لست أدري لم يتأهب المسلمون خاصة لحدث رأس السنة الميلادية و يتجاهلون حدثا أعظم مرتبط بهم ألا و هو رأس السنة الهجرية! و كأننا سلخنا أنفسنا من رزنامتنا التي تمثل تاريخنا و ألصقنا أنفسنا عنوة ~مرحب بها طبعا~ على رزنامة غيرنا..
ناهيك عن كل الحفلات و السهرات التي تنتظر روادها من كل شكل و لون لتكون بداية العام الميلادي الجديد بداية سعيدة! و الكثير مع الأسف يتهافتون إلى تلك الأماكن بلا وعي أو إدراك أم لعله بوعي و إدراك تامين لعقل غيب عن الاستقامة و الصلاح و انغمس في الشهوات و الفساد و الانحلال فصار الخيار واضحا بين المحراب و أماكن اللهو تلك! لترجح كفة اللهو و بجدارة أمام نحيب المحراب لشباب هذه الامة الضائع المنساق كالبهائم وراء كل ما يفسد العقل و القلب و الروح..
و الطامة الكبرى أن موعد هذا الحفل البهيج يتزامن مع ذكرى معركة الفرقان و بالأخص مع ذكرى استشهاد رجل من رجال الأمة ~الصاحية~ نزار ريان الذي قصفته صواريخ الموت ليرتقي شهيدا هو و أفراد من عائلته غدرا و غلا ممن نرفع لهم قبعاتنا احتراما و إجلالا و انصياعا و خذلانا..فأين نحن من هكذا رجل! أين نحن من هكذا مصير!! هل من سامع عاقل واع يصرخ في سبات شباب اليوم ليوقظهم من غفلتهم و يفتح عيونهم على الحقيقة المرة بأنهم بلا فائدة مرجوة إن هم استمروا بالمضي قدما في طريق الوحل الذي هم فيه! أما من مبلغ يهز فيهم النخوة و الكرامة و يعيد إلى ذاكرتهم صور الجريمة البشعة التي ألمت بغزة..ألم يأن الوقت في ظل هذه الصحوة الشعبية أن يصحو الشباب معها و ينظفوا أنفسهم من أوساخهم و يلتحقوا بركب من يحملون هم الأمة على أكتافهم و يجاهدون من أجل تحقيق الحرية المنشودة بعد طول حصار!
بين الميلاد و الهجرة..ولادة أمة! في مخاض عسير..الوقت ليس وقت احتفال..بل هو وقت وقفة جادة مع النفس..وقفة حساب قبل يوم الحساب..وقفة على مفترق طرق..فإما طريق يهدي إلى الحق و يوصل اليه و إما طريق الانصياع و طأطأة الرؤوس و الانقياد الأعمى وراء أسباب تخلفنا و ضياعنا و فسادنا..إما وقفة على سجادة الصلاة لنبدأ عاما نطلب فيه من الله الرضى و العفو عما مضى و تجديد العهد بأن نكون كما يرتضي لنا و يريد و إما وقفة على أرض تجمعت عليها أقدام الراقصين المحتفلين بعام جديد على طريقتهم الماجنة الضالة المضلة..و إما وقفة لا هي ربانية و لا هي شهوانية بل هو سبات عميق لأشباه البشر ؛ لا هم أحياء و لا هم أموات..إنما هم مجرد أسماء موجودة بلا أثر و لا تأثير تمضي مع التيار حيثما توقف توقفوا و حيثما مضى مضوا..
لكل منا حق الاختيار..فإما أن نكون ربانيين فنرزق حياة كريمة و ميتة عظيمة أو نكون عبادا للهوى فنحيا حياة اللامبالاة و الذل و تكون النهاية و لا أبشع أو أن نكون مغيبين لا فرق بين الحياة و الموت~كله ماشي~!
الطرق كلها مفتوحة و كلها تستقبل الوافدين إليها..فإلى أي الطرق تريد أن تسعى؟
الإجابة قد تكون سهلة ممتنعة و قد تكون صعبة معقدة! و النتيجة إما أن تكون همة تبني أمة أو ضياع يهوي بنا إلى القاع..
و لأنني أحب أن أنظر إلى الأمور بمنظار التفاؤل كما تعلمت من أستاذ جليل سأقتبس هنا جملته لأختم بها و أقول:"لا تيأس! خذ من شروق الشمس بعد غروبها درسا؛ فالشروق لا يأتي إلا بعد أن يأتي الغروب" و كان دوما يقول :" من قال هلك الناس فهو أهلكهم"(برفع الكاف او فتحها)..
و كل راس سنة و إنتو بخير!