مطلوب أبناء حلال-بقلم:د.ديمة طهبوب

الرئيسية » حصاد الفكر » مطلوب أبناء حلال-بقلم:د.ديمة طهبوب
alt

ذات ليلة عيد وصلتني منها رسالة رقيقة برقة روحها تعايدني و أخذنا الكلام، فاعتذرت أنها ربما أزعجتني و أخذت من وقت العائلة فأخبرتها أن العائلة في زيارة و أنا برفقة كتاب لأني لا أحب كثرة الاجتماعيات.

 

ردت بحسرة: و لكني أحبها جدا و مؤخرا أصبحت أمتنع عنها و أتجنبها!! لماذا التغيير سألتها؟ قالت: أصبحت أكره كثرة الأسئلة و بالذات ما يتعلق بالخطبة و الزواج و العرسان التي تجعلني أشعر أني في مشكلة عويصة و أني لا أساوي شيئا في ميزان الدنيا و البشر حتى أرتبط!!!

صعقت لحديثها ففيها كل الأوصاف التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم و جعلها ترغّب الى نكاح المرأة من جمال و نسب و مال و دين و هي مع ذلك صاحبة فكر و قلم و رؤية و مبادرة تقتحم غمار الحياة و لا تكتفي بدور المراقب الهامشي.

 

نقمت ساعتها على الشباب و قلت في نفسي: الناس بطلت تشوف!! ثم تذكرت أني أعرف مثلها و في مثل صفاتها ما يزيد على 40 فتاة في آخر العشرينات من العمر يجعلهن المجتمع يشعرن بالذنب و كأنهن السبب في تأخر زواجهن!!إن سيدنا أبا بكر أمر ابنه عبد الرحمن بتطليق زوجته التي شغلته عن أمر دنيه و شغله لجمالها، و بواعث السرور في النفوس ليست كلها حسية تعتمد على النظر،

قلت لها: لعلك ترفعين السقف؟!

 

فقالت: و هل طلبي أن يكون ابن حلال أجد فيه نفسي و كمالي يزيدني و أزيده و يعينني و أعينه من سابع المستحيلات؟!

حزنت على كثير من الفتيات فمعظمهن يقبلن بابن الحلال فعلا، و لكن ابن الحلال في زمننا تغير عن ابن الحلال في سالف العصر، و قد تتوفر الخامات الأساسية في ابن الحلال، و لكن الظروف المحيطة و قلة ذات اليد تجعل ابن الحلال موقوفا و معلقا مثله مثل الفتاة الى حين ميسرة، و ان كانت المدة الزمنية تؤثر في الفتاة أكثر منها في الشاب

هي عاملة و منجزة و لديها اهتماماتها و نشاطاتها التي تشغل أكثر من 24 ساعة يوميا ككثيرات ممن أعرف و ليس لديهن مشكلة حتى لو لم يتزوجن إطلاقا، و لكني أرجو لهن شيئا من فرح و قرة عين لا تتأتى الا بالزواج الصالح و الأمومة، هو شيء من الفطرة يمكن كبته إذا لم تتواجد سبل الحلال لتحقيقه.

 

و لكن تحقيقه به سعادة لا تقوم الدنيا مقامها، فشهادات الدنيا و وظائفها و مناصبها لا توازي أن تجد امرأة رفيقا تكبر معه و تتوكأ على ساعده، معه ترى الشيب جدائل سوداء، و به يستقيم عجزها و انحناء ظهرها، و يبقى آخر العمرغضا كأول لحظاته، و أولادا ينادونها ماما ترى امتداد عمرها فيهم، فيكون للعمر في ظلهم معان و انجازات قد لا تعلق على الحائط أو يوقع بإجازتها المختصون أو توضع خانة في سيرة ذاتية، و لكن أثرها هو الأدوم و الأبقى و الأحلى بعد ذهاب الألقاب و المناصب و القوة في خريف العمر

قلت لصديقتي: يجب إذن أن نغير تعريف ابن الحلال و بنت الحلال، قالت: و من سيصغي لنا؟ قلت لها: كلمة خير تؤتي أكلها عندما يشاء الله عسى أن تقع على قلب يعقل و سمع يصغي و جسد يتحرك بها.

 

قالت لي: يريدون جمالا تلفزيونيا يخلب الألباب و يطرح المرء صريعا من أول نظرة!! قلت لها: فعلا أولاد الحلال ملامون هنا و أمهاتهم من قبلهم فالرسول قال إذا نظر إليها سرته و ليس أبهرته أو سلبته لبه، بل إن سيدنا أبا بكر أمر ابنه عبد الرحمن بتطليق زوجته التي شغلته عن أمر دنيه و شغله لجمالها، و بواعث السرور في النفوس ليست كلها حسية تعتمد على النظر، فالمنطق الجميل باعث على السرور، و طيبة القلب باعثة على السرور، و القيام بحق الزوج و البيت معيار للجمال، و الذوق مع أهل الزوج كذلك جمال، و إعانة الرجل خارج المنزل جمال أيضا

و الأمر ينسحب على ابن الحلال، و لقد أخطأ الأقدمون عندما قالوا "الرجل لا يعيبه الا جيبه" فالفقر الحقيقي فقر الدين و الأخلاق، و لو كان المال يغني عن الرجال لما تزوجت بنات الملوك

و لكن معظم أبناء الحلال يعانون من حالة الطفر الاقتصادي، و ليس كل الأهل يستطيعون مساعدة أولادهم في زواجهم، فاذا استطاع الشاب أن يوفر أساسيات الحياة دون بهرجة و بذخ فارغين و كان المستقبل أمامه في العلم و العمل، فالدين مع ذلك كله مال و مهر و استثمار طويل الأمد، و الأخلاق مال و مهر، و الرفق و الرقة و الاحترام مال و مهر و غيرها الكثير و لو حسبناها بالورقة و الأرقام لوجدناها تعادل الألوف و لوجدنا أن ابن الحلال يساوي الكثير و أن من ترضى بابن الحلال مهرها غال و قدرها عال

في ليلة العيد و بعد رسالة صديقتي تمنيت لو أن عندي 30،40 ابنا و أخا من أولاد الحلال لازوجهم من بنات الحلال و أحل مشكلة بسيطة في وسط مشكلة عامة لا ينفك نطاقها يتوسع و مصائبها تزداد، فأين أنتم يا أولاد الحلال حتى لا تبقى بنات الحلال وحيدات في ليالي العيد، و لعل العيد القادم يشهد فرحة كبرى لأبناء و بنات الحلال

أدام الله الفهم لمقاصده عنواننا، و شريعته سلوكنا، و الفرح بقسمته نبراس حياتنا

كل يوم و أنتم من أهل الفرح يا أهل الحلال

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

قراءة سياسية في عبادة الصيام

عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …