أبي العزيز...أريد شراء كذا وكذا من السوق ...
حاضر، ولا يهمّك ...
أمي الغالية ... أريد شراء كذا وكذا من المول ...
من عيوني، أمرك مجاب ...
سلسلة طويلة من الطلبات والمشتريات لدى الأبناء ...
يلهث الكثير من الآباء والأمهات ليلَ نهار لجلب الأموال لتلبية حاجات أبنائهم ، وربَّما لتعويض هذا النقص الذي شعر به الأم والأب، وهم في نفس أعمارهم، فينشأ الأطفال وقد اعتمدوا على آبائهم في تلبية أمورهم، ولربما استمر الوضع حتى بعد أن يتزوجوا وينجبوا أطفالاً...
نحن لا نريد أن أن نتعب أولادنا لأننا نحبّهم ...
لذلك عليك أيّها المربّي الفاضل أن تعلم قاعدة ذهبية؛ وهي أنه من وجد كل شيء في هذه الحياة يأتي بسهولة ويسر فلن يكلف نفسه أيّ جهد، أمَّا من عرف أنَّ العسل لا يذاق إلاَّ بعد لعق الصَّبر، فيبذل كل جهد ويقهر هوى نفسه.
يقول الله تعالى :- {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}، المال نعمة علينا أن نشكر الله عليها ونحافظ عليها ونرعاها حق رعايتها فلا تبذير ولا إسراف أو تقتير، والمال يعطي فرصة لكل إنسان صغيراً كان أم كبيراً أن يتخذ قرارات مهمة وضرورية في حياته، لذلك من الضروري أن نعلم أبناءنا ونمدّهم بالمعرفة والخبرة اللازمة لكي يتعاملوا مع النقود بالطريقة الصَّحيحة ، كيف يكسبون ، وينفقون ، ويحافظون، ويديرون المال في أوجهه المشروعة؟
• أوَّل خطوة لتعليم ابنك كيفية التعامل مع المال، هو أن تعطيه نقوداً أو مصروفاً يومياً أو أسبوعياً لكي يتعلَّم المسؤولية.
• دع ابنك يختار كيف سينفق المصروف خلال الأسبوع، وهنا يبدأ تعلّمه لإدارة المال، وأنَّ الذي صرف لن يعود مرة أخرى، وعليك أن تجلس مع ابنك تحدّثه عن الخيارات التي أنفق فيها مصروفه، وخاصة إذا أنفق كل مصروفه، وما زال يرغب في شراء حاجات أخرى، وتوضح له أنَّ عليه الانتظار للمصروف القادم، وأن يحاول تنظيم مشترياته.
• وضِّح لابنك الفرق بين الأساسيات والضروريات في الشراء والكماليات، وامنحه حرية اتخاذ القرار في إنفاق نقوده، ودعه يتعلَّم من خياراته ويتحمّل مسؤولية هذه الخيارات، ومع الوقت سيكتسب خبرة أكثر.
• علّم ابنك تقنية أن يختار الأوليات، ويرتبها في الشراء؛ فمثلاً اختار ثلاثة أغراض يمكن شراؤها في نقوده، عليه اختيار الأكثر ضروري له.
• علِّم ابنك كيف يقيم إعلانات المنتجات المختلفة في التلفاز والإنترنت، وما إذا كان المنتج فعلاً على حقيقته وسعره مناسب أم لا ، وإذا كان هناك بديل يؤدّي نفس الوظيفة وبسعر أفضل.
• إذا طلب ابنك شراء شيء، اطلب منه أن يساهم في شيء من مصروفه لشرائه، ولا تسارع في تلبية ما يطلبه كي يشعر بقيمته.
• اطلب من ابنك وضع لقائمة المشتريات التي اشتراها في أسبوع، وثمن كل شيء، ليعرف كيف أنفق مصروفه خلال الأسبوع ، ولكن ليكن هذا بحب ونصح لإبنك .
• اصحب ابنك معك للمتجر ، ليقوم بشراء احتياجات البيت، وعلّمه كيف يبحث عن أفضل سعر بين المنتجات المختلفة .
• اجلس مع أبنائك عند إعداد ميزانية البيت، كي يرى كيفية تقسيمك للميزانية، وإدارتك لها ووجود الفواتير وأقساط المنزل والمدرسة والسيارة، لكي يحسوا بالمسؤولية تجاه أسرتهم.
• شارك ابنك في كتابة قائمة التسوّق، ودعه يقرأ الأسعار، ويقارن بعضها البعض، ويحسب الفرق بين الأسعار وكم تبقى من ميزانية الشراء.
• دائماً تذكَّر أنَّك قدوة لابنك ، فراعِ عدم الإسراف والتبذير والموازنة دائماً والاعتدال.
• درِّب ابنك على معرفة العملات، وكيفية التمييز بينهما، وقيمة كل منها مقابل الآخر.
• من الدروس التي يجب أن يتعلمها أبناؤنا عن إدارة المال أن يتعلّموا أنَّه عندما يكبرون، سيكونون مسؤولين عن رعاية أشخاص آخرين، وعليهم أن يقدروا قيمة النقود.
• إذا أراد ابنك شراء شيء غالي الثمن، تحاور مع ابنك عن أهمية هذا الشَّيء والهدف من شرائه وأهميته ، وإذا تمَّ الاتفاق على شرائه، فساعده لوضع خطة لشرائه:
أ- ضع صندوقاً شفافاً أو حصالة لابنك للتوفير، كي يرى المبلغ أمامه كيف أنَّه اقترب من الوصول لهدفه.
ب- ضع اسم ما يريد شراءه في ورقة في غرفته أو على الثلاجة كي يراها دائماً، ويركز أكثر على هدفه بدلا من أن ينفق النقود في أشياء متفرّقة غير ضرورية.
ت- عندما يشتري ابنك غرضه هنّئه وامدحه وعزّز إصراره ووصوله لهدفه.
ث- ممكن أن تعطي ابنك نقوداً تساعده بها مقابل أعمال صغيرة يقوم بها داخل المنزل؛ مثل إعداد المائدة أو المساعدة في الحديقة.
• علِّم ابنك أنَّه إذا أتته هدية من المال أو عيدية أن يصرف جزءاً، ويدَّخر الجزء الآخر.
• علّم وعوِّد ابنك الإنفاق في سبيل الله ، فازرع حبَّ الخير أكثر من حب المال في قلب ابنك، وذلك عن طريق:
أ- شاركه في حساب الزكاة وصدقة الفطر وكيفية إنفاقها في أبوابها، وبيّن له فضلهما وأجرهما، واجعله يشاركك في توزيعها.
ب- في شهر رمضان شهر الخير والبركة والعطاء فرصة عظيمة لغرس حبّ الإنفاق عند طفلك، واجعل له شعار "ما نقص مال من صدقة".
ت- حدّثه عن مآسي المسلمين والفقر والمجاعات التي يعانون منها واستعن بالصور، ورافقه إلى بعض من العائلات المحتاجة، وقارن بين حالتك وحالتهم ، واطلب منه أن يحمد الله على النعم الموجودة لديه، وأن يتبرع لهم ويدعو لهم بأن يوسع الله عليهم.
ث- ضع حصالات في البيت للأعمال الخيرية، وشجّعه أن يضع جزءاً من مصروفه فيها، ثمَّ رافقه لكي يتصدَّق بهذا المال في رمضان أو في العطلة.
ج- وكن خير قدوة له بالإنفاق والبذل، وذكره بحديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلاَّ ظله ، رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه.
جعلنا الله وإيَّاكم من الذين رضي الله عنهم، وراعوا الله في أموالهم و أدوها حق رعايتها ، ومن الذين لا يكنزون الذهب والفضة، بل ينفقونها في سبيل الله .
• المراجع:
كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك - سال سيفير.
التهذيب الإيجابي من الألف إلى الياء - جان نيلسن آخرون.
أطفال المسلمين كيف ربَّاهم النبيّ الأمين صلّى الله عليه وسلّم - جمال عبد الرحمن.
المسؤولية واستحقاق الثقة - ميشيل بوربا.