إنَّه أبو الوفاء ابن عقيل علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي عالم العراق وشيخ الحنابلة في وقته.
هو المقرئ، والفقيه، والأصولي، والواعظ، والمتكلّم، يقول الإمام ابن رجب واصفاً براعته في هذه العلوم بقوله: (كان رحمه الله بارعاً في الفقه وأصوله، وله في ذلك استنباطات عظيمة حسنة، وتحريرات كثيرة مستحسنة، وكانت له يدٌ طولى في الوعظ والمعارف).
وممَّا أنعم الله عليَّ أن حبِّب إلي العلم، فهو أسنى الأعمال وأشرفها
وإلى جانب ذلك كان متوقد الذكاء، غزير العلم، قال ابنُ الأثير في الكامل: (كان حسن المناظرة سريع الخاطر). وقال ابن السلفي : (ما رأيت مثله وما كان أحد يقدر أن يتكلَّم معه لغزارة علمه وقوَّة حجَّته). وقال ابنُ الجوزي: (كان قوي الدِّين حافظاً للحدود، وكان كريماً ينفق ما يجد).
ولد سنة 431هـ، وتوفي سنة 513هـ، وصلّي عليه في جامع القصر والمنصور. قال ابنُ ناصر : حزرتهم بثلاثمئة ألف، ودفن قرب الإمام أحمد بن حنبل، قاله ابنُ رجب.
عاش الإمام أبو الوفاء ثلاثة ثمانين عاماً، وترك كتاباً سمَّاه (الفنون)، في 400 مجلد.
كتاب (الفنون) ..
صنَّف الإمام أبو الوفاء كتاباً كبيراً في (400) أربعمئة مجلد سمَّاه (كتاب الفنون)، قال الحافظ الذهبي في تاريخه: لم يصنّف في الدنيا أكبر منه، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربعمائة، وقال بعضُهم: (هو ثمانمائة مجلد).
قال الجوري عن كتاب (الفنون): (جعله مناطاً لخواطره وواقعاته، وضَمَّنَه الفوائد الجليلة في العلوم المختلفة).
عاش الإمام أبو الوفاء ثلاثة ثمانين عاماً، وترك كتاباً سمَّاه (الفنون)، في 400 مجلد
فراق المحبوبين ..
صنَّف الإمام أبو الوفاء كتاباً كبيراً في (400) أربعمئة مجلد سمَّاه (كتاب الفنون)، قال الحافظ الذهبي في تاريخه: لم يصنّف في الدنيا أكبر منه، حدثني من رأى منه المجلد الفلاني بعد الأربعمائة
كان لأبي الوفاء ولدان توفيّا في حياته، أمَّا الأوّل فهو أبو الحسن عقيل، ولد سنة 481هـ، كان في غاية الحسن. وكان شابًا، فهمًا، ذا خط حسن. وكان فقيهًا فاضلاً يفهم المعاني جيّدًا، ويقول الشعر، توفي سنة 510هـ.
وأمَّا الثاني فهو أبو منصور هبة الله؛ عاش نحو 14 سنة، ولد سنة 474هـ، وحفظ القرآن وتفقه وظهر منه أشياء تدل على عقل غرير، ودين عظيم، ثمَّ مرض وطال مرضه، وأنفق عليه أبوه مالاً في المرض، وبالغ.
قال أبو الوفاء: قال لي ابني، لما تقارب أجله: يا سيدي قد أنفقتَ وبالغتَ في الأدوية، والطب، والأدعية، ولله تعالى في اختيارٌ، فدعني مع اختياره. قال: فو الله ما أنطق الله سبحانه وتعالى ولدي بهذه المقالة التي تشاكل قول إسحاق لإبراهيم: {افعَل مَا تُؤمَرُ} (الصافات: 103)، إلاّ وقد اختاره الله تعالى للحظوة. توفي رحمه الله تعالى سنة 488هـ .
ولوفاة ولديه، حمل أبو الوفاء رحمه الله في نفسه من شدة الألم أمرًا عظيمًا، ولكنه تصبَّر، ولم يظهر منه جزع. وكان يقول: (لولا أن القلوب توقن باجتماع ثانٍ لتفطرت المرائر لفراق المحبوبين).
من أعظم منازع الإسلام، وآكد قواعد الأديان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح؛ فهذا أشق ما يحمله المكلف، لأنَّه مقام الرُّسل
من أقواله :
(إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك ، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة). والمواطأة أي: الموافقة.
(تقلبت على الدُّول، فما أخذتني دولة ولا عامَّة اعتقد أنَّه الحق، وأوذيت من أصحابي حتَّى طلب دمي، وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس، وقلت: يا مَنْ خفت لأجله لا تخيب ظني فيك فعصمني الله تعالى).
(من أعظم منازع الإسلام، وآكد قواعد الأديان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح؛ فهذا أشق ما يحمله المكلف، لأنَّه مقام الرُّسل، حيث يثقل صاحبه على الطباع، وتنفر منه نفوس أهل اللذات، ويمقته أهل الخلاعة، وهو إحياء السنن وإماتة البدع).
مراجع للاستزادة :
- طبقات القرَّاء للذهبي.
- ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب.
- شذرات الذهب لابن العماد.