يستوضح الكثير منا عن سبب نجاح الناجحين، وماذا يفعلون لينجحوا؟ وهل يملكون قدرات غير عادية تؤهلهم لهذا النجاح؟
وعلى النقيض من ذلك فعندما نرى الفاشلين نتعجب من فشلهم ونسأل ما الذي دفعهم لهذا الفشل، وهل هو راجع لضعف إمكانياتهم أم أن الحظ يلعب دورًا في ذلك.
والإجابة سنتعرف عليها من الفروق الجوهرية بين الناجحين والفاشلين، لنعرف من أين يبدأ طريق النجاح أو الفشل، وهي علامات فارقة بين الإنسان الناجح والفاشل، وهي كالتالي:
الأولى: الناجح يعرف ماذا يريد من حياته، فيضع خطة لها، ويعمل كل ما في طاقته لتحقيق أهدافه، ويأخذ بالأسباب، ويصر على تحقيق النجاح، فهو يستيقظ صباحًا نشيطًا يحدد مهام اليوم ويكتبها ويعمل بكل جد واجتهاد ومثابرة لإنجازها كلها، ويراقب النتائج ويعمل على تحسين خطته باستمرار بما يتناسب مع الظروف والأحداث الجديدة.
الفاشل لا يعرف ماذا يريد من حياته، فتراه يعمل قليلاً جدًّا وينتظر مكافأة أو ضربة حظ تنزل عليه من السماء لتحقق له ما يتمنى.. وهو ينشغل بالمسابقات والحيل في العمل، ويبحث عن الكسب السريع بلا جهد أو عمل، وهو يستيقظ صباحًا لا يعرف ما يفعله بيومه وتراه كثير المشاغل لكنه لا يكمل أمرًا.. فحياته تفتقد للنظام وليس له خطة أو هدف يتحرك من خلاله، فهو تائه لا يعرف طريقه.. يترك نفسه للحياة والظروف تتجه به أينما تشاء وكيفما تشاء دون تدخل منه.
الثانية: الناجح أكثر تفهمًا ووعيًا لنتائج تصرفاته وأعماله وأقواله.. فهو يفكر بعواقب كل شيء، ويحدد الأشخاص والأحداث التي من الممكن أن تسانده في تحقيق أهدافه ويسعى لجعلها في صفِّه، ومبدئه (أنجح وينجح معي الآخرون) فهو يصعد من خلال التعاون مع الآخرين.. فمن خلال نجاحهم يحقق نجاحه.
الفاشل طائش ومتهور، دائمًا لديه حالة من اللامبالاة بكل ما يقول ويعمل ويتصرف، فهو لا يهتم بما ينتج عن تلك الأقوال أو الأعمال من ردود أفعال على من حوله أو على نفسه، وبالتالي يعرض نفسه للكثير من المشاكل والمحن، ومبدأه في الحياة (أنا ومن خلفي الطوفان) يفكر في نفسه فقط، يريد النجاح ولا يهم مَن يدوس عليه في طريقه ليحقق هذا النجاح المزعوم.
الثالثة: الناجح يسير على نهج الناجحين ويتتبع خطواتهم.. يسأل عن أعمالهم وكيف قاموا بها، وكيف أصبحوا ناجحين ومتميزين فيها، وما اتبعوه من خطوات لإنجاحها، ويعمل مثلما يعملون لتحقيق نفس النتائج ويتقدم في حياته كما يتقدمون.
الفاشل يسير في الحياة بلا هدى، لا يخطط ولا يضع أهدافًا، ويترك الحياة تسير به أينما تشاء وتضعه أينما تشاء، ويكون خاضعًا دائمًا للظروف لا مسيطرًا عليها.
فإذا كان في عمل ما فلا بأس أن يكون موظفًا بسيطًا في الأرشيف، أو مندوبًا في المبيعات أو في العلاقات العامة.. فالمهم لديه استلام راتبه بانتظام ولا شيء آخر يهمه، فهو لا يسعى لشيء ولا يهتم بمستقبله وحياته ومكانته المهنية، ولا يرغب في ترك أية بصمات في مجال عمله أو حياته.
الرابعة: الناجح يجرب كل شيء وينتهز كل فرصة لتحقيق أهدافه أو لحل المشكلات والعوائق التي قد تقف في طريقه، فهو يرى في كل فرصة منحة تساعده على التقدم، وهو محب للتغيير.. فالتغير لديه يعني التطور والتقدم والاستمرار والنجاح، وهو يسيطر على حياته وعلى المتغيرات من حوله ويتحكم بها ولا ينتظرها حتى تأتى وتفرض قوانينها عليه.
الفاشل قابع في مكانه إلى ما شاء الله "لا يتحرك"، فهو يفضل الوضع الآمن والمضمون، ولا يجرب أي شيء جديد أو مختلف، وهو يمكث في نفس العمل طوال حياته، ويكون له نفس الأصدقاء والمعارف، ويذهب لنفس الأماكن، ويعيش في نفس المنزل حتى آخر حياته، فهو خائف من الجديد مرتعب من التغيير عدو للنمو والتطور، وهو يرى في كل فرصة محنة، ويركز على المشاكل والعقبات ولا يحاول حلها أبدًا، فالسلبية جزء من تفكيره وحياته.
والإنسان بهذا الشكل.. يعاني طوال حياته من التوتر والتوجس، ويخضع كل حياته وأسرته لسيطرة الظروف والمتغيرات لتتحكم فيه وتسيطر عليه.
الخامسة: الناجح يتمتع بالجرأة والشجاعة لتحقيق أهدافه، وما يؤمن به، يقول جون واين: (الشجاعة هي أن تكون خائفًا حتى الموت، ومع ذلك تمتطى صهوة جوادك).
فالشجاعة هي ما تجعلك تنجز أهدافك وتتغلب على كل المعوقات والتحديات، وتتخذ القرارات الأكثر جرأة لتحقيق كل ما تريده من الحياة.
الفاشل متردد دائمًا.. يتساءل في نفسه باستمرار (أفعل أو لا أفعل.. أقرر أم لا أتعجل)، فهو ينتظر سنين وسنين حتى يتقلص هدفه أمامه ويضيع ويتيه منه.. حتى عندما يقرر شيئًا يكون قد انتهى الوقت وضاعت الفرصة.
السادسة: الناجح يحب نفسه ومن حوله، ويدرك تمامًا قيمة الحياة، ويقيم لغة تفاهم وحوار مع العالم من حوله.. هذه اللغة التي تفتح له كل أبواب النجاح والسعادة، فهو يعمل ما يحب ويتقبل الحياة كما هي ويمشي وفق قوانينها، ويحب لأخيه في الإنسانية ما يحبه لنفسه.
الفاشل يكره نفسه ومن حوله.. فهو ناقم على الناس وعلى الحياة.. متمسك بمشاعر الغل والحقد والكراهية، وهي مشاعر تدفعه خلاف الفطرة وخلاف قوانين الكون.. فيكون لديه دومًا حالة من الاضطراب والغضب الداخلي المستمر، فهو متخاصم مع نفسه ومع الحياة.. فتراه لا يذوق حلاوة الحب أو حلاوة السلام مع النفس بل ويعتبرها خرافة أو غير موجودة، مما يدفعه لخسارة نفسه وكل من حوله، كما أنه لا يحب الخير لأخوته لذا ترى الحياة تسير دومًا معاكسة لكل ما يريد.
السابعة: الناجح يرى جميع الأمور الجيدة والسيئة والتي تحدث له على أنها فرص ومنح من الله سبحانه وتعالى، فهو المتفائل الأكبر في الحياة والذي يأخذ منها على قدر ما يستطيع، ويبحث عن الظروف التي يريدها، فأن لم يجدها يصنعها.
يقول تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن بي شرًا فله).
الفاشل يرى الصعوبة في كل شيء.. فهو متشائم على الدوام يتوقع دائمًا السيئ وكل ما ليس في صالحه، فهو يرى دومًا من الكأس النصف الفارغ ويتجاهل القسم المملوء، ويفتش عن أسباب وأعذار تقنعه أن الفشل حتمي ولا مفر منه، فيقول لنفسه دائمًا: (هناك معوقات في هذا الأمر – الظروف لا تسمح في كل الأحوال – أنا لا أصلح للقيام بعمل خاص... إلخ)، وهكذا تتوالى الأعذار حتى تضيع كل الفرص عليه، فهو ليس لديه الاستعداد لخوض معركة الحياة وتحقيق ما يصبو إليه من أهداف، أو ربما تراه يبحث عن من يقوم بالعمل بدلاً عنه ويحلم بالأرباح التي سيجنيها من وراء من يخوض معركته، وهيهات أن يجد هذا الشخص المنشود إلا في نومه.