يعتبر "التلطف" في الطلب من علامات "الأدب"، والناس عادة ما يعمدون إلى تكلف "التلطف" مع الغرباء، في حين ينسون أو يتناسون أن أقرب الناس إليهم هم أكثر الناس حاجة إلى هذا!! فالأم والأب ومن هم في منزلة المربي، يُنظر إليهم على أنهم "قدوة" في كل شيء، ولذا فإن حرصهم على اعتياد التلطف في الأمر والنهي يعتبر من الصفات المهمة للباقة في التعامل البشري الإنساني بشكل عام، والتربوي بشكل خاص.
إنَّ الهدف الأسمى من الزَّواج عند المسلمين هو الذرية الصَّالحة {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. (الفرقان:74).
وما أن يرزق الإنسان بالطفل الأوَّل حتى يبدأ بتجهيز الثياب والطعام ، التأمين الصحي والألعاب والقليل منا يعد نفسه ليكون مؤهلا لتربية رجال المستقبل، وحتى يكون مؤهلا لاكتشاف مواهب وإبداعات ابنه منذ الشهور الأولى؟
الكثير من الأمهات يمضين السَّاعات الكثيرة في الأسواق لشراء ثياب العيد، والقليل منهنَّ يصبرن دقائق معدودة لإقناع الابن بالطاعة لوالديه.
كثير هن الوالدات اللاتي يسألن عن غذاء أبنائهن بالشهور الأولى حتى ينمو جيّداً بالطريقة الصحيحة! والقليل منهن من تفند الكتب للاهتمام بالنمو العاطفي والعقلي والنفسي .
ما من أم إلاَّ وتشتكي من إجابة ابنها ب (لا ) ،وتنسى أن تعد المرّات التي تقول لابنها : لا ... لا ... لا تفعل في اليوم الواحد.
وهذه الكلمات قطرة من مطر لمساعدة الأمهات لتجاوز لفظ (لا )، عندما يطلبن من أبنائهن الطاعة، لأنَّ الهدف من التربية أن لا يطيعنا أبناؤنا رغماً عنهم، بل من منطلق اقتناعهم بما يفعلون :
1. لا تنه عن أمر إلاَّ عند الضرورة ، بل نضع قوانين بسيطة نبرّرها، قبل أن نتحدث " عند الذهاب للحديقة، فتركضين لهذا يفضل أن ترتدي بنطال".
2. لا تنه ابنك عن حقه كطفل وفق نفسيتك كأن تقولي: " لا تلعب أمامي لأنَّ مزاجي معكر"، بل أخرجي هذه الضغوطات باللعب معه أو الحوار أي: " أخرجي توترك مع أبنائك لا على أبنائك".
3. اشرحي لابنك سبب النهي " ابتعدي عن أكل الحلوى مساءً لأنَّها تكثر من تسوس الأسنان".
4. لا تنقل إحباطاتك الطفولية لأبنائك،أنت تربيت بالصّراخ والضرب ، تربِّي أبنائك بالصراخ والضرب، لأنَّ التربية بهذا الأسلوب يشعر الابن بالخوف والحقد والعدوانية، ويعزل عن أسرته فتظهر لديه مشاكل كالكذب والسّرقة.
يعتبر "التلطف" في الطلب من علامات "الأدب"، والناس عادة ما يعمدون إلى تكلف "التلطف" مع الغرباء، في حين ينسون أو يتناسون أن أقرب الناس إليهم هم أكثر الناس حاجة إلى هذا
5. كلَّما نهيت عن أمر ضعه في دائرة سلامة ابنك ،" لا تلعب بعود الثقاب حتّى لا تحرق نفسك".
6. احرص على عدم اظهار التناقضات بالتربية فلا ندعوا أبنائنا للإبتعاد عن مصاحبة رفاق السوء، ونحن نصادق أناساً يشبهون أصدقاء أبنائنا ، كتب عمر بن عتبة لمؤدّب ولده: (وليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإنَّ عيونهم معقودة بعينك ، فالحسن عندهم ما صنعت والقبيح عندهم ما تركت).
7. عند النَّهي لا تصرخ فاستخدام التهديد والتعنيف لن يدفعا الطفل لتقديم الأداء الأفضل، بل سيدفعه إلى اليأس وخيبة الأمل.
8. حول ما تراه سلبياً إلى إيجابياً ، اتبع قاعدة حول ولا تبطل في التربية : ابني يرسم على الحائط، آتي ببديل يرسم عليه؛ كدفاتر ولوحات حائط ولوحات ورقية ليرسم عليها .
9. إذا نهيت عن أمر فتمسك به حتَّى يتعلم حس الانضباط والالتزام.
10. استعمل توقف أو ابتعد أو تجنب بدل (لا ) : أي أسلوب الأمر بدل النهي، بدل من لا تقترب من النار، ابتعد عن النار، بدل من لا تشرب القهوة، تجنّب شرب القهوة، فهي مضرة للصغار.
11. لا تجعل علاقتك بأبنائك علاقة الأضعف بالأقوى، لأنَّه إن أصبح مراهقاً سينقاد لرفاق السوء الأقوى لأنه هش، من الناحية النفسية، بل اجعل نهيك له من باب علاقة المحبَّة والحرص والصّداقة، فلو أحيط برفاق سوء لن يتأثر لأنَّه سيكون الأقوى.
12. لا تنتقم من ابنك حين رفضه، لا بل تعاطف معه وأشعره بحبك ولكنّك تكره سلوكه.
13. حول الطلب إلى متعه إذا رفض ابنك أن ينظف أسنانه، شجّعه على الاستمتاع لصوت الفرشاة وهي تنظف الأسنان من الأوساخ.
14. بدلَ من قول لا ، خيِّر ابنك .. ابني يلعب بالبطيخ، لا أنهاه عن تركها، بل أخيّره؛ أيريد غسل يده بالحمام أم بالمطبخ؟
بعد كلِّ هذه الأساليب التي تساعدنا بالتخلص من لا تفعل، والتي تساعدنا على تلبية أبنائنا لطلباتنا وتجنب نواهينا، قد لا يقوم الطفل بما نطلبه منه ، عندها فإنَّ المشكلة قد تكمن في الطفل نفسه، بل فيما نطلبه منه حتى إذا كان الطفل بمقدوره أن يقوم بشيء ما يجدر بنا أن نتساءل إن كان عليه أن يفعل ذلك أو أنَّ مطالب الوالدين لا تتماشى مع ما يمكن أن يفعله في سن محدّدة.
مراجع للاستزادة:
1. التربية الإيجابية - مصطفى أبو السعد.
2. أطفال مزعجون – مصطفى أبو سعد.
3. التربية عطاء بلا حدود .
4. 25 طريقة لتصنع من ابنك رجلاً فذّاً – أكرم مصباح عثمان.
5. كيف تربّي شخصية ابنك.
