على امتداد مسيرتها الطويلة، حقَّقت حركة "حماس" إنجازاتٍ عديدةً خاصة منذ توليها زمام الحكم بعد فوزها في انتخابات 2006، حيث قدّمت للقضية الفلسطينية إضافات نوعية، ووضعت كلَّ صنَّاع القرار على مستوى العالم أمام اختبار حقيقي؛ عنوانه عدالة القضية واحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والحرية والاستقلال، وحقَّقت العديد من الأهداف.
فما هي أبرز الإنجازات التي حقَّقتها الحركة منذ توليها الحكم وفوزها في انتخابات 2006؟ وكيف تنظر حماس لجولة هنية الأخيرة؟ وماذا عن ملف الانتخابات؟ وما هي أبرز المعوّقات التي واجهت حكومة حماس؟ وما هي التصوّرات المستقبلية للحركة؟
هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها د.عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، خلال الحوار الذي أجرته معه مراسلة موقع "بصائر"، قبل ساعات من اعتقاله على أيدي قوات الاحتلال مساء أمس الخميس 19-1-2012، فإلى نصّ الحوار:
بصائر: بداية، ما هي أهم الإجازات التي حقَّقتها حكومة حماس منذ تولّيها الحكم وفوزها في انتخابات 2006؟
د.عزيز دويك: إنجازات حماس كثيرة كان آخرها زيارة أبي العبد هنية للعديد من الدول العربية الأمر الذي أعطى القضية الفلسطينية زخمها بين قضايا الأمَّة وربط الشعب الفلسطيني بشعوب الأمَّة وإرادتها التي خرجت ضد الطواغيت وضد الأنظمة الديكتاتورية، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
أمَّا في إطار الصُّمود أمام العدوان الإسرائيلي والحصار فحدِّث ولا حرج، فالشعب الفلسطيني بحكومته ضربوا أروع الأمثلة، وهذا يدلّ على أصالة الحركة وتجذرها في الشعب.
كما قامت بفرض الأمن والاستقرار بدرجة كبيرة، وقضت على الفساد وهذا ما شهد به الأقربون من الفصائل الأخرى بأنَّهم يعيشون في غزَّة بحالة من الأمن غير المسبوق، كما أنَّ أحد المستقلين ولا أريد أن أذكر اسمه قال بالحرف الواحد : "والله ننام في بيوتنا والأبواب غير مغلقة".
وإذا أردت أن أقيّم إنجازات الحركة، فهي على درجة عالية، لأنَّها صبرت وصمدت في وجه كل شيء، و والله لا أعلم أرض تحت السَّماء يحترم فيها شرع الله مثل غزة.
بالإضافة إلى إبراز ملف الأسرى الفلسطينيين وإطلاق عدد كبير منهم تمثل بإطلاق 1027 أسيراً، وإعادة توازن الرُّعب، وحماية مشروع المقاومة واستمراره على الرغم من دخولها للحكومة.
بصائر: وما هي أبرز المعوّقات التي وقفت سدّاً منيعاً أمام حكومة حماس؟
د. عزيز دويك: أولها كانت الأنظمة الديكتاتورية والنظام البائد في مصر، والذي فرض الجدار الفولاذي وحاصر غزة أشدَّ حصار، كما أنَّ ضعف الموارد والإمكانيات كان أحد المعوّقات الكبيرة، بالإضافة إلى وراثة عهد بائد كلّه فوضى وفلتان أمني.
لم يكن لحركة حماس علاقات دولية أو عربية، ولا أموال في خزينتها، ولا تحالفات داخلية لديها، ولا اعتراف دولي بها، و اعتبارها منظمة إرهابية من قبل النظام الأمريكي
كما أنَّه لم يكن لحركة حماس علاقات دولية أو عربية، ولا أموال في خزينتها، ولا تحالفات داخلية لديها، ولا اعتراف دولي بها، بالإضافة إلى سيطرة النظام الأميركي على العالم وعدم وجود منافس له، وخوض هذا النظام الحرب الطويلة ضد ما يسمَّى بالإرهاب، وإدراج حماس على جدوله كمنظمة إرهابية، وشنّ حرب كانت الأشرس ضد قطاع غزة استمرت 23 يوماً بلا توقف.
كما أنَّ بعض تيارات فتح الأمنية حاولت زعزعة الملف الأمني، ونشر الفوضى لعرقلة عمل حركة حماس.
بصائر: نسمع يومياً عن قرب موعد الانتخابات، لو تحدّثنا عن تفاصيل هذا الملف، هل أنتم جادون بذلك أم أنَّه من باب التصريحات الإعلامية؟
د.عزيز دويك: قلنا منذ يومين للمنظمات المسؤولة : إنَّ الأجواء مهيَّأة لإجراء الانتخابات، لكن كان الجواب بأنَّها لم تتهيَّأ ولا بنسبة 1% ، بسبب الظروف الأمنية وسياسة العصا والجزرة، فكيف ندخل البلاد ونحن نواجه عقبات كبيرة تحول دون ذلك.
الانتخابات لم تتهيأ ولو بنسبة 1% بسبب الظروف الأمنية وسياسة العصا والجزرة، وهي تحتاج إلى سنة من الأجواء المناسبة لإجرائها.
وما تمَّ تسريبه بخصوص الاتفاق على موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أيار المقبل كان الاتفاق مع الإخوة في فتح على أن تجري الانتخابات بعد سنة من توقيع المصالحة، ولكن ذلك كان مرتبطًا بتنفيذ المصالحة التي لم تحصل، أمَّا الآن، فإنَّ الانتخابات تحتاج إلى سنة من الأجواء المناسبة لإجرائها، ومع ذلك من الممكن التوافق على موعد مناسب.
بصائر: أفهم من حديثك أنك تستبعد حدوث انتخابات خلال المرحلة الحالية؟
د.عزيز دويك: لا أقول مستبعدة، لكن أقول: إنَّه يجب أن تكون هناك حكومة بعيدة عن هذه العقبات، وأن تكون الأجواء مهيأة .
بصائر: إن حدثت انتخابات كما يقول البعض، هل تتوقع أن تفوز حركة حماس، ألا تخشون فشلكم؟
إذا حدثت الانتخابات، فنحن واثقون بنصر الله { وما النصر إلا من عند الله}، وهذه حركة ربانية تُغير الآن موازين القوى وحقّ لها أن تنتصر.
د.عزيز دويك: أقول بأنَّ الإسلاميين نجحوا في مصر وليبيا وتونس والجزائر، ونحن إن شاء الله في طريقنا إلى النجاح، وإذا حدثت الانتخابات، فنحن واثقون بنصر الله { وما النصر إلا من عند الله}، وهذه حركة ربانية تغير الآن موازين القوى وحقّ لها أن تنتصر.
بصائر: كيف تقيّمون جولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية؟ وما هي أبرز نتائجها؟
د.عزيز دويك: إنَّ جولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية العربية شكلت إعلاناً عربياً وإقليمياً لكسر الحصار الجائر الذي عانت منه غزَّة لسنوات طويلة، والجولة كانت إيجابية وحميمية، كما ناقشت الجولة ملفات مهمَّة كقضايا القدس والاستيطان والحصار وحشد الدعم العربي والإسلامي لفلسطين والأمَّة في هذا الوقت.
أمَّا أبرز النتائج، فكانت سياسية على المستوى العام حول النقاط المشار لها سابقاً، وعلى المستوى الفني والإداري في قضايا تخصّ الوزارات، وتقديم الدعم المتنوع للحكومة.
بصائر: لطالما سمعنا كثيراً عن عقد حوارات وجلسات من أجل المصالحة بينكم وبين حركة فتح، لكن دون نتائج تذكر، فما الذي يحدث وراء الكواليس؟
د.عزيز دويك: الذي يحدث أنَّ ملف المصالحة يسير ببطء شديد، لكنَّه إلى الأمام وفي تطوّر، لكن المعادلات في المنطقة وحشر الأنف الإسرائيلي يجعل الملفات تتعقد أكثر، وهي الآن في "مهب الريح".
اتفاق المصالحة الفلسطينية ينصّ على وقف التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وجعل الشأن الفلسطيني الداخلي والمصلحة الفلسطينية فوق أيّ اعتبار، والرَّئيس أبو مازن بين خيارين؛ إمَّا الاستمرار في التنسيق الأمني أو تنفيذ اتفاق المصالحة
واتفاق المصالحة الفلسطينية ينصّ على وقف التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وجعل الشأن الفلسطيني الداخلي والمصلحة الفلسطينية فوق أيّ اعتبار، والرَّئيس أبو مازن بين خيارين؛ إمَّا الاستمرار في التنسيق الأمني أو تنفيذ اتفاق المصالحة، والأمر يحتاج إلى "كاريزما" وقيادة سياسية واعية همّها ما يكتب التاريخ عنها في المستقبل.
والمصالحة هي قدر استراتيجي للفلسطينيين لا يمكن أن نحيد عنه بأيّ حال من الأحوال، وبالتالي الانسجام مع هذا القدر الاستراتيجي يقتضي جرأة وشجاعة، والكل يعلم أنَّ الاحتلال لم يعط لنا شيئاً على مدار 18 سنة من المفاوضات، والمطلوب أن نقف موحّدين في وجه هذا الاحتلال وفي وجه أيّ قوَّة تنحاز لهذا الاحتلال، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن للأسف بعض الأطراف لا تتفهم ذلك، والجميع ينتظر موقفا جريئاً وواضحاً من الرَّئيس أبو مازن ليقول للعالم كلّه: إنَّ خيار المصالحة هو القدر الاستراتيجي الذي لا حياد عنه، وأن ما يتعارض مع المصلحة العليا للشعب الفلسطيني يجب أن نسقطها دائماً من اعتبارنا.
بصائر: بالنسبة لملف المعتقلين السياسيين لدى الحركتين، ما هي آخر تفاصيله، وإلى ماذا توصلتم؟
هناك جهات أمنية تحاول عرقلة تنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء ملف المعتقلين السياسيين، من خلال مواصلتها لاستدعاء الكثير من عناصر وكوادر الفصائل الفلسطينية.
د.عزيز دويك: هناك جهات أمنية فلسطينية تحاول عرقلة تنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء ملف المعتقلين السياسيين من خلال مواصلتها لاستدعاء الكثير من عناصر وكوادر الفصائل الفلسطينية، وهذه الاستدعاءات الغرض من ورائها هو عرقلة إنهاء هذا الملف، كما أنَّ ملف الفصل الوظيفي وملف الاعتقال السياسي والآليات لإنهاء هذه الملفات موجودة في ورقة المصالحة الفلسطينية.
وقرار السلطة وحركة فتح يخضع للأخ أبو مازن، ولا نتوقع أن تقوم الجهات الأمنية بالضفة بمخالفة قرارات الأخ محمود عباس وقيادة السلطة وفتح، ونحن نرفض استمرار التنسيق الأمني بأيّ شكل من الأشكال، ونرفض الاعتقال السياسي.
بصائر: ما هي رؤيتكم لمستقبل حركة "حماس"، والفصائل الأخرى؟
ليس لنا إلاَّ الاستمرار في المقاومة و الجهاد، حتى يستسلم العدو و يسلّم لشعبنا بحقوقه وعودته بمشيئة الله وتحقيق النصر، لأنَّ الاستسلام والاعتراف بإسرائيل يعني الهزيمة والعودة إلى نقطة الصّفر، وهو جريمة في حقّ دماء الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين.
د. عزيز دويك: نحن أمام صراع طويل و مرير مع عدوٍّ يمتلك كافة وسائل القوَّة، و تدعمه القوَّة العالمية الغاشمة، وهذا الصراع يحتاج منَّا إلى مزيد من الصَّبر والتعاطف والتكاتف الشعبي.
و ليس لنا إلاَّ الاستمرار في المقاومة و الجهاد، حتى يستسلم العدو و يسلّم لشعبنا بحقوقه وعودته بمشيئة الله وتحقيق النصر، لأنَّ الاستسلام والاعتراف بإسرائيل يعني الهزيمة والعودة إلى نقطة الصّفر، وهو جريمة في حقّ دماء الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين.
ويجب أن يتعالى الجميع على جراحه وبرامجه وتكتيكاته، ولا يمكن أن ينتصر الشعب الفلسطيني ما دامت فصائله الوطنية تبني إستراتيجيتها على تدمير الفصائل الأخرى أو تتخذ الاحتلال داعما لها.
فلا بد أن يكون كلّ فصيل فلسطيني داعم للفصيل الآخر، وليس مناقضاً له، فالشعب الفلسطيني لا يستطيع الانتظار طويلاً في وضع كهذا.
والمطلوب من حركة فتح أن تتحلّى بالرؤية الوطنية، والتي تسمح لها بالتوصل إلى الاتفاق على إنهاء ملف المصالحة والمعتقلين السياسيين من دون إيجاد أعذار أو شروط أخرى حتى يتسنى لنا إجراء الانتخابات.