تحدّيات عديدة تواجه العمل الدَّعوي داخل الحركة الإسلامية؛ منها وجود أفراد داخل الحركة غير محمّلين بمهام دعوية، في المقابل نجد أنَّ هناك أشخاصاً يتحمّلون أعباء دعوية ثقيلة لا يجدون الوقت الكافي للقيام بها، ولا يجدون في أنفسهم القوة الكافية لمواصلة هذا العمل، وهذا يؤدّي إلى :
1- شعور الفرد غير العامل بعدم الإنتاج، ممَّا يسبّب ضعفاً في ارتباطه بالحركة، لأنَّ عدم الإنتاج يجعل الفرد يحس بعدم أهمية وجوده داخل الحركة، وبالتالي لا يجد فائدة من الاستمرار داخل الصَّف، ومن ناحية أخرى نجد أنَّ الفرد العامل يجد في عمله ما يجعله يحسن من مستواه العبادي والدَّعوي والثقافي لأنَّه شخص منتج والانتاج الدَّعوي يحتاج دائماً إلى شحذ وإعداد واستزادة .
2- انكفاء البواعث والدَّوافع الرِّسالية والجهادية بسبب المشاغل والمغريات المختلفة، فالانشغال بالعمل الدنيوي والانشغال بالزوجة والأولاد هذا يسبب ضعفاً في دوافع العمل الدَّعوي والتضحية بالمال والنفس، لأنَّ العمل الدَّعوي يحتاج إلى تضحية ولا يحتاج إلى من يبحث عن المغنم الدنيوي، لهذا يجب على الحركة أن تسارع في تجويد وسائل التربية التي تجعل الفرد قوي العقيدة ذا إيمان راسخ قوي، لا تزعزعه المغريات والفتن، ثمَّ تستعين بما وجهنا إليه القرآن، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} ( المزمل:6) والمعنى : أن في قيام الليل تزكية وتصفية لسرك وارتقاء بك إلى المراقي الملكية.
يجب على الحركة أن تسارع في تجويد وسائل التربية التي تجعل الفرد قوي العقيدة ذا إيمان راسخ قوي، لا تزعزعه المغريات والفتن، ثمَّ تستعين بما وجهنا إليه القرآن
3- سقوط الفرد في لجة المجتمع ومتاهاته ووقوعه فريسة لهذا وذاك؛ هذا يشدّه إلى هذا الطريق أو ذاك، لذلك يجب على الحركة أن توفر للفرد البيئة الملائمة التي تساعده على التخلص من هذه الأجواء المثبطة التي تضعف من عزيمته وتعطل طاقاته وإمكاناته، وذلك بتوفير الصُّحبة الصَّالحة، فالله سبحانه وتعالى، يقول: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} (الكهف :28). ودائماً ما ينادي القرآن المؤمنين بصيغة الجمع، لأنَّ الجماعة حصن من الشيطان والشيطان أقرب من الواحد وأبعد من الاثنين، عن ابن عمر قال: ((خطبنا عمر بالجابي ، فقال : يا أيها الناس، إنّي قمت فيكم كمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا . فقال : أوصيكم بأصحابي ثمَّ الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلاَّ كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن" ويبين أهمية الاجتماع ولحمة الصفوف، وضرورة الترابط، وتقوية الأواصر، يقول تعالى في كتابه الكريم، وهو يحث عباده على لزوم الجماعة: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
لهذا، فإنَّ توظيف الأفراد داخل الحركة ونجاح الحركة في القيام بذلك واستغلال الطاقات والمواهب الموجودة لدى جميع أفرادها هو السبيل إلى النجاح المنشود، وقد تكون الحركة الإسلامية هي الأغنى بما تمتلك من طاقات وإمكانات، لكنَّها في الحقيقة غير موظفة كلّها، والموظف منها موظف جزئيا أو بشكل سيّء.
لذلك يجب على الحركة :
1- أن تضع من البرامج والمشاريع ما يتناسب ويتكافأ مع كلّ توجّه وتخصص. فيوجه بعض الأعضاء للعمل السياسي، وبعض الأعضاء يوجّه للعمل التربوي، وبعض الأعضاء يوجه للعمل الاجتماعي والخيري، ويجب أن نولّي عناية قوية بالجانب التربوي، لأنّه يعوّل عليه كل هذه الأعمال، فالجماعة لم تقم بالأعمال الأخرى من أجل الأعمال نفسها، ولكنَّها تقوم بذلك مرضاة لله وابتغاء لثوابه فيجب أن ننسى الهدف الأسمى والأكبر فبدونه لا جدوى لكلّ ما نعمل ونكون كالذين قال الله فيهم: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}(الفرقان :23) .
يجب على الحركة أن تضع من البرامج والمشاريع ما يتناسب ويتكافأ مع كلّ توجّه وتخصص. فيوجه بعض الأعضاء للعمل السياسي، وبعض الأعضاء يوجّه للعمل التربوي، وبعض الأعضاء يوجه للعمل الاجتماعي والخيري
2- أن تكتشف ميول أعضائها وتوجههم من خلال ميولهم بما يصبّ في المصالح الإسلامية التي تحدّدها وترسمها. وهذا ما كان يفعله الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، فكان يعلم قدرات الصَّحابة وخبراتهم وميولهم، ويوجّههم لما فيه صلاح لهم وللدَّعوة، وحينما طلب منه أبا ذر أن يوليه رفض النبيّ صلّى الله عليه وسلم أخرج مسلم عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني ؟ قال : ((إنّك ضعيف، وإنَّها أمانة، وإنَّها يوم القيامة خزي وندامة إلاَّ من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها)). بينما ولى النبيّ أسامة بن زيد رضي الله عنهما إمارة الجيش .
3- أن تشعر كلّ فرد في الحركة بأنَّ عليه مسؤولية، وأنَّ له موقعاً، وأنَّه عضو منتج ومتفاعل كائناً ما كانت مهنته أو مستواه، فبعض الحرفيين قد يلومون على الحركة عدم اهتمامها بهم، لذلك يجب الاهتمامُ بهم، وإشعارهم بأنَّ لهم دوراً مهمّاً داخل الجماعة، وإعطاؤهم دوراً يتناسب مع إمكانياتهم .
4- توظيف الأفراد في مجالات العمل التي تتناسب مع أعمارهم وظروفهم الاجتماعية.