فالخطيب وبعد حديث مطوّل تناول شخصيات إسلامية كان لها مكان مرموق في المجتمع الإسلامي، ختم خطبته بحديثين نسبهما إلى الرَّسول صلى الله عليه وسلّم، كان الحديث الأول ( الجنة تحت أقدام الأمهات)، فيما كان فحوى الحديث ( خيركم من بكّر بالأنثى).
يقول مطر :" الحديث الأوَّل نسمعه كثيراً ولكنّي عرفت مؤخراً بأنَّه حديث ضعيف من أستاذي في الجامعة، أمَّا الحديث الثاني، فقد أنهك عقلي من كثرة التفكير به، خاصةً وأنه أرجعني إلى عاداتٍ قديمةٍ نبذها الإسلام.
وأضاف مطر :" أردت أن أقطع اليقين بالشك، وذهبت إلى شيخٍ قديرٍ، وحدّثته بما سمعت وما أُلقى عليّ، فأخبرني بأنَّ هذا حديث ضعيف ".
لا تنشرها.!
وأمَّا محمد السويركي فقد حضر ندوةً دينيةً حول دور المسلمين في الثورات العربية، فبيّن المحاضر –الداعية- أنَّ المسلم أخو المسلم، عليه أن ينصره في دينه وماله وعرضه، والدفاع عنه تحتل مرتبة الواجب ، ولكن عندما بدأ يستخدم الأحاديث النبوية لتأكيد كلامه، استخدم حديثاً يقول: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ونسبه إلى رسول الله.
الأحاديث الضعيفة لم تعد روايتها متوقفة على أعداء الإسلام مثل المستشرقين المعاصرين والزنادقة، ولم تقتصر روايتها على أهل البدع كالشيعة الرافضة، إنّما الكارثة أن تكون منتشرة بين المسلمين
وأكمل السويركي :" بعد أن انتهى الداعية من قول صلّى الله عليه وسلّم، إذ بشاب ينادي عليه ويقول له توقف ، ما ذكرته كان حديثاً لم يتفق العلماء على صحته، فكيف لكَ أنت الداعية أن تستخدم ما نهى عنه الإسلام، والخطأ الأفدح أنك تستخدمه لتدعو الناس، فأنت يا أخي تساعد على نشر هذه الأحاديث المحظورة".
الحديث الضعيف
يعرّف أستاذ الحديث وعلومه في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية أ.د نافذ حمّاد الحديث الضعيف بأنَّه ذلك الحديث الذي حكم عليه العلماء بالضعف لعلّة قادحة ظاهرة أو خفيّة في السند أو المتن.
ويضيف:"هو ذلك الحديث الذي لم يتوافر فيه شروط الأحاديث الصَّحيحة الخمسة، وهي (اتصال السند، عدالة الرواة، وضبطهم والسلامة من الشذوذ والعلّة)، فإذا كان الضبط خفيفاً في الرواة يكون حديثاً حسناً".
وتابع:" أمَّا إذا اختل شرط من الشروط السابقة يكون ضعيفاً، ويكون ذلك إمّا في العقيدة مثل الغيبيات –وهي أخطرها- أو أمور متعلقة بما بعد الموت مثل الحساب ،أو في أمور العبادات".
أسباب استخدامها
وذكر أ.د حماد أنَّ الجهل بصحيح الحديث من ضعيفه في المجتمع أدّى إلى انتشار الأحاديث الضعيفة بين الناس دون علمهم بضعفها وعدم جواز روايتها، حتّى دور النشر التي تنشر آلافاً من الكتب التي تحتوي على الأحاديث الضعيفة سبب واضح في انتشار هذه الأحاديث.
ومضى شارحا:"قلّما تجدَ داعياً أو خطيباً لا يستخدم الأحاديث الضعيفة، فكثيرون أولئك الذين يستخدمونها في حياتهم اليومية الدعوية، والمشكلة أنَّ هناك أناساً تعجبهم الأحاديث الضعيفة والموضوعة لعدَّة أسباب أبسطها أنّها تلامس عواطفهم".
حكم روايتها
يؤكّد حماد أنَّ رواية الأحاديث الضعيفة غير جائزة –وذلك باتفاق من العلماء- وخاصة الأحاديث التي تتميّز بشديد الضعف، ولكن هناك بعض العلماء قالوا :" إذا كان الحديث في فضائل الأعمال الصالحة، ويرغّب الناس للقيام ببعض الأعمال ويرهبهم من بعضٍ منها، فيمكن استخدامه وروايته".
ومن جهةٍ أخرى، يرى العالم أنَّ من الأفضل عدم روايته والعمل به مطلقاً، معللاً ذلك بأن الأحاديث المقبولة والحسنة تغني عنه.
وأوضح أ.د حمّاد أنَّ الأحاديث الضعيفة لم تعد روايتها متوقفة على أعداء الإسلام مثل المستشرقين المعاصرين والزنادقة، ولم تقتصر روايتها على أهل البدع كالشيعة الرافضة، إنّما الكارثة أن تكون منتشرة بين الناس –المسلمين- بحيث يمكن وصفها بــ "الظاهرة المزعجة"، ناهيك عن استخدام وسائل الإعلام والخطباء وطالبي العلم للكثير من الأحاديث الضعيفة .
قلّما تجدَ داعياً أو خطيباً لا يستخدم الأحاديث الضعيفة، والمشكلة أنَّ هناك أناساً تعجبهم لعدَّة أسباب أبسطها أنّها تلامس عواطفهم
آثار روايتها
وأشار أ.د حمّاد رواية الأحاديث الضعيفة "تشوّش" من وضوح الدين والعقيدة الإسلامية، بحيثُ يبنى عليها الأحكام والمعاملات غير صحيحة، وبعضها يشرّع فساد الأخلاق والقيم، فتلقي الشك في نفوس المسلمين.
واستدرك يقول:" روايتها من المسلمين تعين المستهزئين بالدين من الاجتراء على الله بالمعاصي، والابتداع في العبادة".
ودعا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإعطاء دورات للدعاة وخطباء المساجد في الحديث النبوي الصَّحيح، وتوعية الناس بخطورة انتشار الأحاديث الضعيفة.
وأشار إلى دور وزارة التربية والتعليم في إعادة النظر بالمناهج الدراسية التي تدّرس للطلبة ولا سيّما التربية الإسلامية واللغة العربية.
وأضاف:"أنصح طلبة العلم بضرورة الالتحاق بدورات في العلوم الشرعية والحديث، والتلاوة التجويد، والتأكد من كلّ من بعض الأحاديث التي يقولها الخطباء والتثبت منها قبل نشرها بالرجوع إلى أهل الاختصاص".