الثقة في النفس .. اكتشف ذاتك

الرئيسية » بصائر تربوية » الثقة في النفس .. اكتشف ذاتك
alt

هل أنت من الذين يثقون في أنفسهم ؟ هل تتأثر بالنقد ؟ هل تؤثر فيك نظرة الناس ؟ لو تعرَّضت للّوم والتوبيخ هل ستتغيّر نظرتك لذاتك؟

كلنا مرّ بلحظات من التعرّض للّوم أو التوبيخ أو نظرة الناس الناقدة لما نقول أو نفعل ، لذلك يجب أن نجيب عن بعض الأسئلة حتّى نستطيع أن نتغلّب على تلك الأمور

1-    من أنت ؟

يجب أن يتعرَّف كلُّ إنسان على شخصيته معرفة تامّةً؛ يتعرَّف على مواطن القوَّة والضّعف في شخصيته، ومن هنا نستطيع أن نتحدَّث عن صفات القوَّة  في الشخصية، فمن صفات القوة :

أ‌-    الثقة في النفس : يؤكّد علماء البرمجة اللغوية أنَّ أهم شيء في قوَّة الشخصية هو عدم الخوف، أو ما يعبّر عنه بالثقة في النفس، ويعتبر  العلماء أنَّ أفضل طريقة للقضاء على الخوف أن تواجه ما تخاف منه. فلا يمكن لإنسان أن يكون قوياً ما لم يعالج ظاهرة الخوف عنده. والمشكلة أنَّ المواجهة تتطلب شيئاً من القوَّة، إذن العملية عكسية.

ب‌-    الظهور بمظهر الواثق من نفسه، فلا يُظهر أية أحزان أو هموم أو ضعف، لأنَّ الظهور بمظهر الإنسان الحزين يعطي انطباعاً بالضعف لدى الآخرين. إذن هنالك تأكيد من قبل العلماء على ضرورة عدم الخوف وعدم الحزن لتكسب الشخصية القوية.

هذا ما يقوله العلماء، ولكنّني كمؤمن أعود دائماً إلى كتاب الله تعالى. فكثيرة هي الآيات التي تتحدَّث عن الخوف، ونجد تأكيداً من الله تعالى على أنَّ المؤمن لا يخاف أبداً إلاَّ من خالقه عز وجل. يقول تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ *لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62-64].

والسؤال: لماذا تحدّث الله عن الخوف بصيغة الاسم (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ)، بينما تحدث عن الحزن بصيغة الفعل (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)؟ لنتأمل هذه الأشياء:

أ‌-    - الخوف هو ردّ فعل لا شعوري، وبالتالي ليس في تحكم الإنسان، فجميع الكائنات الحيَّة تخاف، فلذلك جاء بصيغة المصدر (خوف). بينما الحزن هو تصرّف شعوري وإرادي، ويمكن لإنسان أن يحزن وآخر ألاّ يحزن عند الظروف نفسها ، ولذلك جاء بصيغة الفعل(يحزنون).

ب‌-    - الآثار والنتائج التي يسبّبها الخوف أكبر من تلك التي يسبّبها الحزن، ولذلك قدَّم الله ذكر الخوف على ذكر الحزن في الآية الكريمة.

ت‌-    - الخوف يأتي من مصدر خارجي، لذلك جاءت كلمة (عليهم) لتعبّر عن المحيط الخارجي الذي يحيط بالإنسان. بينما الحزن يأتي من مصدر داخل الإنسان، ولذلك سبق هذا الفعل بكلمة (هم).

ث‌-    - لا خوف ...... عليهم :  الخوف أولاً ثمَّ (عليهم). للدلالة على سرعة الشعور بالخوف، وهو أجزاء من الثانية؛ أيّ أن الخوف هو عمل فجائي مباغت، وهذا ما يقوله العلم.

ج‌-    - ولا هم.......  يحزنون : (هم) ثمَّ الحزن. للدّلالة على أنَّ الإنسان هو الذي يقوم بالحزن، وهذا يستغرق زمناً قد يمتد لساعات، أي أن الحزن لا يكون فجائياً.
إنَّ هنالك طريقة مهمَّة لكسب شخصية قوية من خلال التأمل والتفكير والاسترخاء،. فيمكنك أن تجلس وتسترخي وتتذكر عواقب الخوف الذي تعاني منه، وبالمقابل تتذكر فوائد قوَّة الشخصية وعدم الخوف، وهذا سيجعل عقلك الباطن أكثر ميولاً لعدم الخوف، وبالتالي سوف تشعر بالقوَّة من دون أن تبذل أيّ جهد فيما بعد.
ح‌-    - الخوف يكون من المستقبل، بينما الحزن يكون على شيء مضى أو يعيشه في اللحظة نفسها، والمستقبل مجهول بينما الماضي معلوم، والإنسان يهتم بمعرفة المستقبل أكثر من الماضي لذلك جاء ذكر الخوف أولاً ليطمئن المؤمن على مستقبله، ثمَّ جاء ذكر الحزن ليطمئن المؤمن على ماضيه وحاضره، وبالتالي شمل جميع الأزمنة!

خ‌-    ولذلك أينما ذكر الخوف والحزن في القرآن، نجد الخوف يتقدّم على الحزن لهذه الأسباب. حتى إنَّ (الخوف) في القرآن قد تكرّر أكثر من (الحزن)، فسبحان الذي أحصى كلَّ شيء عدداً.

د‌-    إنَّ المؤمن الذي يعوّد نفسه على الخوف من الله تعالى، فلا يخاف أيّ شيء آخر. وإذا أردت أن تقضي على أيّ خوف مهما كان كبيراً فما عليك إلاَّ أن تستحضر عظمة الله، وتتذكر قوته وعظمته وتقارن ذلك بقوَّة الشخص الذي تخاف منه وحدوده، لتجد أنَّ كلَّ الدنيا لا تساوي شيئاً أمام قوَّة الله تعالى. وهذه العقيدة ستجعل الإنسان أكثر قدرة على المواجهة، وبالتالي تجعله أكثر قدرة على درء المخاوف.

يقول علماء البرمجة اللغوية العصبية:إنَّ هنالك طريقة مهمَّة لكسب شخصية قوية من خلال التأمل والتفكير والاسترخاء،. فيمكنك أن تجلس وتسترخي وتتذكر عواقب الخوف الذي تعاني منه، وبالمقابل تتذكر فوائد قوَّة الشخصية وعدم الخوف، وهذا سيجعل عقلك الباطن أكثر ميولاً لعدم الخوف، وبالتالي سوف تشعر بالقوَّة من دون أن تبذل أيّ جهد فيما بعد.

وهذا ما فعلته الآية الكريمة، فقد تحدّثت عن ضرورة عدم الخوف، وأعطتنا الطريق لذلك من خلال التقوى (يَتَّقُونَ)، وصورت لنا بعد ذلك نتائج ذلك (لَهُمُ الْبُشْرَى). أي هنالك حلول عملية يقدّمها القرآن للقضاء على الخوف، فأنت عندما تكون تقياً فذلك يعني أنّ علاقتك بالله تعالى ممتازة، ولذلك فسوف تحصل على القوَّة وتستمدها من القوّي سبحانه.


2-    كيف يراك الناس؟

هل يرونك أنانياً أم غيوراً أم مستبداً أم مادياً أم قاسياً أم متشائماً إلخ..

وهل تقديرك لذاتك يعتمد على نظرة الناس لك؟ كلّ منَّا ينظر للعالم حوله طبقا لمنظوره هو لا كما يجب أن يرى العالم، الناس يحكمون على الآخرين طبقا لخبراتهم هم لا طبقاً لحقيقة الآخرين

ولعلَّ هذه الرؤية تعزّزها هذه القصة:
كانت هناك قرية صغيرة لم يعرف أهلها التمدّن بعد، وكانوا يسمعون الأعاجيب عن المدينة وعاداتها المختلفة، وكانوا يريدون أن يعرفوا حقيقة ما يسمعون عنه طوال الوقت.

وفي أحد الأيام، سافر منهم رجلان إلى المدينة غابا لمدَّة، ثمَّ عاد واحد منهم التفوا حوله وسألوه : كيف وجدت المدينة ؟ كيف هم أهلها ؟ ما حقيقة ما كنا نسمع عنه ؟ أجابهم الرَّجل بثقة : لقد ذهبت بنفسي وعرفت الحقيقة، فالمدينة هي مرتع الفساد  وكل أهلها سكيرون لا يدينون بشيء، لقد كرهت المدينة عرف الناس الإجابة التي انتظروها طويلاً،  فانفضوا وعاد كل منهم لعمله وبعدها بأيام عاد الرّجل الثاني لم يهتموا بسؤاله عن رأيه  إلاَّ أنَّهم التفوا حوله حين وجدوا له رأياً لم يتوقعوه: لقد ذهبت بنفسي وعرفت الحقيقة، فالمدينة مليئة بدور العبادة  وكل أهلها متدينون طيبون  لقد أحببت المدينة أصيب الناس بالارتباك .

هل المدينة سيئة أم جيدة ؟  هل أهلها طيبون أم أشرار؟ لم يجدوا مجيباً على هذا الأسئلة إلاَّ حكيم القرية كان شيخاً كبيراً خبر الحياة وعرف الكثير، ويثق الجميع في رأيه.

كان هو ملاذهم الوحيد، ذهبوا إليه بالقصة وسألوه : أحدهم قال: إنَّ المدينة فاسدة مليئة بالأشرار، والآخر قال إنَّها مدينة فاضلة مليئة بالأطهار أيّ منهم نصدق ؟ أجاب الحكيم  : كلاهما صادق.
وحين رأى نظرات الحيرة على وجوهه استطرد : الأوَّل، لا أخلاق له  لذا ذهب إلى أقرب حانة حين وصل للمدينة فوجدها ممتلئة بالناس.

بينما الثاني ، متديّن صالح، لذا ذهب إلى المسجد حين وصل للمدينة ، فوجده ممتلئاً بالناس وأضاف : من يرى الخير فهو لا يرى إلاَّ ما في داخل نفسه، ومن يرى الشر فهو لا يرى إلاَّ ما في داخل نفسه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …