“القرآن” حجةً على حافظِه

الرئيسية » بصائر قرآنية » “القرآن” حجةً على حافظِه
alt

أثناء حضور الفتاة تسنيم أبو زور لندوة دينية عن "صلة الرحم" في المسجد القريب من منزلها، طلبت الداعية من الفتيات الموجودات أن تكتب كل واحدة منهن قصةً حدثت معها متعلقة بــ"صلة الرحم" لتخرج وتلقيها أمام الفتيات جميعاً.

وقالت تسنيم:" وصل دور إلقاء القصة إلى صديقتي، كلنا كتبنا قصصاً عن فضائل صلة الرحم، والآثار التي تتركها صلة الرحم على الأسرة والمجتمع، لكن صديقتي فاجأتنا حقاً، حيث جاءت بقصة مؤثرة".

قالت:"  ابنة عمي حافظة للقرآن منذ سن الثامنة عشر، والآن عمرها ثمانية وعشرون عاما...ً".

تعمل ابنة عمها معلمة للتربية الدينية في إحدى المدارس الثانوية، وكثيراً ما تنصح الفتيات اللواتي ينحرف سلوكهن، فتفوز بإقناعهن، وعندما كانت في سن العشرين حدثت مشكلةٌ بين عائلتها وعائلة صديقة تسنيم، فتشاجر الأخوين، وأجبرا أبنائهم وبناتهم على قطع علاقاتهم مع بعضهم البعض.

لا تطعهما في معصية

لكن صديقة تسنيم لم ترضخ لما أمرها به والدها، وكانت تحاول مكالمة ابنة عمها سراً، ولكن الأخيرة (حافظة القرآن) كانت ترفض محادثتها، فلا تجيب على الهاتف إن ظهر عليه اسمها، ولا تجيب على الرسائل التي كانت ترسلها لها.

وتقول تسنيم لبصائر على لسان صديقتها :"يا أخوات، هي حافظة للقرآن ولا تصلُ رحمها، والله سبحانه وتعالى أوصانا بصلةِ الرحم، فقال في كتابه العزيز :" وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً "، فما نفع حفظ القرآن إن لم نعمل به..؟!!".

حافظةٌ ولكن..!!

أما ولاء الرنتيسي فكان لها قصةٌ مع زوجةِ عمّها الحافظة للقرآن الكريم، إذ أنهم وعندما يجتمعون سوياً، تجلس زوجة عمّها لتعطي ندوة دينية في الأخلاق وفضائلها وفي الآداب العامة، وكانت كثيرا ما تردف كلامها بالدلائل من القرآن ومن السنة النبوية.

تضيف ولاء :" لكننا تفاجئنا في يوم من الأيام بأنها كانت سببا في قطيعة دامت لأشهر  بين عمي (زوجها) وعمتي، والسبب كان كلاماً كذباً نقلته (زوجة عمي) إلى عمي على لسان (عمتي)".

فتساءلت ولاء:" ألا تعلم هي ما هو جزاء من يحفظ القرآن ولا يعمل به..؟!! بالرغم من أن الدلائل صريحة وواضحة..".


نظرة شرعية
يا أخوات، هي حافظة للقرآن ولا تصلُ رحمها، والله سبحانه وتعالى أوصانا بصلةِ الرحم، فقال في كتابه العزيز :" وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً "، فما نفع حفظ القرآن إن لم نعمل به..؟!
يقول  رئيس قسم متابعة الخطباء بوزارة الأوقاف في قطاع غزة الداعية جودت المظلوم معقبا أن الله ذم الذين يحفظون كلامه ولا يتدبرونه مستشهداً بقوله تعالى ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )، وقال الطرطوشي رحمه الله (فدخل في عموم هذا من يحفظ القرآن من أهل ملتنا ثم لا يفهمه، ولا يعمل به).

وتابع يقول لمراسلة موقع بصائر " إن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل من أوصاف الخوارج أنهم يقرؤون القرآن فلا يصل حناجرهم، أي لا يصل إلى حلوقهم فضلاً عن أن يصل إلى قلوبهم ليتدبروه ويفهمونه.".

صفات حافظ القرآن

وبيّن المظلوم أن مخالفة القول للعمل له نتائج سلبية على الفرد والمجتمع، إذ أنه يهدم الأخلاق الإسلامية التي تربى عليها الإنسان منذ الصغر، وإن كان الداعية الذي يحفظ للقرآن ولا يعمل به يدعوا ويعظُ أطفالاً فالأمر هنا أخطر، إذ أنه يربيهم على النفاق ويبعدهم عن الالتزام بفرائض الإسلام وينأى بهم عن الجنة،.

وأردف بحديثٍ لأسامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يجيء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار فيقولون : أي فلان ، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله ، وأنهى عن المنكر وأفعله )) .

ونبه إلى أن الحافظ للقرآن لا بد أن يتحلى بآدابه متخلّقاً بأخلاقه، قائلاً :"عليه أن يلتزم بأوامره ويقف عند نواهيه حتى يكون مقيماً لحروفه غير مضيّعاً لحدوده فيصبح مترجماً لهذه الأخلاق والآداب والأوامر إلى واقع عملي يبرهن صدق الالتزام ويبعث على الاقتداء به (..) ومن تمام فضل الله على حامل القرآن أن يُعلِّم هذا القرآن غيره، وأن يحتسب في إقراء صغار المسلمين وكبارهم ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

وأوجب المظلوم على حافظ القرآن أن يصون نفسه عن مذلة أهل الدنيا فينال بالقرآن شيئاً من الدنيا أو يتقرب بقراءته أو تأويله إلى أهل الشهوات والزعامات ممن لم يرفعوا بهذا القرآن رأساً، محذّراً إياه من احتقار الناس والتكبر عليهم وأن يرى نفسه خيراً من غيره بل عليه أن يتواضع ويهضم نفسه.
على حافظ القرآن أن يصون نفسه عن مذلة أهل الدنيا فينال بالقرآن شيئاً من الدنيا أو يتقرب بقراءته أو تأويله إلى أهل الشهوات والزعامات ممن لم يرفعوا بهذا القرآن رأساً
وقال المظلوم:" نصيحتي الأخيرة لحافظ القرآن هي أن يتذكر دوماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( القرآن حجة لك أو عليك)، فهو حجة لمن عمل به ومن أسباب دخوله الجنة ، وحجة على من لم يعمل به ومن أسباب دخوله النار"، موضحاً أن من عمل به فهو حجة له ومن أسباب سعادته ومن حفظه وقرأه ولم يعمل به فهو من أسباب عذابه وغضب الله عليه نسأل الله العافية.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

alt

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}

ها هو شهر رمضان الفضيل قد انقضت أيامه ورحلت عنّا لياليه المباركات التي كانت مليئة …