من صور الثقة
الثقة بمنهج الجماعة وفكرها
للثقة وجوه كثيرة من بينها الثقة بمنهج الجماعة وفكرها، فلا يمكن للجماعة أن تستمر، إذا شاب أفرادها الشك في فكرها، ومنهجها سواء أكان على مستوى التغيير الفردي أو المجتمعي، أو حتى رؤيتها للقضايا الداخلية والخارجية، ويزداد الأمر خطورة إذا كان بعض أفراد الجماعة يحملون أفكاراً تتناقض مع المبادئ الرئيسة لها، كتلك التي تدعو إلى العنصرية والإقليمية، أو التي تشكك في جدوى الحل الإسلامي للقضايا المختلفة، أو التي تحمل أفكاراً تمجد الاستبداد وأهله، أو ترى بتكفير الناس خصوصاً من يخالفوهم في المنهج والرؤية، إلى غير ذلك من الأمور.
تتمثل الثقة بالجماعة، باليقين بأن فكرتها ليست مبتدعة أو مستحدثة، أو مستوردة من الخارج، واليقين بأن الإمام الشهيد حسن البنا قد اقتبس هذا المنهج من وحي القرآن، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتراث الذي تركه سلفنا الصالح رحمهم الله.
وتتمثل الثقة في هذا الجانب، بالإيمان بأنَّ فكرة الجماعة ليست مبتدعة أو مستحدثة، أو مستوردة من الخارج، واليقين بأن الإمام الشهيد حسن البنا قد اقتبس هذا المنهج من وحي القرآن، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتراث الذي تركه سلفنا الصالح رحمهم الله.
لذا فهي دعوة تتسم بالنقاء والشمول، فهي نقية خالية من شوائب البدع والخرافات، وبعيدة كل البعد عن التحريف والمغالاة والتشدد، وفي نفس الوقت، فهي أعادت الفهم الشامل للإسلام، بأنَّه دين ودولة، ومصحف وسيف، وعبادة وقيادة وسياسة؛ لذا ونظراً لما حملته من فكر نيّر مستقيم، فقد تعرضت لأشد الابتلاءات والأذى، دون أن تعرف اليأس أو الإحباط، وأثبت أصحابها أنهم لا يريدون مناصب دنيوية أو تحقيق مطامع شخصية، لذا فما وهنوا لما تعرضوا له من أمور وعراقيل، وما استكانوا لعمليات التضييق والقتل والاعتقال، ولم تأخذهم الدنيا وتحيد بهم عن طريق الحق والهدى.
الثقة بالقيادة
وهناك الثقة بقيادة الجماعة فالثقة بالقيادة أساس نجاح أيّ عمل تنظيمي، وبالتالي تؤدِّي إلى نجاح الأعمال والمشاريع الدَّعوية، وتنفيذ المخططات والوصول إلى الأهداف والغايات، فلا بد من الثقة بالقيادة تأسياً واقتداءً بما كان يفعله سلف الأمَّة رحمهم الله من الثقة بقيادتهم التي تهدف إلى إقامة الدين، ومحاربة الفساد، وجلب كلّ ما فيه مصلحة للأمَّة، ودرء المفاسد والمنكرات عنها.
الثقة بالقيادة أساس نجاح أيّ عمل تنظيمي، وبالتالي تؤدِّي إلى نجاح الأعمال والمشاريع الدَّعوية، وتنفيذ المخططات والوصول إلى الأهداف والغايات
وفي هذا الصَّدد يقول الإمام الشهيد رحمه الله : " والقائد جزء من الدَّعوة، ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوَّة نظام الجماعة. وإحكام خططها ونجاحها في الوصول إلى غاياتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات وصعاب {فأولى لهم طاعة وقول معروف}.
وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات"
وبعد بيان الإمام الشهيد لعظم وأهمية دور الثقة بالقيادة، فإنَّ الثقة بهم تزداد بشكل أكبر حينما تزداد محاولات التشكيك بالقيادة ورموز الجماعة، فالمشككون لا يخشون الإسلام الذي أظهره بعض المسلمين بأنه مستأنس محصور داخل المسجد والبيت، وإنما هم يخشون من الإسلام الحقيقي الحركي الثائر، الذي يُعبئ المسلمين ويجيشهم لمواجهة المحتل، ومحاربة الفساد وإصلاح الواقع. ولهذا وبناء على خوفهم هذا، فهم ينفقون أموالهم، ويجيّشون مرتزقتهم للانتقاص من كل الرموز، تزداد حاجة الجماعة إلى الثقة بالقيادة بشكل أكبر في ظل وجود الفوضى الإلكترونية، والفضائية والإعلاميةوالسعي بكل السبل لإيجاد الشقاق والتفرقة داخل الجماعة، حتى يحققوا ما يريدون، وهو انشغال الجماعة بخلافاتها الداخلية وانشقاقاتها، على حساب أهدافها السامية العليا.
وتزداد حاجة الجماعة إلى الثقة بالقيادة بشكل أكبر في ظل وجود الفوضى الإلكترونية، والفضائية والإعلامية، والتي تسعى إلى تشويه صورة القيادة، عبر اجتزاء التصريحات، وتضخيم بعضها، وتحمليها ما لا تحتمل، وفي نفس الوقت، اختلاق وفبركة الأحداث، واستغلال سكوتها عن بعض المواقف، لتنفير الناس عنها.
لذا لابد على الفرد العامل المخلص، أن يثق بقيادته كما يثق بنفسه، بل أن يثق بها أكبر ممَّا يثق بنفسه، ولا يردد الإشاعات المغرضة، ولا يتجاوب معها، أو يبني مواقفه عليها، مصداقا لقوله تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة}.
وفي هذا الصَّدد لابد وأن نشير إلى نقطة بالغة الأهمية، وهي أنه لا يشترط في القائد الذي نثق به أن يكون أقوى الناس، وأتقى الناس، وأعلم الناس، .. إلخ.
فهذا مطلب صعب التحقق بل مستحيل، وإنَّما يكفي أن ينال هذا القائد ثقة إخوانه بحيث يكلف بحمل الأمانة الملقاة على كاهله، ولا يصح أن تختل الثقة لعدم توفر قيادة كاملة تتلاءم مع هوى الفرد ورغباته، وإنَّما يكفيها تزكية الأفراد لها، وتحميلها المسؤولية،لابد للقيادة أن تنظر إلى الأفراد نظرة احترام وتقدير، وأن تأخذ آراءهم واقتراحاتهم وتحملها على محمل الجد، وأن لا تنتقص ممن يقدم لها النصح والرأي أو يبدي أي اعتراض أو رأي مخالف في ظل القنوات التنظيمية المعروفة ويجب إعانة هذه القيادة على عملها وتحقيقها لأهدافها، فنجاح القيادة نجاح للأفراد والجند، وفشلها يعود عليهم بالفشل أيضا.
الثقة بأفراد الجماعة
أمَّا الصنف الثالث فهو الثقة بأفراد الجماعة؛ حيث في المقابل، على القيادة أن تعطي ثقتها بأفراد الجماعة وأعضائها، فلا يمكن أن يعطي الأفراد ثقتهم لها، دون أن يكون هناك ثقة مقابلة لهم أيضاً، وإذا ساد جو من التشكيك بالأفراد فإن هذا يعني انعدام الثقة داخل الجماعة، وبالتالي ضعف الجماعة واندثارها في المستقبل.
ولهذا لابد للقيادة أن تنظر إلى الأفراد نظرة احترام وتقدير، وأن تأخذ آراءهم واقتراحاتهم وتحملها على محمل الجد، وأن لا تنتقص ممن يقدم لها النصح والرأي أو يبدي أي اعتراض أو رأي مخالف في ظل القنوات التنظيمية المعروفة. وأن تستذكر بأنها كانت في ذات المكان قبل أن تتولى القيادة، فلا تبخس حقهم أو تنتقص من قيمتهم.