تحقيق الالتزام مع الذات..خطوات

الرئيسية » بصائر تربوية » تحقيق الالتزام مع الذات..خطوات
alt

 إنَّ معظم حالات القلق التي يعاني منها النَّاس اليوم تأتي بسبب سوء إدارة التزاماتهم مع ذواتهم، ولعلك تتساءلين عزيزتي القارئة عن هذا المبدأ الذي يطلق عليه اسم : الالتزام مع الذات.

هل جربت يوماً أن تتخذي قراراً داخلياً بالصَّمت تقرّباً إلى الله ؟ أو لعلك قرَّرت أن تقلّلي من كمية الطعام حفاظاً على وزنك وصحتك، وكي تكوني خفيفة قادرة على عبء قيام الليل ومكابدته، فهذه بجملتها التزامات مع الذَّات، وتتطلب منك الآتي:-

1. أولا وقبل كلِّ شيء استشعري النية الخالصة بالتقرّب إلى الله تعالى ومجاهدة النفس امتثالاً لقوله تعالى:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سلبنا}. العنكبوت.

2. يجب أن تصفي ذهنك تماماً وتسألي نفسك السُّؤال الجوهري : ماذا أريد؟ فإذا كان الذّهن مشوّشاً أو هناك الكثير من الأمور التي تشغل بالك، فلن تنجزي بكفاءة ، فالأفكار الكثيرة في الذهن كالسلة الممتلئة تماماً فهي لا تدع مجالاً لشيء جديد يوضع فيها.
فالالتزام مع الذات يتطلب ذهناً صافياً ورغبة واضحة لهدف محدَّد، فيصبح لديك عند الإجابة على هذا السُّؤال ما يطلق عليه: اسم الأولويات.

3. حدِّدي ماهية هذا الالتزام وما يتطلبه من جهد، وما ينبغي أن تقوم به من خطوات، فعلى سبيل المثال إذا كان التزامك مع ذاتك على حفظ كتاب الله عزّ وجل فإنَّ الأمر يحتاج إلى نيَّة وخطة مكتوبة تساعدك على الإنجاز والتقدّم خطوات في سبيل تحقيق هذا الالتزام.

4. ستحتاجين إلى آلية معيّنة بينك وبين ذاتك على تذكريك بمسؤولياتك، وعلى سبيل المثال: يمكنك أن تضع الملصقات أمامك كلَّ صباح وعليها عبارات تحفيزية وتذكرية بالتزامك وهذا حريٌّ أن يشعرك بالرَّغبة والحماس نحو التزامك، وأهم من هذا كلّه ستكونين مسؤولة أمام ذاتك عن تحقيق ما تريدين.

5. اسألي نفسك دائماً : هل لديَّ المعلومات الكافية  عمَّا التزمت به مع ذاتي؟ أم إنَّ ما قرَّرت أن أفعله إنَّما هو محض تفكير بحت، ولكنَّه يقتقر إلى العلم بكنهه، فعلى سبيل المثال: إذا كان التزامك هو دعوة النَّاس إلى الله سبحانه، وقد عاهدت الله على ذلك، ثمَّ التزمت وانطلقت، فهل هذا يكفي وحده؟ بالطبع لا، فإنك بالتأكيد ستحتاجين إلى معرفة علمية بأنماط شخصيات النَّاس وأنواع النفوس ومعرفة بأمور الدّين والتاريخ وعدَّة علمية في الإعجاز والتفسير والفقه.

ومن أهم معايير اختيار القيام بأيّ عمل أو التزام:
1. ماذا يتطلب العمل؟ فهل يتطلب من أدوات للقيام به كالهاتف أو الكمبيوتر.
2. الوقت المباح: وهو الإجابة على السؤال " متى يجب على القيام بهذا الأمر؟
3. طاقتي: ويجب أن أسأل نفسي : كم من الطاقة والجهد اللازمَين للقيام بهذا الالتزام، هل يجب أن أكون في الصباح في قمَّة نشاطي وإبداعي ؟ أم إنَّ الأمر قد يحتاج القليل من الطاقة، وهكذا...
4. " أولى لك فأولى" ونقصد بلك إدارة الأولويات، فيجب أن أسأل ذاتي دائماً هل مساعدة الآخرين أولى من مساعدة عائلتي؛ كالعمل في ترسيخ العقيدة في ذهن أبنائي؟ أو مدارستهم كتاب الله عزَّ وجل؟
ومع هذه المعايير عند القيام بأيّ التزام، فإنه وبالتأكيد لو لم يكن لدى الشخص رؤية واضحة لما يريد فعله في حياته أو تصوّر عميق للنجاح الذي يريد أن يبلغه، وهذا يكون عندما نجيب على سؤالين في داخلنا وهما: ماذا أريد؟ ولماذا؟
فعلى سبيل المثال لو كان الهدف مرَّة أخرى هو حفظ كتاب الله عزَّ وجل، فيجب أن أتصوَّر الهدف من وراء القيام بهذا الالتزام، وأن أسأل نفسي دائماً: لماذا أريد حفظ كتاب الله؟ فإنَّه عزيزتي القارئة  ثبت علمياً أنَّ إجابتك على هذه الأسئلة تجعل الشعور حليفاً حقيقياً لك؛ ليساعدك على الإنجاز.

قوَّة التركيز
إنَّ التركيز على أمر ما وشحذ الهمَّة باتجاهه والقيام به فهو خير من القيام بثلاثة أعمال مبتورة الجوانب ويتم القيام بها بدون الإتقان المطلوب، فالتركيز قوَّة ضاربة مركزها العقل الذي يجمع المعلومات حول الأمر، ويساعدك في القيام بالأمر وكيية القيام به.
فالعقل مثل جهاز الحاسوب تماماً يبحث لك عندما تحدّد التزاماً واضحاً مع ذاتك وفق المعايير التي تمَّ ذكرها سابقاً، فإنَّه يساعدك على بناء تفاصيل ما قمت بتحديده، فنحن لا نلاحظ إلاَّ ما يتماشى مع اعتقاداتنا الداخلية التي مصدرها العقل.

قوة التنظيم
يأتي التنظيم كمرحلة علمية في حياة من خط لنفسه هدفاً عندما تحدّد الأولويات وتعرف نتائج هذه الأولويات،  وما هو أهم عامل يحدّد نجاح هذه الأولويات في خدمة التزاماتي نحو ذاتي.
ويتحدَّد هذا الأمر بخط زمني، ويكون بتحديد مدة كافية للأمر، أو إذا كان أكثر في أوقاته يتم تحديد كافٍ لكلِّ منهم، فإذا كانت التزاماتي ممارسة الرياضية يومياً وتعلّم شيء يفيدني في دنياي وآخرتي، فإنَّه يجب أن أنظّم الوقت؛ بحيث أخصص ساعة للرِّياضة من 9-10صباحاً مثلاً ، وأن أقوم بالقراءة من 3-4 ومشاهدة برنامج مفيد يصبّ في الهدف نفسه، وأحدّد وقته.

وفي معرض إدارة الأوليات يجب أن أضع في اعتباري الأسئلة التالية:
1. ماذا أريد بالضبط؟
2. أين أنا الآن؟
3. هل أعرف الاتجاه الصَّحيح لتحقيق ما أريد؟
4. هل لدى الأدوات الكافية لتحقيق هذا الأمر.

وقبل ذلك، أتذكَّر أن أحاسب نفسي قبل النوم حساباً دقيقاً نحو مسؤولياتي وأهدافي والتزاماتي، فهذا ما سيساعدني في وضع أوَّل الأولويات موضعها السليم، وهكذا..

وهذه الأسئلة من الضَّرورة بمكان أن نقوم بممارستها دائماً، لأن الإنسان لن يقوم بأداء التزام لا يريده هو أو التزام يعدُّ أولوية عند غيره ، فعند تحديد ماذا تريدين بالضبط، وأنك بحاجة للقيام به، فإنك ستلتزم به مع ذاتك بنسبة 100%

مراجع للاستزادة:
 لوِّن حياتك – خالد المنيف
 David Allen-Getting things done

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …