخسائر، وعدم تحميل البرامج أو الملفات من المواقع المشبوهة، وعدم فتح البريد الالكتروني من الأشخاص غير المعروفين، بالإضافة إلى إبقاء البلوتوث بوضع عدم التشغيل في حالة عدم الحاجة إليه، وتفعيل الجدار الناري".
استخدامها دعوياً
من جهته، قال الداعية د.وائل الزرد : إنَّ الدُّعاة هم "أولى من غيرهم بالتعامل مع هذا الواقع الجديد، ومن هذا المنطلق أرى أنَّ الهواتف الذكية وسيلة مهمَّة في نشر الدَّعوة، حيث التواصل والانتشار بين الجيل الجديد من أبناء هذا العالم الإلكتروني".
د.الزرد: إنَّ الدُّعاة هم "أولى من غيرهم بالتعامل مع هذا الواقع الجديد، ومن هذا المنطلق أرى أنَّ الهواتف الذكية وسيلة مهمَّة في نشر الدَّعوة، حيث التواصل والانتشار بين الجيل الجديد من أبناء هذا العالم الإلكتروني
وأوضح أنَّ استغلال الهواتف الذكية لتحقيق التواصل الفاعل بين الدّعاة وكل البشر بكل اللغات المتاحة، وكل الأساليب الدعوية وعرض الآراء والفتاوى والقضايا التي توجه الأمَّة والمجتمع كلّه بكل فئاته وقطاعاته في شؤون الدَّعوة، لهو من المفيد للدّعاة والدَّعوة، لتحقيق السّرعة في النقل، والزيادة في مساحة المعرفة، ولتناول القضايا من زوايا متعدّدة، مما يحقق التفاعل الإيجابي، ويغربل الأفكار غير المقبولة بسرعة ودقة عالية.
وأضاف: "إنَّ الآثار المترتبة على استخدام الهواتف الذكية تمكِّن الدُّعاة من الوصول إلى كلِّ الناس في كل مكان في العالم بكل اللغات، وفي لحظة واحدة تصل الكلمة ويصل الصوت، وبالتالي من المكتب أو البيت أو الشركة برسالة واحدة، يمكن أن تبلغ دعوة الإسلام إلى عشرات الملايين من مستخدمي هذه الشبكة".
وأكَّد أنَّه بحديث واحد، أو قصة أو رأي أو طرح جديد يمكن أن يهتدي آلاف من الأفراد المتعاملين مع هذه الشبكة المعلوماتية، مشيراً إلى أنَّه في كل يوم يسجل العقل البشري اكتشافاً جديداً، يساهم في التنمية البشرية ويزيد فرص الدعوة أمام الدعاة.
ونوَّه الزرد إلى أنَّ الدُّعاة هم سادة البشر وقادتهم، اصطفاهم ربّهم لحمل الرِّسالة، وأمرهم باعتماد أرقى الوسائل وأفضل الأساليب لنشرها .. ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ * وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ * وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
كيفية توظيفها
وبدوره، يقول المهندس خالد صافي الخبير في الشؤون التكنولوجية : (إنَّ الكثير من الدّعاة قاموا بفتح حساب لهم على موقع (تويتر) خاصة في دول الخليج، بحيث يقوم النَّاس بإرسال أسألتهم عبر (تويتر) ويجيب الدَّاعية تلقائياً وبشكل مباشر وفوري عن طريق هاتفه الذّكي، أمثال الدعاة : سلمان العودة وعمرو خالد ومحمَّد العريفي.
م.صافي: إنَّ الكثير من الدّعاة قاموا بفتح حساب لهم على موقع (تويتر) خاصة في دول الخليج، بحيث يقوم النَّاس بإرسال أسألتهم عبر (تويتر) ويجيب الدَّاعية تلقائياً وبشكل مباشر وفوري عن طريق هاتفه الذّكي، أمثال الدعاة : سلمان العودة وعمرو خالد ومحمَّد العريفي
ونوَّه إلى أنَّ الدَّاعية سلمان العودة بلغت نسبة متابعيه عبر (تويتر) عن ما يزيد عن 350000 متابع، وهذا يعدُّ إنجازاً كبيراً.
وأضاف أنَّ الداعية طارق سويدان يقوم بعد تسجيل حلقاته التلفزيونية بتحويلها إلى تطبيقات كي يستفيد منها النَّاس ويشاهدونها عبر هواتفهم الذكية، منوّها إلى أنَّ تنزيل التطبيقات من قبل الدّعاة قد يرهق ميزانية الدَّاعية، لأنَّه يحتاج إلى متابعة مستمرة، وتجديد لتلك التطبيقات.