احتل اليهود الشطر الغربي من القدس في عام 1948، واحتلوا الشطر الشرقي في عام 1967م، ومنذ ذلك الوقت لم يتمكنوا من إبراز أي دليل مادي على وجودهم التاريخي في القدس، ولم يتمكنوا من إثبات قدسية المسجد الأقصى وحائطه الغربي (حائط البراق) بالنسبة لهم.
ولم تؤد الحفريات التي تواصلت منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم الى الكشف عن أي أثر يهودي ذي قيمة، وهذا ما قرره علماء الحفريات الاسرائيليون أنفسهم.
وقد أجرت عصبة الأمم، بطلب من لجنة تحقيق بريطانية (لجنة والتر شو في عام 1930م) تحقيقاً دولياً، شكلت لأجله لجنة دولية خاصة بالنظر في ملكية حائط البراق الذي يدعيه اليهود من مقدساتهم، وأثبتت اللجنة في تقريرها المحفوظ نسخته الأصلية في مجلس الأمن اليوم النص التالي: "للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ولهم الحق العيني فيه، لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، التي هي من أملاك الوقف الإسلامي. وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط، وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي".
لم تؤد الحفريات التي تواصلت منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم الى الكشف عن أي أثر يهودي ذي قيمة، وهذا ما قرره علماء الحفريات الاسرائيليون أنفسهم.
فماذا بقي لليهود في القدس وفي فلسطين بعدما تبين بطلان ادعائهم بالحق فيما يسمونه بحائط المبكى، وبعدما فشلوا في إبراز أي أدلة على تاريخهم في فلسطين. وأي شرعية لدولة الاحتلال اليهودي في فلسطين بعد ذلك؟.
وفق المخطط (الإسرائيلي)الهادف إلى تهويد القدس يجري مصادرة أراضي العرب، وطردهم، وسحب هوياتهم، وتدمير منازلهم. وكل ذلك مخالف للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الدولي الذي يعتبر القدس أرضاً محتلة. فقد نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 252 بتاريخ 21/5/1968م على أن: "جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية، وجميع الأعمال التي قامت بها (إسرائيل) بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس، هي إجراءات باطلة، ولا يمكن أن تغير في وضع القدس. ويدعو (إسرائيل)، بإلحاح، إلى أن تبطل هذه الإجراءات، وأن تمتنع فوراً عن القيام بأي عمل آخر من شأنه أن يغير في وضع القدس". وتم تأكيد ذلك في قرارات أخرى لمجلس الأمن الدولي، منها قرار رقم 267 بتاريخ 3/7/1969م، وقرار رقم 271 بتاريخ 15/9/1969م، وقرار رقم 298 بتاريخ 25/9/1971م.
إن الحق العربي والإسلامي في القدس واضح وضوح الشمس، وعلى الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم الدفاع عن هذا الحق، وهذا يتطلب التالي:
1- أن تقوم الفضائيات الفلسطينية والعربية بنشر تقرير لجنة البراق الدولية بعدة لغات، وتخصيص مساحة جيدة لمناقشته وتحليله وإجراء اللقاءات الحوارية مع مسئولين دوليين حوله وبشأنه.
2- ضرورة نشر تقرير لجنة البراق الدولية ورقياً وإلكترونياً بعدة لغات عبر العالم، ونشره عبر المواقع الاجتماعية على الإنترنت. وعلى الشباب الفلسطيني المقاوم أن يروج ذلك على نطاق واسع، لنزع الشرعية عن أي وجود (إسرائيلي) في القدس.
3- على منظمة التحرير الفلسطينية التي هي عضو مراقب عالي المستوى في الأمم المتحدة أن تفعِّل مطالبتها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بمنع تعديات الاحتلال في القدس.
4- وعلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الإفريقية ومجلس التعاون الخليجي تفعيل تلك القرارات التي تحظر على (إسرائيل) إجراء أي تغيير في القدس بل وتطالبها بإعادة الوضع على ما كان عليه.
5- على الحكومة الفلسطينية في غزة والضفة أن تكثف مساعيها على الساحة الدولية لتطبيق تلك القرارات ووضع (إسرائيل) في الزاوية.
6- وعلى حركات المقاومة الفلسطينية استغلال هذه القرارات بشكل عملي وفاعل، لتعيد عملياتها المسلحة في مدينة القدس استناداً إلى القانون الدولي الذي يعتبر (إسرائيل) دولة احتلال في القدس وليس من حقها إجراء أي تغيير فيها.
7- وعلى الشعب الفلسطيني المرابط في مدينة القدس وحولها أن يمسك بزمام المبادرة في بدء الهجوم ضد المصالح (الإسرائيلية) كافة في مدينة القدس تحديداً. فليس لدى شعبنا ما يخسره. بل إن تفعيل المقاومة سيعيد اللحمة لصفوف شعبنا، فالجميع توحدهم القدس.
8- تستطيع الجهات المسئولة فلسطينية وعربية أن تخصص مكافأة لأفضل فيلم وثائقي عن تقرير لجنة البراق الدولية معد باللغة الإنجليزية، ونشر إعلانه عبر الفضائيات المختلفة، ثم نشر الفيلم في قناة الجزيرة الإنجليزية وما على شاكلتها.
9- من اللافت للنظر أن جميع المفاوضات حول القدس لم تتطرق لموضوع ملكية حائط البراق والساحة المجاورة له. وهذا قصور واضح في المفاوضين العرب والفلسطينيين. ورغم أنني لست من أنصار التفاوض لإحقاق الحقوق الفلسطينية، إلا أنه مطلوب ممن يؤمنون بالتفاوض أن يستخدموا أوراق القوة التي بأيديهم ومنها تقرير لجنة البراق الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالقدس.
المصدر: صحيفة فلسطين (غزة)