هناك أنواع من القوَّة التي يجب أن تتوافر لدى المجتمع الإسلامي، فكما أننا بحاجة إلى قوَّة العقيدة والإيمان لدى الفرد المسلم، فإنَّنا بحاجة أيضاً إلى أنواع أخرى من القوة كقدرة الفرد على الكسب مثلاً .
كان من المسلمين بعض الرجال الذين كان لهم دور مهم في تقوية الدَّعوة وتدعيمها مثل عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
فسيدنا عثمان بن عفان استطاع أن يساند الدَّعوة بأمواله، وأن يشارك في تجهيز جيش العسرة، فعندما حثَّ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلّم- على تجهيز جيش غزوة تبوك الذي سمّي بجيش العسرة، سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيراً وستين فرساً أتم بها الألف، فدعا له قائلا 🙁 غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة ). كما قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلّم- 🙁 ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم).
وقد أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك شرائه لبئر رومة، وكانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها، فلَّما هاجر المسلمون إلى المدينة تمنى الرسول -صلَّى الله عليه وسلّم- لو يجد من بين أصحابه من يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة، فسارع عثمان -رضي الله عنه- إلى اليهودي فاشتراها منه ووهبها للمسلمين.
وضرب سيّدنا عبد الرحمن بن عوف أيضا مثلاً للتاجر المسلم الناجح، فقد هاجر إلى المدينة وترك أمواله بمكة، وحينما آخى النبي بينه وبين سعد بن الربيع عرض عليه سعد أن يشاطره نعمته، وأن يطلق له أحسن زوجتيه، فقال له : بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السّوق فذهب فباع واشترى وربح وصار معه دراهم، فتزوج امرأة على زنة نواة من ذهب، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد رأى عليه أثرأ من صفرة :(أولم ولو بشاة)، وقد نما ماله وكثر وربحت تجارته .
وكان أبو حنيفة تاجراً ناجحاً ومع ذلك كان فقيهاً عالماً، فكان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرين بالجنة، وأبو حنيفة من العلماء الصَّالحين ومع ذلك دخلوا في مجال العمل، وأتقنوا وربحوا حتى أصبحوا من الأغنياء .
فالإسلام لم يأت بالرهبانية، ولكن جاء بما يحقق التوازن بين عبادة الله وبين السعي في الأرض بهدف أعمارها، لذلك جعل الإمام الشهيد حسن البنا من سمات الأخ المسلم أن يكون قادرا على الكسب، وقد أورد الشيخ محمَّد عبد الله الخطيب في كتابه رسالة التعاليم بعض الواجبات هي :
1- أن تزاول عملاً اقتصادياً مهما كنت غنياً، وأن تقدّم على العمل الحرّ مهما كان ضئيلاً، وأن تزج بنفسك فيه مهما كانت مواهبك العلمية.
2- ألاَّ تحرص على الوظيفة الحكومية، وأن تعتبرها أضيق أبواب الرزق ولا ترفضها إذا أتيحت لك، ولا تتخل عنها إلاَّ إن تعارضت تعرضاً تاماً مع واجبات الدَّعوة.
3- أن تحرص كلَّ الحرص على أداء مهنتك من حيث الإجادة والإتقان وعم الغش وضبط الموعد.
4- أن تخدم الثورة الإسلامية العامة بتشجيع المصنوعات والمنشآت الاقتصادية الإسلامية، وأن تحرص على القرش فلا يقع في يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال، ولا تلبس ولا تأكل إلاَّ من صنع وطنك الإسلامي.
ومن الوسائل العملية :
1- لابد من التخصص في المهن والحرف المختلفة.
2- الإتقان في التخصص، وهو الصدق وعدم الغش.
3- الوصول إلى أعلى المراتب العلمية في التخصصات المختلفة.
4- يكون للطالب حرفة إلى جانب مهنته.
5- الكسب من حلال والإنفاق في حلال.
6- أن تزج بنفسك في العمل الخاص، وعمل المشروعات الخاصة الصغيرة ولو بطريقة الأسهم بالمشاركة مع الإخوة فقط.
7- أن تكون حسن التقاضي لحقك، وأن تؤدّي حقوق الناس كاملة غير منقوصة بدون طلب ولا تماطل أبداً.
8- خدمة الثروة الإسلامية العامة.
9- التفكير في خريجي الجامعات لحلّ مشكلة البطالة لديهم.
10- تربية الطالب على عدم التعالي على العمل.
11- عمل دورات في تعلم الحرف المختلفة مثل (السباكة – الكهرباء – النجارة – الحياكة) على أن يتم تنظيمها في مدَّة الإجازة.
12- التدريب على الأعمال البسيطة؛ مثل تركيب مصباح كهربائي أو لمبة نيون أو تصليح صنبور
13- التدريب على الإسعافات الأولية عند أحد الأطباء أو عن طريق دورات يتم تنظيمها في مدَّة الإجازة.