ريَّان .. طلب الشَّهادة فنالها

الرئيسية » بصائر الفكر » ريَّان .. طلب الشَّهادة فنالها

 "مرحبًا بالشهادة في سبيل الله التي طال انتظارها، فقد عيل صبرنا في هذه الحياة الطويلة ونحن ننتظر أن نعود إلى جنة الخلد، وأن نصير ممن قيل فيهم: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. (آل عمران:169)، ومرحبًا بالصّحبة المؤمنة مع العصابة التي بايعت الله تعالى على الموت في سبيل الله، مرحبًا بمن لقي الله تعالى ويده على الزناد حتى الطلقة الأخيرة". بهذه العبارات والآيات الكريمات بدأ الشهيد نزار ريان وصيته، التي كشفت عن مدى حرصه على نيل الشهادة في سبيل الله.

وقد وضع  ريان – ولا نزكيه على الله تعالى-  هذه الكلمات البسيطة نصب عينيه، فكانت كل أنفاسه وحركاته تعايش هذه الغاية التي طالما سعى إليها فلم يدخر جهداً وبذلاً إلاَّ واستهدف به رضا الله تعالى، فكانت الشهادة أسمى أمانيه، فلم يترك طريقاً يقرّبه إلى الله تعالى، وإلى نيل الشهادة إلاَّ وسلكه، فتميز في رحاب العلم وأصبح عالماً يحثّ النَّاس على المعرفة وعلى الجهاد في سبيل الله،  وفي ميدان المعارك والقتال كان له دورٌ كبيرٌ في إعداد المجاهدين، بل كان ممَّن يقود المجاهدين بنفسه، ولم تمنعه مكانته العلمية والتنظيمية من أن يقوم بدور جندي بسيط يشارك في حفر الأنفاق التي تستغل لمناهضة الاحتلال الصهيوني.
انشغل بالشهادة حتَّى أن رسالة الدكتوراه التي نالها كانت حول أحاديث الشهادة والشهداء في السنة.

كانت وصيته رحمه الله ملخصاً لشخصيته الجهادية، فكان من بين ما حوت من كلمات أن أوصى مَن يقرأ هذه الوصية بمواصلة الجهاد في سبيل الله، وعدم الركون إلى الحلول الهزيلة؛ مؤكّداً على أنَّ بلاده أمانة في الأعناق، ولا يحل  التنازل لحظة واحدة عن خيار الجهاد حتى تعود.

كان نزار ريَّان رحمه الله على يقين تام بأنَّه سينال الشهادة، وأعلن بكل صراحة  في وصيته أنَّ  شهادته على يد اليهود هي مطلبه.

 مشهد الاستشهاد
 المجاهد نزار ريان كمثل العديد من قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن يظل في بيته متحدّياً الجرائم الصهيونية  خاصة وأنه كان صاحب مدرسة استخدام الدّروع البشرية لوقف استهداف منازل الفلسطينيين 

 اشتدت الحرب الصهيونية على غزة وبلغت ذروتها، ووسط حالة ترقب عالمي للعدوان الغاشم على غزة، أصرّ المجاهد نزار ريان كمثل العديد من قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن يظل في بيته متحدّياً الجرائم الصهيونية  خاصة وأنه كان صاحب مدرسة استخدام الدّروع البشرية لوقف استهداف منازل الفلسطينيين،  فقد قاد خلال سنوات ما بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة حملة شعبية منظمة هدفت إلى منع استهداف المنازل الفلسطينية بالصواريخ عبر تشكيل دروع بشرية، وكان يصعد مع مئات المواطنين إلى أسطح البنايات مردّدين التكبيرات في تحدٍّ واضح للاعتداءات الصهيونية.

قال في آخر أيامه لأطفاله - كما تنقل عنه زوجات أبنائه بلال وبراء ومحمَّد - : إنَّه كان يمازح أطفاله قائلا: "من يحب أن يستشهد معي" . فأجابه جميع أطفاله: "نحن يا بابا إمَّا أن نموت معاً أو نعيش معاً"، حتى أنَّ ابنه الصَّغير عبد الرحمن قال: "لا أستطيع أن أتخيّل يا والدي أن تستشهد ولا أراك بعدها أريد أن استشهد معك".

وقبل أن يستشهد بساعة واحدة توجهت زوجة ابنه الأكبر بلال إيمان عصفورة إلى منزله حيث استقبلها ضاحكاً: "هل تريدين أن تستشهدي معنا؟"، فأجابته نعم، فقال لها: "اللهمَّ تقبلنا جميعا شهداء"، وآخر ما رأته عصفورة هو أطفاله يلهون حوله وأحدهم يساعد والدته في مهام المنزل.

وفي اليوم الأول لعام 2009، استيقظ العالم على نبأ استشهاده  في قصف جوي صهيوني على منزله في مخيم جباليا مع زوجاته الأربعة وإحدى عشر من أبنائه وبناته 
 وفي اليوم الأول لعام 2009، استيقظ العالم على نبأ استشهاده  في قصف جوي صهيوني على منزله في مخيم جباليا مع زوجاته الأربعة وإحدى عشر من أبنائه وبناته تتجاوز أعمارهم ما بين عامين واثني عشر عاماً، استخدم خلالها العدو الصهيوني قنبلة واحدة تزن طناً كاملاً، أتت على منزله بالكامل فسوّي بالأرض تماماً. 

نشأته  وتعليمه ..

ولد  نزار ريان في 6-3-1959  في مخيم جباليا، وتعود أصول أسرته إلى قرية نعليا، إحدى قرى مدينة المجدل بعسقلان.

نشأ ريان في أحضان الدَّعوة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية، واعتقل مرَّات عديدة من قبل الاحتلال الصهيوني والسلطة الفلسطينية قبل أن تسيطر حماس على القطاع في يونيو 2007م.
 شغل ريان عضوية المكتب السياسي في حركة حماس لعدَّة دورات متتالية حتى استقالته من عضوية المكتب السياسي في عام 2008م، وذلك للتفرّغ للبحث العلمي.

تلقى تعليمه الأكاديمي في المملكة العربية السعودية والأردن والسودان، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1982، ثمَّ حصل على شهادة الماجستير من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية بعمّان عام 1990 بتقدير ممتاز، وبعد ذلك نال شهادة الدكتوراه في الحديث الشريف من جامعة القرآن الكريم بالسودان عام 1994م.

عمل أستاذاً في قسم الحديث بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة، وتلقى العلم على يد عدد من مشايخ الجهاد أمثال عبد الله عزام وسعيد حوَّى رحمهما الله.

الاعتقالات والمحن  ..

اعتقل الشيخ نزار ريان عدَّة مرَّات لدى العدو الصهيوني وأيضاً لدى السلطة الفلسطينية؛ حيث اتهم بإدارة  العمليات الاستشهادية، وقيل: إنَّه أرسل ابنه إبراهيم لتنفيذ إحدى تلك العمليات.
اعتقل مراتٍ عديدة من اليهود المغتصبين نحو أربع سنوات، ومن السلطة الفلسطينية عدَّة مرَّات، وعذّب هو وقادة حماس في سجون السلطة عذاباً أشدَّ ممَّا كان يحدث لهم في سجون المحتل.

 

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …