د.معروف:الأقصى في الخطر والإعلام انشغل بالربيع العربي

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » د.معروف:الأقصى في الخطر والإعلام انشغل بالربيع العربي
alt

تزايدت في الآونة الأخيرة الاقتحامات والتهديدات من قبل المتطرّفين الصهاينة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، في ظل التضييق من قبل الحكومة الصهيونية على العرب في أكناف المدينة المقدسة، وفي حين تتجاهل وسائل الإعلام العربية هذه التهديدات بسبب انشغالها بأحداث الرَّبيع العربي يقف المقدسيون بصدور عارية في وجه هذه المحاولات التي تهفو للمساس بقداسة المسجد، ولكن هيهات ذلك طالما أنَّ نفساً مقدسياً لا يزال مستنداً على أحد حوائط المدينة الدامعة.

كيف أثرت الثورات العربية على اهتمام المجتمعات بالمسجد الأقصى؟ وهل بلغ الشباب العربي من الوعي ما يمكنهم ليقودوا مسيرة التعريف والمساندة والمساهمة في نصرة المرابطين هناك؟ ولماذا تتزايد الهجمات الصهيونية على المسجد الأقصى في هذه المرحلة؟ وهل صحيح أنَّ المسجد الأقصى قد يتعرّض للهدم في أيّ لحظة؟

وتساؤلات كثيرة لاقت إجابات رحبة من ضيفنا اليوم، العلم المقدسي  د.عبد الله معروف.. وفيما يلي نصّ الحوار.

بصائر :   كيف أثرت ثورات 2011 على مدينة القدس وما يحاك لها من مخططات تهويدية سلباً وإيجاباً برأيك؟
الثورات العربية جعلت القدس واجهة الشعوب التي تمكنت من إكمال ثوراتها وإتمام أهداف هذه الثورات.
د. عبد الله معروف : عام 2011 كان له أثر بالغ على مدينة القدس بكلِّ ما تحمل الكلمة من معنى على كلا الناحيتين، فمن الناحية الإيجابية فقد تميّز بشهوده للثورات العربية والتي انطلقت شرارتها في تونس، مروراً بمصر واليمن وسوريا التي لم تنته ثورتها حتى الآن، هذه الثورات أظهرت تصدر قضية القدس في واجهة ضمير العالم العربي، فقد رأينا في تونس، عندما رفع ثوارها الشعارات لمدينة القدس، ورأيناهم في ليبيا يرفعون شعارات نصرة مدينة القدس والمسجد الأقصى، وأيضاً في مصر رُفعت الشعارات لنصرة هذه القضية المباركة مباشرة بعد تنحي الزعيم المخلوع حسني مبارك، هذا الأمر أدّى إلى نظرة إيجابية للمدينة بأنها عادت لتتصدر واجهة الشعوب التي تمكنت من إكمال ثوراتها وإتمام أهداف هذه الثورات.

كما أنَّ ثورات 2011 أشغلت الرأي العام الإسرائيلي وفاجأت الصهاينة لدرجة أن مشروع التهديد في بداية الثورات _خاصة في بداية ثورة مصر_ وأوقفت المشروع التّهويدي هناك لمدَّة معينة حتى تعود المؤسسة الاحتلالية لمراجعة حساباتها مرَّة أخرى، في ظل تغير الميزان الاستراتيجي، وهذا أمر إيجابي طبعاً.

أمَّا الجانب السلبي، فنجد أنَّ الاهتمام الإسلامي بقضية المسجد الأقصى قد تأثر سلباً في عام 2011م، ومطلع عام 2012م _ الذي نحن فيه الآن_ بسبب الاهتمام الإعلامي الكبير بقضايا الثورات العربية، وكان مُلاحظاً للمتابع أنَّ الأحداث الأخيرة قد غابت عن  كبرى المحطات العربية كقضية أساسية، ولم تكن حاضرة في هذه القنوات، علماً بأنَّها قضية مفصلية وجوهرية ويمكن أن نسمّيها _الاختبار الأول للشعوب العربية_ في وقت الربيع العربي، والاختبار الأوَّل لردة الفعل العربية، الأمر ليس عابراً، إنّها تهديدات بالمساس بالمسجد الأقصى المبارك، مع ذلك كان هناك غياب شبه تام من قبل أغلب القنوات العربية ولم يغط الحدث بالشكل المطلوب. ويجب أن نعلم أنَّ التركيز الإعلامي على هذه القضية يفشل المخططات الصهيونية، وهذا ما يجب أن تنتبه إليه المؤسسات الإعلامية العربية.

بصائر: الإغفال الإعلامي الذي تحدّثت عنه، هل جاء فقط بسبب الثورات العربية والانشغال بتغطية أحداثها، أم أنَّ هناك أياديَ خفية لها علاقة في تحييز الخبر عن الشاشات؟
الأولوية رقم واحد عند الكثير من قنواتنا الإخبارية والعالمية هي تغطية الثورات العربية، وهذه الألوية قد تطغى أحياناً على أهمية قضية القدس التي تعدُّ القضية الأولى في العالم العربي والإسلامي، وهذا مردّه بالدرجة الأولى إلى قصور بفهم مركزية قضية القدس في الجانب العربي.
د. عبد الله معروف : أنا شخصياً هنا لا أؤمن تماماً بنظرية المؤامرة والأيد الخفية ليست دائماً هي القضية، القضية بالدرجة الأولى هي قضية اهتمام، وعادة ما تتسابق القنوات الإخبارية في تغطية الأخبار الساخنة، ونحن نرى أنَّ الأولوية رقم واحد عند الكثير من قنواتنا الإخبارية والعالمية هي تغطية الثورات العربية، وهذه الألوية قد تطغى أحياناً على أهمية قضية القدس التي تعدُّ القضية الأولى في العالم العربي والإسلامي، وهذا مردّه بالدرجة الأولى إلى قصور بفهم مركزية قضية القدس في الجانب العربي.


بصائر: بالنسبة لمتابعة الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعية من وجهة نظرك _ وأنت متابع وتتواصل معهم من خلالها_ كيف تعاملت مع محاولات اقتحام المسجد الأقصى الأخيرة، وكيف تتعامل مع باقي قضاياه عبر صفحاتها وحوائطها؟

د. عبد الله معروف
: بصراحة أثلج صدري، كم سعدت وسررت جداً بحجم الإقبال الشبابي العربي _ خاصة في المواقع الإلكترونية كالفيسبوك وتويتر وغيرها_ على متابعة قضية بيت المقدس وقضية المسجد المبارك خلال عام 2011م، ولم يغفل الشباب قضية القدس حتى في خضم وأحلك ظروف الثورات العربية كل في دولته، دعيني أعطي مثال: في خضم الثورة المصرية وقبل تنحي حسني مبارك كان الوجود والاهتمام بالمسجد الأقصى وقضية القدس واضح جداً في ميدان التحرير ومنعكس تماماً على القنوات الاجتماعية ومواقع التواصل، الآن بعد الانتهاء من المرحلة الأولى نلاحظ أنَّ الشباب ما زالوا على نفس الوعي والفهم، وهم بصراحة قد سبقوا كثيراً من الحركات السياسية والجهات الإعلامية كمؤسسة، في انتباههم بقضية بيت المقدس، الشباب لم يؤلوا جهداً في الموضوع، والدليل على ذلك عندما نلاحظ في الفترة القليلة الباقية، ونحن نعيش أجواء مرور سنة على ذكرى انطلاقة الربيع العربي، نلاحظ أنَّ الشباب انفتحوا أكثر وأكثر على قضية القدس والمسجد الأقصى ونصرتها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، هذا الأمر يبين أنَّ شبابنا وبكلِّ صراحة أصبحوا يتمتعون بوعي كبير.

بصائر:  لفت انتباهي منشور كتبتموه على صفحتكم عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تقول فيه: أغرب سؤال وصلني ثلاث مرات في أسبوع واحد فقط: (ما هو واجبنا نحن الشباب تجاه المسجد الأقصى؟)... أيها الشباب العزيز...... أفي عام 2012 تسألونني ما هو واجبنا؟ هل ترى أنَّ شبابنا أصبح واعياً لهذه الدرجة، وما المطلوب منهم؟
الشباب انتقلوا الآن من مرحلة السؤال عن أين هي القدس وما هو المسجد الأٌقصى، وأصبح السؤال حول ماذا وكيف أعمل من أجل الأقصى
د. عبد الله معروف : استغرابي كان من ورود الأسئلة بشكل لافت، وصلني حوالي ست أسئلة من عدة مناطق عربية، لم يثر دهشتي السؤال بقدر ما لفتني الوقت الذي وصلت لي به، قارنت بين وجود هذه الأسئلة التي عرضت عليَّ أكثر من مرَّة وبين طبيعة العمل، وطبيعة التواصل الشبابي مع قضية القدس عبر الإنترنت، ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي، فكان الأمر ينبغي أن لا يكون كذلك من كثير من الشباب، كان المطلوب العمل على مستوى الفهم، والفهم على مستوى العمل أيضاً، ولكن أيضاً نظرت للموضوع من منطلق إيجابي، لأنَّ الشباب انتقلوا الآن من مرحلة السؤال عن أين هي القدس وما هو المسجد الأٌقصى، وأصبح السؤال حول ماذا وكيف أعمل من أجل الأقصى ؟

إذن السؤال بحدِّ ذاته في هذه المرحلة هو مبشر إيجابي، ويعني أنَّ الشباب يعي قدرته الكبيرة على نصرة بيت الله المقدس، لذلك هناك بعض الشباب ما زالوا يحتاجون لشمعة تضاء لهم في الطريق لكي يضعوا قدمهم الأولى على طريق نصرة المسجد الأقصى.

لذلك أرى أنَّ على الشباب أن يفكروا بطرق مختلفة، وطرق إبداعية لنصرة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية هناك، ولكن علينا أن نعمل خطوة خطوة، لا نحتاج الآن إلى أن ننزل بقوَّة عسكرية إلى مدينة القدس في الوقت الحاضر، وفي يوم من الأيام سنجد أنفسنا بأجسادنا موجودين على باب مدينة القدس بإذن الله، ولكن لكلِّ وقت إمكانيات، واحتياجات، وهذا الوقت الذي نحن فيه احتياجات أمتنا فيه هي المعرفة والفهم والوعي بأهمية هذه القضية.
نحن نحتاج أن تفهم الأمَّة أنَّ العمل للمسجد الأقصى ومدينة القدس كقضية مركزية ليس ترفاً، وإنَّما هو في صلب قضية الربيع العربي، وفي صلب احتياجات أمتنا في الوضع المستقبلي القريب
نحن نحتاج أن تفهم الأمَّة أنَّ العمل للمسجد الأقصى ومدينة القدس كقضية مركزية ليس ترفاً، وإنَّما هو في صلب قضية الربيع العربي، وفي صلب احتياجات أمتنا في الوضع المستقبلي القريب، إن شاء الله تعالى، ولذلك فإنَّ الأمة التي تحتاج لأن تبني حضارة بعد أن تتحرّر من ما هي فيه من قيود، تحتاج إلى مركز لبناء هذه الحضارة، والانطلاق منها وهذا المركز بلا شك وبلا ريب هو مدينة القدس، لذا نحتاج أن تفهم الأمَّة والشباب هذه المسألة، وأن لا نستقلّ بهذه الجهود التي نقوم بها، لأنَّ بعض الشباب يستقلون بهذه الجهود، ويقولون: نحن لم نقم بشيء تجاه مدينة القدس سوى بالتعرف والتعلم والكلام عنها.. كلّ هذه الأمور تجعل القضية حية، وهذا ما نحن بحاجته اليوم، كما نحتاج إلى فهم المستوى العالي والكبير والعميق لمكانة هذه القضية ضمن القضايا التي تعيشها أمتنا في العصر الحاضر، ولذلك أرى أنَّ عمل الشباب هو في الاتجاه الصحيح، ولكن أستغرب أنَّ بعض الشباب في هذا الوقت بالذات بعد أن اكتشفوا قوتهم العظيمة وإمكانياتهم الضخمة، لا يزال يفكر كيف أنصر مدينة القدس، بالرغم من أنّي سعيد من أنَّ الشباب يفكر كيف ينصر قضية بيت المقدس، لكن أرى أنَّ الشباب هم من يستطيع الإجابة على هذا السؤال، ولست أنا وليس غيري أيضاً.


بصائر: ما الدلالات التي تحملها  التهديدات الإسرائيلية المتكرّرة من قبل بعض المتطرّفين برغبتهم في هدم المسجد الأٌقصى المبارك؟

الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس وللمسجد الأقصى في ورطة كبيرة جداً، لأنَّ المشروع فقد بوصلته، ولم يعد قادراً أن يتواصل مع الواقع أو يتعامل معه
د. عبد الله معروف: في البداية؛ سواء كان حزب الليكود أو غيره؛ كلّهم أوجه مختلفة لعملة واحدة، الاحتلال الصهيوني لمدينة القدس وللمسجد الأقصى في ورطة كبيرة جداً، لأنَّ المشروع فقد بوصلته، ولم يعد قادراً أن يتواصل مع الواقع أو يتعامل معه، لذا يرى بعض المتطرّفين من أقطاب الأحزاب الدينية المتطرّفة والجماعات الصهيونية، يرى أنَّ هذا الوقت هو المناسب لتجييش المجتمع الصهيوني باتجاه المزيد من الراديكالية في التعامل مع قضية القدس، باعتبارها الرمز الوطني الذي يجمع بين المتدينين والعلمانيين في المجتمع الصهيوني، سبب ذلك هو الأزمة الهوية الكبيرة التي تعيشها دولة الاحتلال، وأزمة القيادة الكبيرة التي تعيشها دولة الاحتلال، وأكبر دليل على ذلك أن "حزب الليكود" وهو الحزب الحاكم الذي من المفترض أن يفهم الواقع الصعب والعجيب الذي تعيشه اليوم دولة الاحتلال في ظل هذا الحراك العربي المتلاطم حولها، يفترض أن يكون حزب الليكود الحاكم هو أكبر من يتفهم هذا الواقع ويتعامل معه بإيجابية ولكن مع ذلك أرى بأن الحزب الحاكم اليوم ينادي بالمزيد من التطرف وينادي بالتهور في التعامل مع قضية القدس، وأرى بأنَّ هذه القضية تكتب سطور نهايتهم وورقتهم الأخيرة في تاريخ احتلالهم لمدينة القدس وفلسطين والمسجد الأقصى المبارك، هم اليوم لا يستطيعون التعامل مع القضية ولا الواقع الجديد الذي فوجئوا به خلال أقل من سنة، ولذلك نراهم اليوم في حالة تخبّط، وكل ما نسمعه اليوم من أحداث وكلّ ما نسمعه من دعوات ومحاولات مستمرة استفزازية للسكان في مدينة القدس لا تعدو كونها أحد خيارين:

إمَّا أن تكون تحركات طائشة قائمة على أساس المحاولة لاستدراك ما كان، بسبب فوات فرص كثيرة بالنسبة لهم _من وجهة نظرهم طبعاً_ لاستثمار الضعف العربي الذي كان موجوداً في فترات سابقة، أو أن تكون من منطلق آخر وهي محاولة استيعاب الجحم الكبير للتغيير الذي جرى من حولهم وقياس ردّ الفعل العربي الذي حولهم، هم يقومون في هذه الفترة فهم الواقع المحيط بهم واختبار ردّة الفعل التي حولهم أو حتّى ردة الفعل الداخلية من الفلسطينيين.


بصائر:  كيف تقيّم وقفة واعتصام الآلاف من آهالي مدينة القدس داخل المسجد الأقصى المبارك إبَّان التهديدات الصهيونية باقتحامه في الثاني عشر من شباط الحالي، على الرَّغم من التضييق الحاصل عليهم؛ من هدم منازل ونفي وتضييق وسحب هويات؟

د. عبد الله معروف : أهلنا في مدينة القدس اليوم فهموا الرسالة، وفهموا أنَّهم في خط الدفاع الأول، نحن اليوم لا زلنا في مرحلة المخاض العربي، لا زلنا لم نصل إلى بلورة للواقع العربي الجديد، لذلك نحن في مرحلة مخاض، ومرحلة المخاض مرحلة صعبة جداً، لا تكون فيها الأمور واضحة ولا تكون الرؤية فيها واضحة، وأكبر مثال على ذلك ما نراه في بعض الدول العربية المجاورة من حراك وحراك معاكس له، في مرحلة الربيع العربي.

الآن أهل مدينة القدس يفهمون أنَّهم في هذه المرحلة بالذات خط الدفاع الأخير عن المسجد الأقصى المبارك، ولذلك وقفتهم في هذه المرحلة ساعدت وساهمت في كسر الإرادة الصهيونية بحمد الله رب العالمين، وأسأل الله عزّ وجل أن لا تنكسر الإرادة المقدسية هناك وتبقى كما عودتنا إرادة صلبة وإرادة قوية برغم كلّ محاولات الاحتلال لكسر هذه الإرادة، طبعاً الاحتلال يحاول وسيحاول خلال الشهور القليلة المقبلة اقتطاع  وسحب الهويات من أكبر عدد ممكن من سكان مدينة القدس باعتبار أنَّها ستكون عاملاً مسانداً للاحتلال في تقليل ردَّة الفعل عند قلة الوجود المقدسي في المدينة وفي المسجد الأقصى المبارك، ولكن نسأل الله عزّ وجل أن ينقلب السحر على الساحر.

بصائر: كثير من التسجيلات نُشرت عبر اليوتيوب تحدّث فيها بعض المدّعين أنَّ المسجد الأقصى سيهدم، والبعض حدّد لذلك تواريخ، وهناك من استدل على هذا من خلال الإعجاز الرقمي وتأويله لبعض الآيات وما إلى ذلك، د. معروف هل من الممكن أن يفجع المسلمون بهدم المسجد الأقصى يوماً؟
إنَّ قضية المسجد الأقصى المبارك ليست قضية هدم بالدرجة الأولى، وإنَّما مشكلة المسجد الأقصى المبارك تكمن في الاحتلال نفسه، وكلِّ ما سوى ذلك هو نتيجة عن ذلك الاحتلال
د. عبد الله معروف: الحقيقة هذا أكثر سؤال يستفزني دائماً؛ هل سيهدم المسجد الأٌقصى أم لا؟ لأنَّه يدل على أنَّ البعض لا زال لا يستوعب قضية المسجد الأقصى على حقيقتها، إنَّ قضية المسجد الأقصى المبارك ليست قضية هدم بالدرجة الأولى، وإنَّما مشكلة المسجد الأقصى المبارك تكمن في الاحتلال نفسه، وكلِّ ما سوى ذلك هو نتيجة عن ذلك الاحتلال، فاحتمالية التقسيم أو التهويد أو الهدم أو الاقتطاع سببها الأساسي هو الاحتلال، ما علينا الآن هو أن لا ننتظر ما سيحدث، وإنَّما علينا أن نعمل منذ الآن على تحرير المسجد الأقصى المبارك بخطى ثابتة، وهذه النقطة الأساسية التي يخشى منها العدو الصهيوني، يخشى من فهم حقيقة مشكلة المسجد الأقصى، يخشى أن نفهم أن المسجد الأقصى المبارك محتل، وأن ذلك يعني وجوب العمل على تحريره الآن وليس غداً، ويريد منا أن نفهم فهماً خاطئاً؛ وهو أن الأقصى بخير ما دام موجوداً وبالتالي إن لم يهدم أي جزء منه فليس هناك أي خطر محدق به.

أقول: الوضع ليس وردياً، بل هو سيّئ جداً، والمسجد الأقصى لم يعد في خطر، لأنَّه وقع في الخطر منذ خمسين عاماً عندما وقع في قبضة الاحتلال، وينبغي علينا الآن السعي لمعالجة المشكلة وليس توقي المشكلة، نحن لسنا في مرحلة الوقاية، نحن الآن في مرحلة العلاج، وهي العمل على التحرير.

أمَّا بالنسبة لبعض الأصوات النشاز التي تخرج في أمتنا، وتحاول تخذيل أمتنا خاصة ممن يدعون أنهم  "مشايخ" أو أنهم يدرسون أو أنَّهم يقرؤون القرآن، وقد تابعت عدد منهم خاصة بعض المدّعين الذين بلغ بهم السخف لدرجة توقع يوم القيامة، وتحديد تاريخ يوم القيامة، في بعض الدول العربية، بالنسبة لهؤلاء أقول: إنَّ أمثال هؤلاء كثر في التاريخ القديم، وفي التاريخ الحديث، وقد داستهم الأمة بأقدامها لأنّهم مخذلون، وليسوا سوى مجموعة من المخذلين الذين ينبغي على الأمة أن تدوسهم في طريقها الثابت نحو تحرير بيت المقدس، ولا تستمع لهذه الترهات والكلام الفارغ الذي لا مضمون له ولا أصل له لا من قرآن ولا من سنة ولا من واقع ولا من مضمون فهم.

إن تحرير المسجد الأقصى المبارك قادم لا محالة، و أيّ شيء يحدث في طريق تحرير المسجد الأقصى المبارك يجب أن لا يثنينا بأيّ شكل من الأشكال عن الهدف النهائي والواضح وهو تحرير المسجد الأقصى المبارك
بصائر:  كلمة أخيرة توجّهها للشباب؟

د. عبد الله معروف : أوجه كلمتي للشباب وأريدهم أن يعلموا أنَّ تحرير المسجد الأقصى المبارك قادم لا محالة، أيّ شيء يحدث في طريق تحرير المسجد الأقصى المبارك يجب أن لا يثنينا بأيّ شكل من الأشكال عن الهدف النهائي والواضح وهو تحرير المسجد الأقصى المبارك، وهو ختام هذه المرحلة، وبعد ذلك نبدأ مرحلة الإعمار، ثمَّ مرحلة صناعة النهضة الكبرى لهذه الأمة لأن تحرير المسجد الأقصى المبارك حسب النماذج التاريخية التي نتبعها ونفهمها، اللبنة الأولى في بناء النهضة الإسلامية وإعادتها إلى ألقها ومجدها كما كانت سابقاً، ولذلك أرجو من أبناء الأمَّة خاصة الشباب منهم، أن يعلموا أنَّ الطريق صعب، ولكن الهدف واضح، ومن كان هدفه تحرير المسجد الأقصى بوضوح، لا يضرّه من خذله ولا من خالفه ، وأيّ حدث يثوم به الصهاينة سواء كان اقتطاع أو تهويد أو تهجير أو حتى تفريغ المدينة بالكامل أو لا سمح الله هدم لكافة معالم المسجد الأقصى المبارك، يجب أن لا يثنينا عن الهدف النهائي وهو تحرير المسجد الأقصى المبارك، وأن لا يلتفتوا للناعقين والمخذلين ومحاولات الصّهاينة لثنيهم عن هذا الطريق، أو تحويل نظرتهم لقضايا أخرى.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "السبيل" اليومية الأردنية في قسم الشؤون المحلية والتحقيقات. وكاتبة في مجلة "الفرقان" التابعة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم / الأردن؛ في الشؤون الأسرية والتربوية. وتكتب بشكل متقطع في العديد من المجلات العربية منها؛ البيان؛ الفرقان الكويتي؛ وأجيال السعودية إلى جانب العديد من المواقع الإلكترونية.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …