نصائح لا تسمن و لا تغني من "حب"
يختلف عالم الواقع عن عالم التنظير الذي توفره بعض الكتب و خصوصا فيما يتعلق بالحياة الزوجية ذلك أن الواقع يتعامل مع روح و عقل بشري و أحساسيس و أفكار لا تتشابه حتى بين الأم و أولادها الذين تخلقوا في رحمها فكيف تتشابه بين رجل و امرأة، أقارب أو أباعد، عاشوا في بيئات مختلفة ما بين العشرين و الثلاثين ثم جاءوا ليجتمعوا تحت سقف واحد لتتحقق آية الله في الوحدة الوجدانية في قوله سبحانه"و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها".
و للأسف فإن معظم النصائح تتوجه للزوجة و لا يخلو بعضها من اتهام مبطن، و كأن نجاح الحياة يعتمد عليها لوحدها و الرجل سيد السيد الذي ينتظر على مائدة الحياة حتى يصله كل ما لذ و طاب!!! و من أغرب هذه النصائح الخارجة عن سياق الحياة المعاصرة ما ورد في أحد المواقع الالكترونية بعنوان: هل تصلحين و زوجة؟ و وردت فيه المقاييس التالية لإثبات الصلاحية:
إذا دخل زوجكِ البيت ولم تتركي كل شيءفي يديكِ وتذهبي لإستقباله والابتسامة في وجهك ومواساته بعد تعبه إذا فإنكِ لا تصلحين زوجة .
إذا إحتاج الزوج لمن ينسيه تعب العمل ومشاغله خارج المنزل ولم يجدكِ تهتمين فما فائدتكِ كزوجة !.
إذا كان زوجكِ لا يأكل من طبخ يديكِ ويذهب ويشتري الأكل من المطعم ولا يغسل ملابسه إلا عامل المغسلة إذا أنتِ لا تصلحين زوجة .
إذا كان لا يهتم لنظافة زوجكِ إلا عامل المغسلة ولا يأكل من يديكِ بل من يدين عامل المطعم بالرغم من أن عامل المطعم يديه كلها عرق إذا ما فائدتكِ كزوجة !.
إذا غضب زوجك ورددتي عليه الكلمة بعشر كلمات ورفعتي صوتكِ عليه إذا أنتِ لا تصلحين زوجة ،فالزوج يتحمل ضغوط الحياة،ومصاريفها وهموم إعاشة الزوجة ورعايتها وتولي شؤون البيت ورأسه مليء،بالمشاغل والضغوط والهموم ويعيش في مجتمع قاسي لا يرحم فمن الطبيعي أن يكون عصبي ،وينبغي للزوجة أن تهدأه وتصبر عليه إلى أن يهدأ أو تسمعه كلام جميل إذا غضب، وتكون حنونة معه لتنسيه كل معاناته،ومشاكله حتى تكون فعلا زوجة ولكن إذا لم تصبري عليه حتى يهدأ وتسمعيه كلام جميل يهدأه إذا ما فائدتكِ كزوجة ! .
إذا جلست مع زوجكِ في البيت ورائحتكِ غير جميلة أوغير أنيق إذا لا تصلحين زوجة .الزوجة لابد أن تكون بكامل زينتها وأناقتها أمام زوجها ولكن إذا كنتِ لا تتزينين ولا تتعطرين وتتنظفين إلا عند العزائم والمناسبات إذا ما فائدتكِ كزوجة !
إذا تكلم زوجك فاجعلي تركيزك وإنتباهك كله معه فلو تكلم وأنتِ لاهية في شيء من الأشياء مثل الكمبيوترأو التلفزيون ولم تعطيه أي إهتمام أوإنتباه إذا فأنتِ لا تصلحين زوجة.
الزوجة لا بد أن تشعر زوجها بأهميته وتشعر زوجها أنها تهتم لكل ما يتعلق به فلو لم يحس الزوج بأنكِ مهتمة له إذا ما فائدتكِ كزوجة ! .
هذه النصائح لا تأخذ بعين الاعتبار تغير الحياة و الأحوال الاقتصادية القاسية التي أخرجت المرأة من بيتها للعمل حتى قبل زوجها لتعيل الأسرة كما يعيلها ثم تعود بعده أو معه فأين الوقت للاستقبال و التهليل و الزينة من بعد معارك الحياة التي لا تنتهي بالرجوع الى البيت بل تستمر في تدريس الأولاد و شؤون المنزل.
و أين تقديم الرجل الذي وصفه القرآن "و قدموا لأنفسكم" و التقديم يعني المبادرة و السبق و لا ينحصر فهم الآية في علاقة الجسد و كأن الرجل يزرع العيال و الرعاية و القطاف و التعهد مسؤولية المرأة وحدها!! لقد قال أحد العلماء "كونك رجلا او امرأة ينوع شكل ابتلاءك و اختبارك و امتحانك في الدنيا، لكن جنسك لا يغير من جوهر الجزائية و المصيرية الى الله عزوجل شيئا" فالرجل مطالب بالتقديم كما المرأة ان لم يكن أكثر.
لقد كانت زوجات النبي صلى الله عليه و سلم يخاصمنه و يهجرنه فلا يزداد الا ودا و عطفا و إقبالا، و صاحت زوجة رجل من أشد الرجال مهابة في وجهه فاحتملها عمر بن الخطاب و التمس لها أعذارا، و حنت اعتماد الرميكية أن تغوص في الطين فملأ المعتمد بن عباد لها القصر طينا مشربا بماء الورد، فكيف تستوي هذه السير و هذه النصائح التي كتبها دلوع أمه أو دلوع زوجته أو كليهما؟!!
إن النصائح ما لم تكن قائمة على التعاون و التبادل و ثنائية التقديم فهذه ستفشل فشلا ذريعا و هذا ما أدركته الأعرابية دون تعليم فنصحت ابنتها: كوني له...يكن لك..
إن بعض الأزواج يستحق إحسانا و ابتكارا و تألقا فوق النصائح لأنه قدم حسن الكلمة و المعاملة و هو كل ما تريده المرأة لتقوم بالباقي محبة و طواعية و عن طيب خاطر، أما بعض الأزواج فصم بكم عمي لا يعقلون و لا تنفع فيهم نصيحة و لا إرشاد!
لقد نشرت جامعة ستانفورد دراسة تبين أن الزواج يطيل عمر الرجال و يحسن صحتهم،فماذا يا ترى يطيل عمر المرأة المتزوجة؟!
الجواب ليس في بطن الشاعر و لا في بطن الحوت إنه في قلب كل زوج محب يرى في الإحسان الى زوجته مدخلا الى الجنة