إرادة غزَّة تتحدَّى المعبر و نقص السولار

الرئيسية » بصائر الفكر » إرادة غزَّة تتحدَّى المعبر و نقص السولار
alt

يعيش قطاع غزَّة هذه الأيام حلقة جديد في مسلسل الحصار المفروض عليه منذ سنوات بفعل الاحتلال الصهيوني وبعض الأنظمة المتعاونة مع الصهاينة، التي كان على رأسها نظام الرئيس المصري المخلوع محمَّد حسني مبارك، فأهل القطاع يعيشون مرحلة جديدة من مرحلة صراع الإرادات؛ حيث يريدون لهذا الشعب الذي أسقطت أسطورة العدو الصهيوني في حرب الفرقان وطوال حرب الحصار أن ينشغل بالهرولة بحثاً عن الأمور المعيشية .

ورغم اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير والإطاحة بنظام مبارك الذي لعب دوراً فاعلاً في الحصار المفروض على شعب غزَّة معاقبة على انتخاب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلاَّ أنَّ سياسات النظام البائد لازالت تخنق اهالى القطاع  .

الوفد البرلماني المصري الذي زار القطاع خلال الأيام الماضية برئاسة الدكتور محمد السَّعيد إدريس رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب استطاع أن يرصد العديد من المشكلات التي يعاني منها أهالي غزة جرَّاء الاحتلال الصهيوني وجرَّاء الحصار المفروض عليه من الجانب المصري.

معاناة المعبر ..

وضع المعبر لم يشهد أيّ مرونة من قبل الجانب المصري؛ حيث لا يسمح  بعبور أكثر من 400 شخص يومياً رغم أنَّ هناك نحو 1000 فرد يطلبون العبور، 
فور وصول الوفد إلى معبر رفح البري وهو النافذة الوحيدة التي يتنفس من خلالها 1800  إنسان يقطنون قطاع غزة رصد العديد من المشكلات والمعاناة اليومية التي يعاني منها أهالى القطاع ؛  حيث استمع الوفد للعديد من شهادات المعاناة اليوم، كما أكد كامل ماضي وكيل وزارة الداخلية الفلسطيني أن وضع المعبر لم يشهد أيّ مرونة من قبل الجانب المصري؛ حيث لا يسمح  بعبور أكثر من 400 شخص يومياً رغم أنَّ هناك نحو 1000 فرد يطلبون العبور،  موضحاً أنَّ الجانب المصري يرفض في كثير من الأحيان عبور العشرات بدعوى أنَّ هناك سبباً أمنياً، دون أن يوضح أسباب الرفض، كما يستخدم الجانب المصري المعايير الإسرائيلية في عبور أو عدم مرور الفلسطينيين من المعبر، حيث يمنع على الأعمار التي تتراوح بين 18 الى 40 سنة العبور إلاَّ لضرورة، فإذا كان من أجل الدراسة فعلى الطالب أن يثبت ذلك، وإن كان من أجل العلاج، فعلى المريض أن يقدّم ما يدلّ ليس فقط على مرضه، وإنَّما على شدَّة مرضه، لافتاً إلى أنَّ هناك العديد من حالات الوفاة نشهدها على المعبر نتيجة تأخر عبورها  إلى مصر للعلاج.

وأشار ماهر أبو صبح مدير المعابر في غزة إلى أنَّ  هناك عشرات الآلاف من الفلسطينيين مدرجون على قوائم  المنع  من المرور عبر معبر رفح لدى الجانب المصري،  لافتاً إلى أنّ هذه الكشوف وضعت من قبل جهاز مباحث أمن الدولة الذي ذهب وبقيت كشوفه   . وقال: إنَّ هذه القوائم في الأساس سلمتها سلطة الرَّئيس عبَّاس أبو مازن، ومعظمهم من المنتمين إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)،  مشيراً إلى أنَّ مصر ترفض عبور  من 40 إلى 60 شخصاً يومياً ، واستعرض مسؤول المعابر بعض الحالات الغريبة التي منعت من دخول مصر؛ حيث منع أحد المرضى من الدخول في الوقت الذي سمح فيه لمرافقيه بالعبور   ، كما منعت عروس من العبور لمصر كانت ستزف لزوجها هناك وسمح لمرافقيها .

وأكَّد صبح للوفد البرلماني المصري أن الوضع على المعبر لم يتغيَّر بعد الثورة، وأنَّه ليس هناك تعديل في قوائم المدرجين.   

نقص السولار ..

أزمة المعابر  كانت بالنسبة للوفد البرلماني المشكلة الأقل خطورة؛ حيث قابلوا فور دخولهم قطاع غزة مشكلة  نقص السولار الذي هو عصب الحياة في غزة،  وهو ما جعل الدكتور أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني يناشد الوفد المصري فور مقابلته  لهم بمقر  " التشريعي الفلسطيني " أن يتحرّكوا باسم الإنسانية والجوار والعروبة لإنهاء أزمة  نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، موضحاً أنَّ مصر ليست شريك في اتفاقية المعبر مع الجانب الصهيوني حتى تظل تساهم في حصار غزة  ، وهو المعنى نفسه الذي أكّد عليه النائب فيصل أبو شهلة ممثل الكتلة البرلمانية لحركة فتح؛  حيث طالب بكسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، حتى لا تتحوّل القضية الفلسطينية من قضية حقوق وانتهاك أرض إلى قضية إنسانية تختص فقط بأزمات الوقود والكهرباء" .

تسبَّبت أزمة نقص السولار في شلل الحالة المرورية حيث اصطفت آلاف السيارات في طوابير أمام محطات الوقود تسببت أزمة نقص السولار في شلل الحالة المرورية , حيث اصطفت آلاف السيارات في طوابير أمام محطات الوقود ، كما خيم الظلام الدامس على غزة، وهو ما جعل وزارة الطاقة توزع الكهرباء على الأحياء بالتساوي   ، فنصيب كلّ حيّ  6 ساعات فقط يومياً من الكهرباء  ، وبالطبع ساهمت مصر بشكل  كبير في تفاقم الأزمة؛  حيث كشف  المهندس كعنان عبيد  رئيس سلطة الطاقة الفلسطيني عن  تراجع وزارة البترول المصرية عن إرسال السولار إلى قطاع غزة،  رغم  إبرام اتفاقية دفعت على إثرها غزة 2 مليون دولار مقابل  السولار

وقال للوفد البرلماني: إنَّه  تمّ الاتفاق مع الجانب المصري  على توصيل السولار إلى قطاع غزة عبر معبر رفح  بالسعر الدولي، وهو ما يعادل ألف دولار للطن إلاَّ أنَّ الجانب المصري يشير فيه إلى تسليم  السولار عبر معبر كرم أبو سالم  أي عبر الإدارة الإسرائيلية  .

أمَّا  الدكتور رفيق مليحة، المدير الفني لمحطة الكهرباء  الوحيدة بقطاع غزة فأكَّد أنَّ قوَّة المحطة أصيبت بعجز وصل إلى 70% ممَّا أسفر عن انقطاع التيار الكهربائى نحو 18 ساعة على مدار اليوم مقابل 6 ساعات فقط إنارة، مشيراً إلى أنَّ المحطة بحاجة إلى 700 ألف لتر سولار صناعي لتشغيل المحطة بشكل كامل.

وأشار إلى أنَّ المحكمة الإسرائيلية العسكرية أصدرت قراراً بدخول ما لا يزيد عن 60 ميجا فقط إلى القطاع، بينما تحتاج غزة إلى 360 ميجا.

كارثة طبية

وتفقد الوفد البرلماني حال العديد من المستشفيات التي تأثرت بشكل كبير بنقص الوقود والكهرباء؛  حيث حذّرت المستشفيات  من خطورة وفاة الآلاف خاصة من الاطفال في العناية المركزة والحضانات نتيجة انقطاع الكهرباء.

فعلى بعد نحو 500 متر من الحدود مع العدو الصهيوني في حي الدرج بالشجاعية  زار الوفد البرلماني مستشفى  امتلأت جدرانها برصاص قوات الاحتلال وهي مستشفي الشهيد محمد الدرة للأطفال  .

قال  الدكتور ماجد حمادة مدير المستشفي  للوفد : إن أزمة الوقود تهدّد حياة المرضى، وقال: لدينا مولدات للكهرباء التي تضمن استمرار عمل العناية المركزة  والأوكسجين إلاَّ أنَّ المولدات تحتاج للوقود  ، وأضاف حتى الإسعافات الاولية تحتاج الى الاوكسجين الذي يستلزم توفر الكهرباء مشيراً إلى أنَّ المستشفي تحتاج إلى 600 لتر سولار خلال المدَّة التي تنقطع فيها الكهرباء وهي 18 ساعة وأشار إلى أنَّ بعض الأطفال يأتون المستشفى في حالة صحية متأخرة نظراً لصعوبة وصولهم بلا مواصلات وهو ما أكَّدت عليه أم راضي فرحات إحدى قريبات أم نور فرحات  " خنساء فلسطين "؛ حيث أشارت إلى أنها أتت بحفيدها إلى المستشفى في وقت متأخر بعدما وجدت صعوبة في الوصول نتيجة ندرة المواصلات التي توقفت ، وأضافت وعندما وصلنا الى المستشفي كان لديه حالة اختناق وفور مدّه بالأوكسجين، انقطعت الكهرباء فجأة وتدهورت حالته الصحية، وتمَّ إسعافه  بالطرق البدائية .  
وقال مدير المستشفى: رسالتنا للعالم يجب اخراج الاطفال والمرضى من دائرة الصراع، وأن يجنّبنا التجاذبات، فلا نطلب الكهرباء من أجل الرفاهية أو الملاهي، لكنَّنا نحن طلاب حق في الحياة.

وخلال التقائه بوفد من مؤسسات المجتمع المدني، وقف الوفد البرلماني على مشكلة جديدة تواجه أهالي القطاع؛ وهي مشكلة نقص الدَّواء،  حيث كشف الدكتور منير البورش مسؤول الدواء بوزارة الصحة الفلسطينية أنَّ هناك 186 صنفاً من الدَّواء في غزَّة من جملة قائمة محددة هي 460 صنفاً رصيدها صفر،  وأنَّ هناك 200 صفر من المستهلكات الطبية من بين 963 صنفاً رصيدها صفر أيضاً. وأضاف كما أنَّ هناك 400 طفل يتناولون حليب الاطفال العلاجي، ولا يستطيعون العيش بدونه، ولا يجدونه في القطاع .

 

 

معلومات الموضوع

الوسوم

  • غزة
  • فلسطين
  • مصر
  • اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

    شاهد أيضاً

    إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

    الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …