بينما كانت صفاء حجازي تسير مع صديقتها قاصدتين محلاً للملابس، سألتها صديقتها عن اسم برجها الفلكيّ .!، فقالت لها صفاء مستهزئةً :" اسمه برج إيفل"، فدعتها صديقتها للكفّ عن المزاح والحديث بنوعٍ من "الجديّة في هذا الموضوع، فمهما كذب المنجمون إلاَّ أنَّ هذه الأبراج تعطينا دفعةً لمعرفة ايجابيات الحياة والشكل العام لها".
لكنّ صفاء لم تصغِ وأخبرتها أنّها لا ترغب بمعرفة ذلك الشكل العام، لأنّها مؤمنة بالقضاء والقدر، فنفت صديقتها أنَّ قراءة الأبراج اليومية تعنى أنها تكفر بالقضاء والقدر بقدر أنها تعني "أن تتفاءل بالغد وتتجنب المشاكل التي يمكن أن تمرّ في يومك العادي بالتالي تعطيك نوعاً من الحيطة حتّى وإن لم تحدث تلك المشاكل".
لم تجد صفاء رداً على ما تقوله صديقتها، إلاَّ أنه لا يعلم بالغيبيات إلاَّ الله سبحانه وتعالى مدللة قولها-بقوله عزّ وجل- :{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}، وحذرت صديقتها من الاستمرار في متابعة هذه الخرافات، لأنَّ الوقت كنز يملكه الإنسان وسيُسأل عنه يوم القيامة " فيُسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه".
هذه الأبراج تخدم مصالح وفئات عالمية لها أهداف سلبية للسيطرة على مقدرات الشعوب من خلال الدَّعوة إلى الهجرة وعدم العمل
تضييعٌ للوقت
أمَّا وائل البرغوثي فيقول: إنَّ سبب متابعته للأبراج اليومية هو تضييع الوقت، فهو عاطلٌ عن العمل، وأنهى دراسته الجامعية منذ مدَّة وجيزة، ووقته في البحث عن العمل لا يطول أبداً، فيُلهي الفائض من وقته –وهو أساسي بالدرجة الأولى- بتصفح المواقع الموجودة على النت.
إلاَّ أنَّ أغلب المواقع تحتوي على زاوية " حظك اليوم"، فيقضي وائل وقته في قراءة الزاوية هذه في كافة المواقع التي يتصفحها.
وأضاف :" وفي الكثير من الأحيان عندما أحادث بعضاً من أصدقائي، أسألهم عن اسم برجهم، وأرسل لهم حظّهم لهذا اليوم، وعندما أتعرف على الأصدقاء الجدد عبر شبكات التواصل الاجتماعية، السؤال عن برج الشخص الجديد هو سمة للتعرف على شخصية الصديق".
وأوضح أنَّه يعلم بالنصوص الواضحة المتعلقة بقراءة الأبراج إلاَّ أنَّ الوقت –الفارغ- يكاد يفتك بهم، فيلجأ بدوره إلى "تسلية غير منطقية لا يُصدّق بصحتها لتمضية وقته".
من علم الغيب
يقول الأستاذ المشارك بكلية الشريعة والقانون ماهر السوسي: "إن توقعات الأبراج اليومية وما شابه ذلك من أعمال العرافات وقارئات الفنجان تدخل ضمن محاولة التنبؤ بعلم الغيب والأحداث المستقبلية"، مستدركاً بالقول: "إنَّ هذا التنبؤ لا أساس له من الصحة، ولا يبنى على أي علم من العلوم على الإطلاق و لم يثبت التاريخ صدقه".
هذا التنبؤ لا أساس له من الصحة، ولا يبنى على أي علم من العلوم على الإطلاق و لم يثبت التاريخ صدقه
وذكر السوسي أنَّ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم ما كان يدّعي أنه يعلم بالغيب إلا عن طريق الوحي أمّا من تلقاء نفسه ما كان ليفعلها ،قال تعالى:{وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}.
وأوضح أنَّ قضية الأبراج اليومية هي استخفاف بعقول الناس، لأنَّ علم الغيب لا يطّلع عليه إلاَّ الله سبحانه وتعالى ،حيث قال تعالى في كتابه: {عالم الغيب والشهادة لا يظهر على غيبه أحداً}.
المنجمون كفروا
وأشار د.السوسي أنَّ الله منع الجن عن الاطلاع على الغيب فالكلّ مرصود ولا يستطيع أحد التعرف على الغيب ومن حاول فسيرجم من الشهب الموجودة في السماء ، قال تعالى:{وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً}.
وأكد أنَّ ادّعاء الغيب مرفوض شرعاً، ومن يقول ذلك فهو إنسان كافر بالله لأنه نسب إلى نفسه خاصية تخص الله وتعالى وحده، وهو حكمه قريب من حكم الساحر حيث ذهب بعض الفقهاء إلى قتل الساحر حدّاً أي (يقتل وهو كافر ولا يدفن في مدافن المسلمين) ،وهي في النهاية جريمة بحق الناس والنفس واعتداء على أعراض وخصوصيات الناس.
وأوضح أنَّ حكم من يصدّق الأبراج اليومية ويقرؤها أو من يأتي عرّافاً هو الكفر؛ حيث قال الرَّسول صلّى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر))، مستكملاً أنَّ هذه القضية –قضية متابعة الأبراج اليومية- يجهلها الكثير من الناس، فالكثيرون يلهثون وراء قراءة الأبراج وينظرون يوماً بيوم ما يخبئ لهم الحظ ولا يعرفون ما العاقبة الوخيمة التي تنتظرهم وهي إدراجهم ضمن قائمة الكفر.
مستقبل "خطير"
وبيّن د.السوسي أنَّ متتبع هذه الأبراج يجدها فكرة واحدة لكن بصيغ مختلفة ومتفاوتة، ومعظم الكلام يكون عن العاطفة والمال والسفر وهم بذلك –المنجمون- يتلاعبون بعواطف الناس وبمصائرهم ودائماً يدعون ضمناً إلى التكاسل والابتعاد عن العمل وهذا ما ينقضه الدين الإسلامي الذي يدعوا المسلم إلى العمل والتفكير السليم بناء على معطيات موجودة وليست مغيبات لا يعلم بها إلاّ الله.
وأضاف أنَّ هذه الأبراج تخدم مصالح وفئات عالمية لها أهداف سلبية للسيطرة على مقدرات الشعوب من خلال الدَّعوة إلى الهجرة وعدم العمل، وفي النهاية هي قضية تتضمَّن فحوى أكبر من أن تنشر في الجرائد أو المواقع على شكل بنود لحظ اليوم، وعلى الناس أن تدرك ذلك جيّداً وعلى كلِّ شخص شغله حبّ الاستطلاع ومعرفه "برجه" أن يفكر بعقله في قضايا ضمنية خطيرة تضر بمستقبلهم.
حكم من يصدّق الأبراج اليومية ويقرؤها أو من يأتي عرّافاً هو الكفر؛ حيث قال الرَّسول صلّى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر)
ودعا الناس التي تقرأ الأبراج إلى الابتعاد عن هذا الكفر المُخطّط له، وإلى استغلال أوقاتهم بما فيه منفعة لهم في الدنيا والآخرة، فالوقت مسؤولون عنه يوم القيامة ، متحدياً أيّ شخص تابع الأبراج أو ذهب للعرافات أن يكون ناله الخير جرّاء ذلك.