جولات هنية .. الصُّمود يجني الثّمار

الرئيسية » بصائر الفكر » جولات هنية .. الصُّمود يجني الثّمار

" هنية يقبِّل جبين المرشد العام للإخوان المسلمين في قلب العاصمة المصرية  القاهرة" ...  "هنية يزور اسطنبول ويستقبله النواب الأتراك داخل البرلمان بحفاوة بالغة" ...  "الرئيس السوداني عمر البشير يستقبل رئيس الوزراء الفلسطيني" ...   "تونس تستقبل هنية بحفاوة" ...

هذه بعض عناوين الصُّحف العربية التي تصدّرت الصفحات الأولى في الأيام القليلة الماضية، والتي تعكس حالة من كسر العزلة التي حاول العدو الصهيوني بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية، فرضها على حكومة غزَّة بعد انتخاب الشعب الفلسطيني لها .

جاءت  الزيارة للتأكيد على شرعية الحكومة الفلسطينية التي حصلت عليها  عبر الانتخابات الشرعية التي جرت في عام 2006م، وفازت فيها حركة "حماس" بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي.
جولات  هنية لبعض العواصم العربية نتيجة  لحالة الثورات العربية التي أزاحت أنظمة استبدادية طالما لعبت الدور الداعم للموقف الصهيوني في حصاره على غزة،
جولات رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية لبعض العواصم العربية جاءت نتيجة طبيعية لحالة الثورات العربية التي أزاحت أنظمة استبدادية طالما لعبت الدور الداعم للموقف الصهيوني في حصاره على غزة، وبالطبع في على رأس هذه الأنظمة نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك الذي شارك بشكل صريح في فرض الحصار على شعب غزة فحال دون وصول الأدوية والأغذية ومواد البناء عبر معبر رفح ،  بل وتصدَّى  للشعب المصري في محاولته لكسر الحصار على غزة ، فخلق حالة من العداء بينه وبين هذا الشعب الأبي الذي نظم المظاهرات وقوافل كسر الحصار ودخل في صدام معه ، أضافت إلى رصيد الكراهية الذي تراكم في صدور هذا الشعب ضد هذا النظام .

الربيع العربي وكسر الحصار ..

بالطبع  جاءت زيارات هنية وجولاته بمنتهى الحرية في العواصم العربية وصلت إلى حدِّ  زيارته مقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وهي الخطوة التي كان يصعب تصوّرها في ظل النظام السَّابق  لتصبّ في صالح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)  داخلياً وخارجياً، ممَّا هيَّأ لها مجالاً للعمل على كسر حصارها السياسي والاقتصادي الذي فرضته عليها إسرائيل منذ سيطرة الحركة على قطاع غزة عام 2007، فقد أصبح المحيط العربي  أكثر تأييداً للإسلام السياسي، وبالتالي فإنَّه أصبح أكثر قرباً من حركة حماس ذات الامتداد العضوي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، الأمر الذي يساعد قادة الحركة بمن فيهم هنية على التحرك وأن يستقبل في تلك الدول بشكل جيّد.

فكانت زيارة هنية رسالة للعالم الخارجي بأنَّ المشهد السياسي في المنطقة العربية قد تغير بفضل "الربيع العربي" حيث يدخل هنية القاهرة أمنا في الوقت الذي  زجّ فيه بمبارك وأعوانه في السجون.

شرعية المقاومة  ..

بات واضحاً أيضاً أنَّ الرجل الذي حوصر لسنوات لتبنيه خيار المقاومة وتعرّضت بلاده للحرب الغاشمة من قبل العدو الصهيوني يحصد الآن ثمار خيار المقاومة الذي تبناه، والذي ناهضه فيه كثير من الأنظمة العربية.
زيارة هنية تأكيد على فشل الحصار وتأكيد في ذات الوقت على الإعتراف بحكومة حماس
جاءت هذه الزيارة للتأكيد على الفشل الذّريع للحصار(الإسرائيلي)، والتأكيد على الاعتراف بالحكومة الفلسطينية المحاصرة، فاستقباله في القاهرة بهذه الصورة، وفي العديد من العواصم العربي إنَّما هو تناغم مع إيقاع الشعوب التي ثارت على الظلم والاستبداد لنيل الحرية، بل  إنَّ ميدان التحرير ذاته الذي تحول إلى رمز للثورة من أجل الحرية شهد في أكبر تجمع له مليونية لنصرة فلسطين في رسالة واضحة، بأنَّ تحرير فلسطين يبدأ بتحرير الشعوب العربية من نيل الأنظمة الخانعة للإمبريالية الغربية الدَّاعمة للمشروع الصهيوني الاستعماري.

فاستقبال هنية بهذه الحفاوة ليس استقبالاً لشخصه  - مع تقديرنا لذلك  - لكن إيماناً  بفكرة الجهاد والمقاومة والممانعة التي انتهجتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ودفعت في سبيل التمسك بها أرواح الآلاف من قادتها وأبنائها إضافة إلى أبناء الشعب الفلسطيني الدَّاعم لخيار المقاومة، كما برهن مشهد استقبال هنية على أنَّ قضية فلسطين وقضية القدس وقضية الأقصى، قضية وقضايا لا تغادر فكر كلّ مسلم حرّ .

بيد  أنَّ جولات هنية حملت رسالة غاية في الأهمية، وهي الاعتراف العربي والإسلامي بحكومة حماس رغم حالة التهميش التي حاول النظام المصري قيادة العالم نحوها، فما أن انهار النظام المصري وتصدرت الإرادة الشعبية المشهد إلاَّ وبدأت دول عربية أخرى تستجيب لرغبات شعوبها في التعاطي بشكل مختلف مع الملف  الفلسطيني الذي سيشهد تنامياً في المرحلة المقبلة مع الصُّعود الإسلامي في بلدان الرَّبيع العربي، وخاصة مع حصول الإخوان المسلمين في مصر على الأغلبية البرلمانية  وتأهبهم للمشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة التي بظني ستكون داعمة لخيار المقاومة.

جولات هنية سوف تجعل بعض العواصم العربية تشرع في التفكير في القضية الفلسطينية بشكل مختلف
بل إنَّ جولات هنية سوف تجعل بعض العواصم العربية تشرع في التفكير في القضية الفلسطينية بشكل مختلف حيث  يجب أن تتعامل مع هذه القضية  وفق الإيقاع العربي الجديد حتى لا تغرِّد خارج السِّرب، ومن ثمَّ تكون قبلة للمشكلات الجماهيرية  . 

وخلاصة القول: إنَّ الصمود الفلسطيني بدأ بالفعل يؤتي ثماره ، ويحمل في طياته رسالة أنَّ حكومة غزة أصبحت طرفاً في المعادلة الإقليمية لا يمكن تجاهلها في المستقبل  خاصة بعد حصولها على تأييد كثير من العواصم العربية الثائرة منها، والتي يتوقع أن تصلها الثورة قريباً.

 

 

 

 

معلومات الموضوع

الوسوم

  • تونس
  • فلسطين
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

    الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …