” تماسك الدَّعوة ” فتِّش عن ركن الثقة (1-3)

الرئيسية » بصائر من واقعنا » ” تماسك الدَّعوة ” فتِّش عن ركن الثقة (1-3)
alt

ليس هناك أمر أهم  من قضية تماسك الصَّف الدَّعوي، والحرص على وحدته، وعدم تشتّت الكلمة وتفرّقها، فهذه القضية هي المعيار الرَّئيس لبقاء أيّ دعوة واستمرار عملها، أو اندثارها وتفرّقها إلى فرق وشيّع متعدّدة.

والثقة  من أبرز الأمور التي تحقّق هذا التماسك، من حيث الحفاظ على ماهية الجماعة وحقيقتها، وترابطها ووحدتها، ودوام واستمرار عملها وإنجازاتها.

ولهذا نجد الإمام البنا رحمه الله، قد اعتبر الثقة واحدة من الأركان العشرة للدَّعوة المباركة، لأنَّها صمَّام أمان وحدة الجماعة، فبالتمسك بها وبغيرها من الأركان استمرت الجماعة عقوداً طويلة، في مسيرتها نحو الرّقي بالفرد والمجتمع، وإصلاح الأوضاع وتغييرها نحو الأفضل، التمسك بالثقة وبغيرها من الأركان أدى إلى استمرار الجماعة عقوداً طويلة، في مسيرتها نحو الرّقي بالفرد والمجتمع، وإصلاح الأوضاع وتغييرها نحو الأفضلوقد تجلّى ذلك بوضوح، في الرَّبيع العربي المبارك، الذي كان لجماعة الإخوان المسلمين، في كافة الأقطار دور بارز في إيجاده، عبر مقاومتها لمحاولات الاستبداد بالسلطة، ورفضها لقمع واضطهاد المصلحين، وتقديم الرّؤى والتصورات للنهوض بالمجتمع، وتجاوز مشاكله، سواء بالعمل السياسي، أو الاجتماعي والخيري، أو الديني والشرعي، الأمر الذي كان له دور بلا شك في زيادة الوعي العربي بواقعه، وكشف عن حقيقة مغتصبي السلطة واستبدادهم، الأمر الذي ساهم بالإضافة إلى غيره من الأمور في انطلاقة الربيع العربي، ناهيك عن دور الجماعة في  زيادة شعلة هذا الربيع واستمراره وسيره نحو الغايات المنشودة، وهي سقوط الاستبداد ومحاربة الفساد، عبر مشاركتها الفاعلة فيه، وتبنّيها لمطالب الشعوب والمجتمعات.

وممَّا لا يخفى على أحد، أنَّ هذه الجماعة، نظراً لدورها البارز، ومكانتها في نفوس الشعوب العربية والإسلامية، وتصدرها للمشهد السياسي في كثير من الدول، كمصر، وفلسطين، وتونس، والأردن، وغيرها من الدول، قد تعرَّضت لحملات عنيفة وشرسة من التشويه والانتقاص للمنهج والقيادات، وللفكرة والأفراد، خصوصاً في وقتنا الحالي، الأمر الذي يفرض على أبناء الجماعة التمسك بركن الثقة، والحرص كلّ الحرص على عدم التفريط أو التقليل من شأنه لما يجلب على الجماعة ودعوتها، من ضعف ويأس وإحباط.

الثقة اطمئنان بين الفرد والقيادة، وكذلك بين القيادة والفرد، والأفراد والمنهج، بحيث يكون اطمئناناً قوياً ثابتا محكماً، لا تؤثر فيه عوامل خارجية، أو داخلية، أو نفسية
مفهوم الثقة وأهميتها
الثقة في اللغة تأتي بمعنى الائتمان، والاطمئنان القلبي، وقد تأتي بمعنى الثبات والقوة والإحكام والاتقان.

والثقة في المفهوم الحركي يقصد بها كما وضحها الإمام البنا بأنَّها "اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه، اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام" .

لذا فالثقة اطمئنان بين الفرد والقيادة، وكذلك بين القيادة والفرد، والأفراد والمنهج، بحيث يكون اطمئناناً قوياً ثابتا محكماً، لا تؤثر فيه عوامل خارجية، أو داخلية، أو نفسية، فالثقة بالقيادة على سبيل المثال، تعني اعتبار الأوامر الصَّادرة عن القيادة في غير معصية، قاطعة لا مجال فيها للتردد أو للانتقاص، مع إسداء النصح والتنبيه إلى الصواب.

وإضافة لما سبق، فإنَّ الفرد في الجماعة، لابد وأن يفرض في نفسه الخطأ، فلا يعتبر نفسه معصوماً عن الأخطاء وسوء الفهم والتقدير، وفي الوقت نفسه، لابد وأن يفترض الصواب في قيادته في المسائل الاجتهادية المعروضة، فلا يحكم على قراراتها بأنَّها غير واعية، أو ملائمة للحال والواقع، كما هو حال بعض شباب الدعوة، الذين ظنوا أنَّهم بمجرّد امتلاكهم القدرة على الكتابة والتعبير، بأنّهم أصبحوا قادرين على فهم الأمور والسياسات، أكثر من قادتهم ومسؤوليهم الذين سبقوهم بالخبرة والتجربة والرؤية.

أمَّا أهمية الثقة فهي كثيرة، ويمكن أن نجمل أبرزها بالأمور التالية:
الثقة أساس في تنفيذ وإنجاح الخطط والبرامج والمشاريع التي تنوي الجماعة القيام بها لتغيير وإصلاح حال الناس وأوضاعهم
1-    تعدُّ الثقة القوَّة الرئيسة المحافظة على ديمومة الجماعة ووحدتها واستمرار وجودها، فجماعة الإخوان المسلمين، جماعة إسلامية لها أهداف طموحة كبيرة، وهي تحتاج إلى الاستمرار لعقود طويلة، حتى تحقق هذه الأهداف، ولا يمكن أن تستمر الجماعة في هذا الطريق دون توفر ركن الثقة.

2-    أساس في تنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع التي تنوي الجماعة القيام بها لتغيير وإصلاح حال الناس وأوضاعهم، فبدون الثقة لا يمكن أن تحقق هذه المشاريع النجاح، وأن تصل إلى الأهداف المرجوة والغايات المنشودة. كما أنَّها تعدُّ من عوامل سرعة الإنجاز وعدم الانشغال بسفاسف الأمور وهوامشها، ممَّا يؤدي إلى زيادة قوة الجماعة.

3-    توجد التكاتف والترابط بين الأفراد فيما بينهم وبينهم وبين القيادة، وتعود المسلم على الثقة بمن يعاملهم كالأهل والإخوة، فيزداد المجتمع تماكسا وترابطاً.

معلومات الموضوع

الوسوم

  • الثقة
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
    كاتب فلسطيني، متخصص في الشريعة الإسلامية والسياسة، مهتم بالإعلام والتربية والتعليم.

    شاهد أيضاً

    من عوامل ثبات أهل غزة

    قال تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم …