وحدة الصَّف .. ضرورة لاستكمال مسارات الصَّحوة (2-2)

الرئيسية » بصائر الفكر » وحدة الصَّف .. ضرورة لاستكمال مسارات الصَّحوة (2-2)

أشرنا في الجزء الأول من المقال إلى ما وصلت إليه الحرب ضد المشروع الإسلامي في بلدان الربيع العربي وفي غيرها من مرحلة خطيرة، تستهدف حياة المشروع ككل

كما أوضحنا  كيف بدأت تتحالف كلّ القوى المناهضة للمشروع الإسلامي فيما بينها في مواجهته، بما فيها قوى كان بينها خصومة فكريَّة وسياسيَّة طويلة، مثل قوى اليسار والليبراليين في مصر وتونس، وبلدانٍ عربيَّة أخرى، والذين تحالفوا مع بعضهم البعض ومع غُلاة العلمانيين في مواجهة تيارات الصحوة الإسلاميَّة، و أوضحنا كيف تجد هذه الحالة  دعمًا كبيرًا من جانب الغرب، الذي يدعم بالسياسة والمال والإعلام أطروحات الليبراليين والعلمانيين ومعارضي التيار الإسلامي بشكل عام.

ونتحدث في هذا الجزي كيف أن هذا الوضع يستدعي تحصين الجبهة الداخليَّة، وهو ما لن يتأتى إلا من خلال توحيد الكلمة والموقف في الصف الإسلامي، أيًّا ما كان الاتجاه الفكري، وأيًّا ما كان المشروع السياسي.

الوحدة صنو الإيمان:

يقول الله عز وجل في سورة "الأنفال": "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)"، هنا الآيات لا لبس ولا مجال لسوء الفهم فيها، فبعد الأمر طاعة الله ورسوله "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" يأتي مباشرة الأمر الإلهي من لدن الله سبحانه وتعالى بتوحيد الكلمة والصّف، مع التحذير من أنَّ عدم طاعة مراد الله عز وجل، في هذا الأمر، لن يقود جماعة المسلمين إلاّ إلى الفشل وزوال المشروع برمته.

ويقول جل وعلا أيضًا في سورة "آل عمران": "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)".

وفي هذه الآيات أيضًا يُقْرِن ربُّ العزة سبحانه ما بين الإيمان وبين الوحدة ما بين المسلمين، فهو في الآية "102" يأمرنا بالإيمان، وأن نحرص على أن نموت ونحن مؤمنون، وبعد ذلك مباشرة يأتي الأمر بالاعتصام بحبل الله جميعًا، وعدم التفرق، في تكرار حكيم لما جاء في آية "الأنفال".

لذلك فلنحذر من الفرقة، ولنعلم أننا كمسلمين ومؤمنين أخوة، وفيما بيننا رابطة هي أقوى من رابطة الدم.. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة "الحجرات": "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..... (10)".

هذه الأفكار كلها تشير إلى أنَّ واجب الساعة الآن أمام التيارات الإسلاميَّة هو البحث عن صيغة للولاء للدين، وإعلاء رابطته ومصلحته، والبراء ممَّا هو دون ذلك من مشروعات وأفكار وخطط.

هي لحظة تاريخيَّة لو لم نتمكن منها؛ فسوف نكون مقصرين، ووقتها نخشى من أن يطبق علينا الله عز وجل سُنَّته التي خلت من قبل في الأولين ممن أضاعوا الصَّلاة واتبعوا الشهوات، وهي سُنَّة الاستبدال.. يقول عزّ وجل في سورة "التَّوبة": "إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)".

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …