بعد إعلان سلطات الاحتلال عن نيّتها هدم جسر باب المغاربة، الذي يربط بين حائط البراق والمسجد الأقصى، وهو ما يعدُّ سابقة خطيرة في سلسلة الاعتداءات المتكرّرة على المسجد الأقصى، ومع تزايد حملات التهويد، عزمت لجنة القدس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تنظيم مليونية في القاهرة تحمل عنوان: "لن يهدم الأقصى"، ومليونية أخرى في الأردن ضد تهويد مدينة القدس في الخامس والعشرين من نوفمبر لدعم القدس ورفض الانتهاكات الصهيونية.
فكيف ينظر فلسطينيو الدَّاخل الفلسطيني المحتل عام 1948، "سدنة وحماة المسجد الأقصى" لهذه التظاهرة المليونية؟ وما هو تأثيرها على الجانب الصهيوني؟ .
بصائر حاورت الشيخ كمال الخطيب؛ نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر حول هذه القضايا، فإلى تفاصيل الحوار:
بصائر: بداية، تعدَّدت محاولات الصهاينة في تهويد مدينة القدس، الأمر الذي دفع لجنة القدس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لتنظيم مليونية في القاهرة، وأخرى في عمَّان ضد تهويد المدينة في 25 نوفمبر الجاري، فكيف تنظرون لهذه الخطوة؟
كمال الخطيب: ننظر إليها أولاً بعين التفاؤل والأمل؛ لأنَّ الأقصى لم يعد وحيداً، وكنَّا بالماضي نكرِّر دائماً، وفي كلِّ المناسبات (يا أقصى لست وحيداً)، وكنا على أمل أن الأمَّة لا يمكن أن تنساه أو تتنازل عنه، وصحيح أنَّ المرحلة الماضية كانت الحكومات طاغية، لكن الآن تغيرت الأحوال، ولن يبقى وحيداً.
بصائر: لكن، برأيكم ما هو تأثير التظاهرة المليونية في عمَّان والقاهرة على الجانب الصهيوني؟ وهل ستكون مصدرَ قلق له؟
كمال الخطيب: نعم، بالتَّأكيد هذه المليونية في القاهرة وعمَّان تشكّل رسالة واضحة للمؤسسة الصهيونية التي كانت تعوِّل في الماضي على حكام فاسدين مجرمين يساندونها في أفعالها الشنيعة بحق المسجد الأقصى والقدس، ولم تكن تفعل سوى الشجب والاستنكار، لكن اليوم نحن مع شعوب عربية تعشق الأقصى في كلِّ أنحاء العالم، وستشكل هذه التظاهرة المليونية رسالة قويّة وواضحة ستغيّر حسابات الصَّهاينة في أنَّ المسجد الأقصى لم يبق على هامش الاهتمام لدى العرب والمسلمين، بل عاد ليكون مركز الثقل، ونبض المسلمين الذي لن يتوقف لحظة.
بصائر: ما هو المطلوب فعلياً من الفلسطينيين والعرب، بعد هذه المسيرة المليونية، حتَّى يترجم نجاحها على أرض الواقع؟
إنَّ إسرائيل تعيش كما يدرك قادتها في حالة من الحيرة والتخبط لما يحدث من تغيرات سريعة تساهم في قوَّة المسلمين، وزوال الحكام الطغاة الذين كانوا يساندون الحكومة الإسرائيلية، وتدرك المؤسسة الإسرائيلية بأنَّ الطوفان أوشك على إغراقها.
كمال الخطيب: المطلوب أن تكون هذه هي البداية، ولا يكون هذا الحدث هو الذّروة، ثمَّ العودة لما كنا عليه في السَّابق، فلا بد أن يكون هذا الحدث هو الشرارة ونقطة الانطلاق للمسجد الأقصى، من أجل مواجهة مشاريع التهويد والاستيطان والحفريات، ومشاريع هدم جسر باب المغاربة.
وأذكر أنَّ أهلنا في مصر لمجرّد مقتل 5 جنود قبل شهرين انتفضوا وهبّوا نصرة لهم، وأنا لا أقلل من قيمتهم أو انتقص من حقهم، لكنّي أقول: إنَّ الأقصى أحق نصرة وتلبية لصرخاته وتقديم قرابين لقدسيته .
بصائر: أعلنت سلطات الاحتلال عن نيّتها هدم جسر باب المغاربة الذي يربط بين حائط البراق والمسجد الأقصى، بهذا الصَّدد ما الذي تخططون للقيام به، وهل ستكون هناك فعاليات في القدس خاصة يوم الجمعة الذي يوافق الخامس والعشرين من نوفمبر الجاري؟
كمال الخطيب: الحديث أنَّ البلدية أعطت مهلة شهر لتنفيذ قرار الهدم، وآمل أن تكون الحكومة الإسرائيلية على وعي، وأنَّ الأمر لن يمر هكذا، وأنَّ "بيت الدبابير" سيفتح عليهم، وأنَّ المسجد الأقصى هو أغلى عند المسلمين من دمهم.
وأقول: إنَّ إسرائيل تعيش كما يدرك قادتها في حالة من الحيرة والتخبط لما يحدث من تغيرات سريعة تساهم في قوَّة المسلمين، وزوال الحكام الطغاة الذين كانوا يساندون الحكومة الإسرائيلية، وتدرك المؤسسة الإسرائيلية بأنَّ الطوفان أوشك على إغراقها.
إنَّ هذه الفعاليات والتظاهرات لا بد أن تستمر وتتطوَّر حتّى يدرك الإسرائيليون أنَّ تعاملهم مع الشعوب العربية اختلف تمامَ الاختلاف عن السَّابقونحن نعمل جاهدين لعرقلة ما يتم التحضير له عبر التحذير وإطلاق صيحات المناشدة ومواصلة الرباط في المسجد الأقصى.
ونحن اليوم عقدنا مؤتمراً في القدس شاركت فيه وزارة الأوقاف، والقوى الفلسطينية في الداخل، والعديد من الشخصيات البارزة جاءوا جميعاً ليؤكّدوا على أنَّ قضية القدس هي قضية الأمَّة، والعالم كلّه الآن يهتف للأقصى، وإن سمح للشعوب العربية بشدِّ الرِّحال إلى القدس فلن تتوانى لحظة، لكن الحواجز والقيود هي التي تحول دون ذلك.
بصائر: في ظل عمليات التهويد المستمرة وارتفاع وتيرتها خلال الأيام الأخيرة، صفْ لنا وضع مدينة القدس، وإلى أين وصل المخطط الصهيوني لتهويدها؟
كمال الخطيب: إنَّ القدس تعيش في هذه الأيام أحلك الظروف وأسوأ مرحلة في تاريخها المعاصر؛ لأَّنَّ المؤسسة الصهيونية الجديدة جاءت لتلبي المشروع الصهيوني المتطرف، والتي تطالب به جماعات يهودية دينية بشكلٍ مباشرٍ وصريح، وخطورة هذا المشروع أنه لم يعد يعتمد على عنصر الزمن كما كان في السَّابق، وإنَّما يتحدث عن خلق واقع جديد لمدينة القدس.
كما أنَّ ميزة المرحلة الجديدة هي الانسجام الكامل والتام بين المواقف السياسية والجماعات اليهودية المتطرفة، خاصةً أن الجماعات المتطرفة الآن لم تعد سهلة، بل أصبح لها نفوذ واسع داخل المطبخ السياسي الصهيوني، ولهم نواب في البرلمان ووزراء في الحكومة أي أنها تعيش حالةً من "النشوة" وسخرت لها جميع المحفزات للاستمرار في اعتداءاتها على القدس وأهلها.
كما زادت عمليات تهويدها للمدينة المقدسة، وأعلن أنَّه خلال شهر سيتم هدم جسر باب المغاربة، ونأمل من الله أن يحمى المسجد الأقصى المبارك، وأن يردّ كيدهم إلى نحورهم.
القدس تعيش في هذه الأيام أحلك الظروف وأسوأ مرحلة في تاريخها المعاصر؛ لأَّنَّ المؤسسة الصهيونية الجديدة جاءت لتلبي المشروع الصهيوني المتطرف، وخطورة هذا المشروع أنه لم يعد يعتمد على عنصر الزمن كما كان في السَّابق، وإنَّما يتحدث عن خلق واقع جديد لمدينة القدس.
بصائر: في ظل تزايد اعتداءات اليهود على أهل القدس، صف لنا أحوال المدينة وسكانها؟
كمال الخطيب: لا بد من الإشارةِ إلى أنَّ اعتداءات اليهود على القدس وأهلها باتت تُمثِّل حالةً اجتماعيةً، نتيجةً لتصاعد وتيرتها في الفترة الأخيرة؛ حيث إنَّ الكيانَ كان يهدم بيتًا أو بيتين خلال شهر، أمَّا اليوم أعطى الاحتلال إخطارات لما يقرب من 2100 منزل لهدمهم، لكن مع ذلك وبكل ثقةٍ وبدون مبالغة تجلى إصرار أهل القدس على الثبات في أرضهم في رفضِ أوامر الإخلاء، وقسمهم بأنَّ المخطط الصهيوني لن يتم إلاَّ فوق جثثهم، بالإضافةِ إلى تنظيم اعتصاماتٍ أمام بيوتهم.
بصائر: ما هي رسالتك التي توجّهها للشعب الفلسطيني، وللعرب والمسلمين خاصة في القاهرة وعمَّان، الذين سينظمون التظاهرة المليونية يوم الجمعة القادم؟
كمال الخطيب: رسالتي للشعب الفلسطيني أن الله عز وجل أكرمكم وجعل المسجد الأقصى في أرضكم التي تسكنوا فيها، وهذه نعمة تستوجب شكر الله، والالتفاف والحفاظ على المسجد الأقصى بشدّ الرِّحال إليه، وتسيير الجموع في المرحلة القادمة لأنَّه شرف منحكم الله إياه.
أمَّا رسالتي لإخواني في الأردن ومصر الذين سنشهد حشود ومليونيات على أرضهم نصرة للأقصى ورفضاً لتهويد مدينة القدس، فأقول لهم: إنَّ كلَّ صرخة ستخرج من الميادين التي ستتواجدون فيها ستمثل قوّةً ودعماً للمسجد الأقصى المبارك، كما أقول لهم: إنَّ هذه الفعاليات والتظاهرات لا بد أن تستمر وتتطوَّر حتّى يدرك الإسرائيليون أنَّ تعاملهم مع الشعوب العربية اختلف تمامَ الاختلاف عن السَّابق.