إنَّ أوَّل ما نزل من القرآن الكريم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم }اقرأ{ ، فنحن أمَّة اقرأ، أي منوط بنا أن نقرأ ونتعلم حتّى نعلم الناس ونخرجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى النور والهدى، بإذن الله .
فكما قال رِبعي بن عامر الصحابي الجليل لرستم أحد قادة الفرس: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ).
والقراءة هي المصدر الأوَّل للثقافة، والقراءة تجعل الإنسان يعيش في زمن غير زمنه وفي مكان غير مكانه، فحينما يقرأ أحدنا في تاريخ السابقين مثل صحابة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومرحلة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فيقرأ عن منهجهم في السياسة والحكم، ويقرأ عن أحوال الناس وعن طرق معايشهم، وماذا كانوا يأكلون أو يشربون، وكيف كانوا يواجهون الأزمات، وكيف كانوا يطبقون الإسلام، حينما يقرأ الإنسان كل هذا يتعلم كيف يتصرف على منهج رسول الله، وكيف يتصرف في المواقف المختلفة.
لهذا فنحن في أشد الحاجة لأن نتعلَّم تراثنا الإسلامي ونعلّمه لأبنائنا ونربّيهم كما كان يربّي سلفنا أبنائهم، حتى نستعيد أمجادنا الضائعة، ونتعلم كيف كان هؤلاء الصَّحابة ذوي فكر ثاقب وذوي ثقافة عالية، فكانوا يفهمون القرآن والسنة فهماً صحيحاً مستنيراً.
وفي ضوء هذا الفهم نجد أنَّ سيّدنا عمر بن الخطاب اجتهد في عام الرمادة فعطل فيه حدَّ السرقة، لأنَّه رأى أنَّ السارق ليس بسارق أصلا لأنَّه كان يسرق ما يسد به جوعه، لكن لا يسرق لكي يضع في البنوك بالمليارات كما فعل قادة بلدنا في الأعوام الماضية .
يقول العلامة الشيخ محمد المدني رحمه الله في نظراته في فقه عمر: إنَّ عمر ـ رضي الله عنه ـ لم يعق هنا نصًّا، ولم يُعَدِّل، ولم ينسخ ـ وحاشاه أن يرى لنفسه هذا الحق ـ وإنما فهِم أن آخذ المال في عام المجاعة لا يوصف بأنه سارق؛ لأنه يرى لنفسه حقًّا فيما يأخذ، والسرقة هي أخذ الإنسان ما لا حَقَّ له فيه خُفْيَة.
لذلك كانت القراءة مهمَّة، وكانت الثقافة شيئاً مهمّاً جدّاً وتنقسم الثقافة إلى عدَّة أنواع:
1- ثقافة عامة أي معرفة شيء عن كل شيء معرفة شيء عن التاريخ عن الجغرافيا عن السياسة عن الاقتصاد عن الرّياضة وهكذا ...
2- ثقافة خاصة، وهي معرفة كل شيء عن شيء أيّ التخصص في مجال من مجالات العلوم أو مهنة من المهن ومعرفة كل شيء عنها، فمثلا الطبيب يتعلم كل شيء عن تخصصه ويتابع الأبحاث المستجدة على الساحة العلمية في هذا المجال لكي يصبح طبيباً ناجحاً، وكذلك المهندس الخ...
3- ثقافة دينية : وهي معرفة ما تصح به العبادة على الأقل لذلك يجب على الأخ المسلم
أ- أن يجيد القراءة والكتابة إن كان لا يجيدها وهذا مجهود يجب أن يقوم به الفرد والمجتمع فيجب على الفرد أن يجتهد لمحو أميته ويجب على المجتمع أن يوفر له الوسائل والإمكانيات. ولو أنَّ كلَّ متعلم تبرع بتعليم أمي واحد فقط لتلاشت الأميّة من مجتمعاتنا .
ب- أن يكثر المطالعة والقراءة، وأن يجعل لنفسه مكتبة خاصة به ويخصص وقتاً كل يوم للقراءة.
بالنسبة للثقافة العامة يجب على الأخ المسلم :
1- معرفة أخبار العالم بصفة عامة والإسلامي بصفة خاصة، وذلك عن طريق الحرص على سماع نشرات الأخبار وقراءة الجرائد والمجلات .
2- معرفة معلومات أساسة عن المهن المختلفة ثم التعلم والتخصص بأعلى الدرجات العلمية في مهنته.
3- عمل أبحاث ذات نوعية مختلفة – معرفة بجغرافية العالم الإسلامي – معرفة بالأحزاب السياسية – معرّفة بالمذاهب السياسية – معرّفة بالتيارات الفكرية والسياسية الموجودة على الساحة.
وللثقافة السياسية على وجه الخصوص :
1- قراءة جريدة يومية وسماع نشرة يومية محلية ، بالإضافة إلى نشرة يومية أجنبية مع عمل تحليل لأهم خبر فيها .
2- قراءة صحيفة معارضة أسبوعيا بالإضافة إلى مجلة أسبوعية أو شهرية غير إسلامية ، وتحليل لأحد مقالاتها.
3- دراسة مقارنة لتناول الصحف لأحد الموضوعات المهمَّة.
4- عمل تحليل لمقالة في أحد الصحف اليومية والرد على كاتبها بعد عرضه في الحلقة
5- قراءة كتاب "أساليب الغزو الفكري" .
وثقافيا :
1- معرفة الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي ، خاصة البلاد الإسلامية.
2- قراءة كتاب في عالم النبات، وعن جسم الإنسان ، وآخر في الفلك.
3- زيارة الأجنحة التالية في قصر الثقافة (العلمي – التاريخي – الجغرافي) واختيار كتاب من كل جناح وتلخيصه.
4- عمل وقراءة بحوث في المجالات التالية:
أ- التيارات الفكرية الموجودة بالساحة
ب- الحرية وحقوق الإنسان في الإسلام وغيره من المذاهب.
ت- الأقليات المسلمة.
ث- الشبهات التي تواجه الإسلام والردود الموضوعية عليها.
ج- القراءة لأحد الأحاديث ثلاث مرات يومياً(الأربعون النووية – رياض الصَّالحين).
ح- التعرّض للأصول العشرين للفهم بصورة أو بأخرى.
خ- الإلمام الجيّد بالهيئات والأحزاب والتجمعات المناهضة للإسلام محلياً وعالمياً.
د- متابعة الإصدارات التي تتصل بالإسلام والدَّعوة.